لم تفلح حكومة ابن كيران في تفعيل مقترح الحكم الذاتي ووضع الآليات المناسبة للترويج له على المستوى الدولي، فدخلت المعارضة المغربية على الخط لتشكّل هيئة دائمة موحدة هدفها الحسم في هذا النزاع الإقليمي الذي طال أمده.
كما دفعت الأوضاع الأمنية المتدهورة في تندوف بنشطاء حقوق الإنسان إلى دعوة المجتمع الدولي للنظر في الملف الصحراوي ضمن الأطروحة المغربية.
وأكد مصطفى جياف، ناشط حقوقي مغربي، أن التنظيمات الجهادية اخترقت جبهة البوليساريو وهو ما يهدّد أمن واستقرار المنطقة، خاصة وأن العديد من التقارير الاستخباراتية أفادت أن الانفصاليّين يتعاملون بشكل مباشر مع الجماعات المتشددة.
وأشار جياف في تصريحات لـ”العرب”، إلى تقرير استخباراتي ياباني لسنة 2014 أثبت أن جبهة البوليساريو تنسّق مع تنظيمات إرهابية كتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وجماعة بوكو حرام، من خلال تورطها في الاتجار بالبشر والسلاح وتهريب المخدرات.
وفي نفس السياق أكد عدد من الخبراء الأمنيّين أن مخيمات تندوف أصبحت ملاذا آمنا للجماعات المتشددة التي تمكنت من تجنيد عشرات الصحراويّين ضمن صفوفها، مستغلّة غياب الرقابة وتواطؤ الجبهة معها لترهب اللاجئين هناك، مشدّدين على ضرورة إيجاد حلّ عاجل لهذه القضية الإقليمية.
وأمام تدهور الأوضاع في تندوف واحتجاج العديد من الصحراويين، الرافضين للأطروحة الانفصالية، ضدّ استغلال البوليساريو للمساعدات الدولية وانتهاكها الممنهج لحقوق الإنسان، قامت أحزاب المعارضة المغربية بتكوين هيئة سياسية لتفعيل مقترح الحكم الذاتي باعتباره الحل الأنسب والأكثر مصداقية، حسب تقديرات مسؤولين كبار في الولايات المتحدة، لملف الصحراء. وهو ما أكده حميد شباط، أمين عام حزب الاستقلال، بقوله: “قضية الصحراء قضية محورية ويجب الدفاع عن وحدة المغرب الترابية بتقديم كل الحجج المنطقية عن نجاعة مقترح الحكم الذاتي”.
وانتقد شباط تعامل حكومة ابن كيران الإسلامية مع الملف الصحراوي حيث اعتبر بأنها تتقاعس ولا تتعامل بجدية مع هذا الملف الحساس، مضيفا “لا ننتظر من أحزاب التحالف الحكومي أي شيء في هذا الشأن”.
واقترح زعيم حزب الاستقلال المعارض أن يتمّ البدء في معالجة مشاكل الأقاليم الجنوبية من خلال طرح معاناة الصحراويّين ضمن المجالس البرلمانية وتكثيف المراسلات معهم.
وشدّد على ضرورة “التعامل الفعال والجاد مع ملفات التشغيل والاهتمام بالأشخاص العائدين من مخيمات تندوف وصولا إلى الاستثمار داخل المنطقة”.
يشار إلى أن أحزاب المعارضة المغربية قررت تشكيل هيئة دائمة للتحرك على الصعيدين المحلي والدولي للترويج لمقترح المغرب بمنح أقاليمه الجنوبية حكما ذاتيا موسعا، وتمخّض القرار إثر اجتماع بمقرّ حزب الأصالة والمعاصرة بحضور الأمناء العامين لكل من الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري.
وكشف الأمناء العامون لأبرز أحزاب المعارضة في المغرب، عن خارطة طريق للدفاع عن قضية الوحدة الترابية والتعريف بمقترح الحكم الذاتي ضمن برامج وخطط دقيقة هدفها الحسم النهائي في هذا النزاع المندلع منذ أربعة عقود.
وخلال نفس الاجتماع، أوضح مصطفى بكوري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، أن “قضية الوحدة الترابية دخلت في مرحلة وجب معها تغيير التعامل وطرق الدفاع عنها في كل المحافل”. وأضاف بكوري أن خارطة الطريق التي تمّ الاتفاق حولها ستمتد طيلة سنة 2015، وأن لها برامج وأهدافا واضحة على المستويات الدبلوماسية والسياسية والإدارية والاجتماعية.
من جهته، أشار إدريس لشكر، رئيس حزب الاتحاد الاشتراكي، إلى أن “أحزاب المعارضة قرّرت أن تكون سنة 2015 سنة الحسم في قضية الصحراء وذلك بالعمل على تفعيل مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية”.
وتتجه أحزاب المعارضة من خلال هذه المبادرة إلى التعبئة لتحرك دبلوماسي نحو آفاق أرحب، وذلك بالانفتاح على الدول الإنكلوفونية، بعدما ظلت مبادرات كثيرة للمغرب تحوم حول النطاق الفرنكفوني، وذلك بهدف استمالة داعمين أكثر.
وعن الأرضية التي سيجري الانطلاق منها، تم التأكيد خلال الاجتماع على الاعتماد على قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالنزاع، فضلا عن مضمون الحكم الذاتي، وخلاصات المفاوضات، والخطب الملكية، وخطة تنمية الأقالِيم الجنوبية.
ويضع المغرب قضية الصحراء على رأس أولوياته في الحراك الدبلوماسي ورفض الانضمام للاتحاد الأفريقي بعد أن قبل بعضوية جبهة البوليساريو.
وفي نوفمبر الماضي، أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس أن الصحراء المغربية ستظل تحت السيادة المغربية “إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها”، موضحا أن “مبادرة الحكم الذاتي هي أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب” لحل هذا النزاع.
وحظيت مضامين مبادرة الحكم الذاتي بإشادة مجلس الأمن الدولي، باعتبارها حلا واقعيا ومنسجما مع مقتضيات الشرعية الدولية، ومبادرة تضمن لكافة الصحراويين دورهم الكامل في مختلف هيئات الجهة ومؤسساتها.
مملكتنا .م.ش.س