أكد الأستاذ في القانون والخبير الدولي في قضية الصحراء، عبد الحميد الوالي، أن الخطاب الملكي السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس للأمة، بمناسبة الذكرى 39 للمسيرة الخضراء، “يمثل علامة فارقة لأنه يضع النقط على الحروف ، بدعوته جميع الفاعلين المعنيين إلى تحمل مسؤولياتهم”. وقال السيد الوالي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إنه كان هناك ترقب كبير للخطاب الملكي خصوصا في أروقة الأمم المتحدة بفعل “المأزق” الذي توجد فيه مهمة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، كريستوفر روس و”التعقيدات التي يشهدها ملف الصحراء بسبب التردد والسياسة غير الواضحة بما يكفي ،من قبل هذا المبعوث الشخصي نفسه “.
وقال إن الخطاب الملكي ” يتميز أيضا بكونه تناول جميع جوانب ملف الصحراء، سواء على الصعيد الخارجي أو الداخلي”. وأشار في هذا الصدد إلى الدعوة الموجهة للأمم المتحدة وخصوصا للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي ، وللولايات المتحدة لاتخاذ ” موقف واضح” في قضية الصحراء ، لا سيما فيما يتعلق بسياسة الجزائر، التي تعمل عبر توظيف البترودولار وعائدات الغاز على أن تحشد ضد المغرب ، دولا أجنبية ومؤسسات دولية ومنظمات غير حكومية أجنبية، لتشويه صورته ، وخاصة في مجال حقوق الإنسان. وركز الأستاذ الوالي أيضا على الرد الواضح الذي قدمه جلالة الملك للذين يأملون ، في إطار الأمم المتحدة أو في بعض الدبلوماسيات الأجنبية ، في أن يقدم المغرب المزيد من التنازلات من أجل تسوية نزاع الصحراء .
وأوضح الخبير الدولي أن ” الرد الملكي كان واضحا وحاسما ” لأن جلالة الملك جدد التأكيد على أن “المغرب سيظل في صحرائه والصحراء في مغربها” وأنه لن يقبل أي حل ينتهك سيادته مشددا جلالته في نفس الوقت على أن الحل الوحيد الممكن هو مخطط الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية. وأضاف الخبير الدولي أن الخطاب الملكي أثار أيضا المناورات المتواصلة لخصوم المغرب والذين سعوا في السنوات الأخيرة ، مستفيدين من تواطؤ أولائك الذين أوكلت لهم مسؤولية ضمان حسن سير المفاوضات التي أطلقتها الأمم المتحدة في سنة 2007 ، إلى إفشال هذه المحادثات .
وأبرز الأستاذ الوالي أن النقط الأخرى القوية في الخطاب الملكي تتمثل على الخصوص في “النقد الواضح” لأطروحات خصوم المغرب ، الذين يسعون إلى تضليل الرأي العام الدولي فيما يتعلق باستغلال الموارد الطبيعية للصحراء ووضعية حقوق الإنسان في المنطقة. وأضاف أن جلالة الملك قد أظهر بالأرقام أن الدولة المغربية قد استثمرت في الصحراء سبع مرات أكثر مما استفادت منها، وأن الصحراء تركها الاستعمار الإسباني في وضع مزري ، وبأن مؤشرات التنمية أعلى في الصحراء الآن مما هي عليه في مناطق أخرى من المملكة. وأشار الوالي أيضا إلى أن جلالة الملك ذكر باعتراف المؤسسات الدولية والقوى الغربية على غرار الولايات المتحدة ، بالوضع الإقليمي للمغرب باعتباره “نموذجا” بالنسبة لدول الجنوب في مجال التطور الديمقراطي وحقوق الإنسان ويؤكدون أن الصحراء منطقة مفتوحة يمكن أن يدخلها في أي وقت محققون من الامم المتحدة.
وقال الخبير الدولي إن جلالة الملك محمد السادس حرص على أن يوضح ، لخصوم المغرب وللأمين العام للأمم المتحدة، أن قضية الصحراء ليست مسألة تصفية استعمار ، ولكنها نزاع مصطنع افتعلته الجزائر التي تسعى إلى تشويه صورة المملكة. وأضاف أن الخطاب الملكي استعرض أيضا حصيلة الانجازات الاجتماعية والاقتصادية في الأقاليم الجنوبية للمملكة مؤكدا أن جلالة الملك يعتزم أيضا “وضع حد لوضعية الريع والامتيازات التي يتمتع بها بعض الأشخاص في الصحراء عن طريق إرساء ، انطلاقا من السنة المقبلة، نوع جديد من الحكامة ونموذجا آخر للتنمية ، وذلك في سياق تنفيذ مخطط الجهوية المتقدمة “.
وأكد على أن الخطاب الملكي يكتسي طابعا مؤسسا ، يرسم، بالنسبة للسنوات القادمة، التوجهات والخطوط العريضة لسياسة المغرب المتعلقة بقضية الصحراء.