الجيش يُحدث حضانة للأطفال بمخيم أمزميز .. ألوان الحياة تغلب قتامة الموت

الإثنين 18 سبتمبر 2023 - 08:03

أمزميز ــ يبدو أن في هذا المخيم العسكري بأمزميز شيئا جديدا اليوم، ويتعلق الأمر بحضانة تقع داخل المخيم بناصية المطعم؛ كلما اقتربت الأقدام من هذا “الفضاء الطفولي”، كلما ازداد الصخب وظهرت ألوان الحياة لدى لفيف من الأطفال تتفجر من جديد، أطفال رسم “زلزال الحوز” واقعا نفسيا متأزما لديهم، كما عاينت ذلك هسبريس منذ يوم الفاجعة، وما تلا ذلك من تضافر للجهود.

الأغاني والأناشيد وأنشطة ترفيهية يستفيد منها العديد من الأطفال الذين يقيمون مع ذويهم بالمخيم العسكري الذي يأوي أزيد من 1000 شخصا، بحيث عبرت “الساكنة الكائنة بالمخيم عن ترحيبها بفكرة الحضانة، بوصفها فرصة لانتشال الأطفال من الشرود، ومن ذاكرة الزلزال القاسية وترتيب مصالحة مرحلية مع الفصول الدراسية أو الاستعداد الجيد لها”.

في الصدد ذاته، قال مسؤول عسكري، في تصريح لجريدة هسبريس، إن “إحداث الحضانة يأتي في إطار تقديم الخدمات الحيوية المجتمعية والحياتية للساكنة بالمخيم، خصوصا شريحة الأطفال”، مؤكدا أن “العديد من الأنشطة التي تخولها لهم هذه الحضانة تساهم في إعادة نوع من التوازن إلى صحتهم النفسية، لا سيما أن الدعم النفسي يدخل ضمن المهمات التي يقدمها المخيم منذ إحداثه”.

وقال المسؤول عينه إن “الحضانة الآن تشمل نحو 44 طفلا وطفلة، مقسمين على أربع مجموعات، بمعدل 11 طفلا وطفلة في كل مجموعة، يستفيدون من حصص صباحية ومسائية”، مسجلا أن “هناك أنشطة عديدة كـ”الرسم والتلوين” وأيضا “العجين” و”الألعاب التربوية”، وكذلك “الصباغة” بالإضافة إلى “المهارات الحسية والحركية”، خصوصا بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة”.

وبينما يوجد العديد من النساء يراقبن الوضع، كانت فاطمة مومن تنظر إلى ابنتها بسمة في الداخل وهي تمرح وتلعب، فتوجهت إليها هسبريس لتسألها عن أثر هذه الحضانة على صحة ابنتها النفسية، إذ قالت بكل تجرد: “صارت ابنتي أكثر أريحية بعدما تم إحداث هذه الحضانة، فقد ساهمت بقوة في جعلها تبتسم وتشعر بالانتماء إلى جيلها وأنها طفلة يطلب منها فقط أن تفرح وتنمو وليس شيئا آخر.

وأضافت المرأة المنحدرة من أمادل بأمزميز، وهي تتحدث بنوع من الامتنان، أن “المخيم أخرج ابنتها من حالة صعبة بحيث كانت كلما سمعت صوت الشاحنات تعتقد أنه اهتزاز الأرض مجددا، الآن بعدما تأتي من الحضانة، لا تتذكر شيئا مما مضى، تتحمس فقط لفرصة أخرى لتذهب إلى الحضانة”، مردفة: “صارت الآن تخرج أكثر وتستفيد وتنشط ديناميتها كطفلة”.

من جانبه، شكر مصطفى أوشن، والد إحدى الطفلات، من دوار درع بوعدي، ما “قدمه الملك والقوات المسلحة الملكية خلال هذه الفاجعة، لا سيما فيما يتعلق بالتفكير في الطفولة باعتبارها شريحة هشة وفئة حيوية بالمنطقة التي أنهكها الزلزال”، مشددا على أن “الطفلة لم تعد تريد الخروج من الحضانة، لكونها وجدت متنفسا طفوليا يتسع لما ترغب به، بما يخدم احتياجاتها العاطفية”.

وأكد أوشن، وهو يتحدث إلى هسبريس أمام مدخل الحضانة المذكورة بالمخيم العسكري، إن “ساكنة الدوار تشجع هذه المبادرة وتدعو الجمعويين والمؤسسات العمومية والجهات الحكومية الأخرى إلى تعميمها مرحليا نظرا لأثرها البيداغوجي الجيد”، مبرزا أن “الأطفال الذين يرافقون ابنتي بعد كل حصة يتضح أنهم صاروا يشعرون بدفء جديد، يزكي الذكاء العاطفي لديهم كأطفال”.

وأفاد المتحدث بأن “طفلته تتمسك بالذهاب إلى الحصص وتحرص وتواظب على التوقيت، وهذا الحرص حين يحضر عند طفلة فهذا يعني أن هناك شيئا لا نستطيع فهمه تعثر عليه هناك، قد نقول الأمان والاستقرار والحماية، باعتبارها أهم الحاجيات الطفولية بعد الزلزال”، مسجلا أن “التداعيات التي نجمت لدى الجميع خطيرة، لكنها تكون أعمق عند من لا يدركون فعلا ما الذي حدث، خصوصا الأطفال”.

ويبدو أن ما قالته مومن وأوشن تتقاسمه معهما أم لطفلة، تسمى آمنة آيت السي، كانت تراقب ابنتها داخل الحضانة من الخارج؛ فكل شيء على مرمى العين الآن، إذ أوردت: “تعود ابنتي إلى الخيمة بنفس جديد، بحيوية مغايرة. لذلك، أريدها أيضا أن تذهب قدر المستطاع وأن تستفيد نفسيا ودراسيا من هذه الحضانة التي أحدثتها القوات المسلحة”، مؤكدة: “ابنتي صارت، الآن، تتدرب على حياة أخرى بعد الزلزال”.

وأجملت: “حين آتي هنا، ألاحظ كيف يعاملون هؤلاء الأطفال، يخصونهم بعناية بالغة، ويعاملونهم بسعة خاطر كبيرة”، لافتة إلى أن “الأطفال صاروا يندمجون مع بعضهم، والدور الذي تقدمه الحضانة حتى في الأوقال العادية ليس ترفا، بل يؤدي إلى نتائج مهمة تساعد على بناء شخصية الطفل وانخراطه في الأسرة والمجتمع، ورسم مسار أكاديمي مشرف”.

مملكتنا.م.ش.س/وكالات

Loading

مقالات ذات صلة

الأحد 6 يوليو 2025 - 22:44

استفحال ظاهرة التسول بالفقيه بن صالح يثير قلق الساكنة

الأحد 6 يوليو 2025 - 22:32

الرباط .. انطلاق أشغال المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا بمشاركة باحثين من أزيد من 100 بلد

الأحد 6 يوليو 2025 - 21:50

موجة الحر تدفع الشباب إلى المخاطرة بالسباحة العشوائية

الأحد 6 يوليو 2025 - 18:06

الرباط .. تنظيم حفل ديني احتفاء بالعام الهجري الجديد