سكان طنجـــــــة يحوّلون أزقتها إلى لوحـــــــــــات فنية
ينشر شباب من أحياء مدينة طنجة، الملقبة بعروس الشمال في المغرب، صوراً لأحيائهم السكنية، بعد صباغتها وإعطائها صورة جديدة، في سياق حراك بيئي جماعي وعلى غير العادة، يتغير وجه الأزقة لتتلون وتتنظف بسواعد شابة، أخرجت الأحياء من خمولها الروتيني صوب صفحة جديدة من النشاط والنظافة واللمعان.
لم يكن أحدٌ يعرف أن عطلة مدرسية ستتحوّل إلى عمل غير الصورة النمطية المرتبطة بالأحياء الشعبية في المدن المغربية، والتي تقول إنها مرتع للأوساخ والأزبال، حين قررت أمهات، في مدينة طنجة شمال المغرب، الاستعانة بأطفالهن لتنظيم حيّهن وتزيينه، إذ قمن بتبليط الشوارع بأنفسهن، وغرسن أشجاراً هنا وهناك.
أُعجب الشباب بالمبادرة، ليبدؤوا بالتفكير في طريقة ما للإبداع في الاعتناء بحيهم السكني، إلى أن أصبح مثل لوحة فنية مرسومة بعناية، وهو ما أثار غيرة أبناء الأحياء الأخرى من طنجة، ليقرروا تقليدهم، قبل أن يتحوّل الأمر إلى مسابقة لاختيار “أكثر الأحياء أناقة” في المدينة.
أصــــل الحكايـــــة
يقول سفيان ولاد الطالب، أحد سكّان الزقاق 146 بحي بن بطوطة في مدينة طنجة، لـ”هافينغتون بوست عربي” إن فكرة تزيين الأحياء والاعتناء بأزقتها ظهرت أول مرة في عيد الأضحى الأخير، حين قرر سكان حي “الإنعاش” بمنطقة بني مكادة في طنجة أن يقوموا بإحداث تغيير جذري في حيهم، بتنظيفه وصباغته.
فيديو عمل الطلّاب عرف حينها انتشاراً واسعاً على الشبكات الاجتماعية بالمغرب، إلى درجة أن البعض تساءل عمّا “إذا كان الأمر يتعلق بإعلان تجاري”.
ويضيف سفيان أن الفيديو انتقل بين سكان مدينة طنجة، ليقرر آخرون القيام بنفس الأمر في أحيائهم السكنية، إذ لم يعد يكتفي كثيرون منهم بعمل شركة النظافة التي تمرُّ من أمام منازلهم في أوقات محددة في اليوم، بل أخذوا على عاتقهم مهام تنظيف الشوارع والأزقة، والرسم على الجدران، وإعادة صباغتها حتى أصبحت أشبه بمتنزه.
مسابقة أجمل حي في المدينـــــة
ولتشجيع المبادرة وتحفيز السكان، نظّمت مسابقة لاختيار أجمل حي في مدينة طنجة؛ لجنة التحكيم تضمّنت مثقفين وحقوقيين وإعلاميين وفنانين ومعماريين يطوفون 13 حياً، ليقفوا على مدى نظافتها وجمالها وتناسقها، وحجم مشاركة سكّانها في التنظيف، ومدى استمرارية حفاظ الأحياء على حلَّتها الجديدة.
وبخصوص الجائزة، يقول ربيع الخمليشي، من مرصد حماية البيئة بطنجة المنظم للجائزة إن “الجميل في المسابقة أن الأمر يتعلق بالأحياء الهامشية كما يتعلق بالأحياء التي تقع في قلب المدينة، وتأتي هذه المسابقة تكريماً لهذه المبادرة وصنّاعها”.
لن ننتظر المســـــــــؤولين
وعلَّق بعضٌ من متابعي المبادرة على الشبكات الاجتماعية بأن مسؤولية النظافة والاعتناء بالأحياء من مسؤولية “جهات حكومية موكول لها بذلك، ولا تتوجّب على السكان”، غير أن سفيان ابن الحي يرد على ذلك بالقول “إن الحديث عن وجود مسؤولين على النظافة أمر صحيح، لكن إلى متى سننتظرهم ليقوموا بعملهم؟ لقد قرر كل منا أن يبدأ من باب منزله، وإذا أراد المسؤولون بعد ذلك أن يتعلموا منا ويساعدوا الأحياء الأخرى فسيكون أمراً جيداً”.
وحذر ربيع الخمليشي المسؤولين من أن يعتبروا هذه المبادرات “بديلاً عن عملهم”، بل يجب عليهم “أن يروا في ذلك رسالة راقية من السكان إليهم حتى يتحملوا مسؤولياتهم”، حسب تعبيره، مذكراً بأن “المفارقة تظهر حين تجد حياً نظيفاً وجميلاً ويعاني من مشكلة غياب الإضاءة التي هي مهمة المسؤولين”.
مملكتنا.م.ش.س