ماربيـــــــا … الإسترخاء على شواطئ جميلة البحــــــــــر
- زيارة سياحية إلى جنوب أسبانيا تكفي السائح لينعم بكنوز الماضي الدفينة بين أحضان مدينة ماربيا التي تفوح من بين جنباتها الروح العربية الأصيلة محاكية آثار الطابع المعماري الإسلامي القديم الذي يسيج كامل المدينة المزدانة كذلك بطبيعة تملأ الربيع شذى وبهاء.
تمتلك أسبانيا العديد من عناصر الجذب السياحية، علما وأن سياحتها تصنف الأكثر تطورا في العالم ويرتبط هذا التصنيف، عموما، بكونها تجمع بين جنابتها أجمل المدن تنوعا وثراء، وحضارة من أعرق الحضارات.
وما ساعد أسبانيا كذلك على أن تكون قبلة السياح أنها محاطة من كل جانب بأكثر من بحر ومحيط، لا سيما وأنها تستقطب في هذا الوقت من السنة زوارا يتجهون جنوبا حيث تقبع جوهرة تتلألأ آخذة من اسمها “جميلة البحر” أو “ماربيا” بريقها.
وأكثر ما يميز مدينة ماربيا القابعة في مقاطعة ملقة على بعد 40 كيلومترا جنوب شرقي أسبانيا، عن غيرها من المدن أن اسمها ورد في سجلات القرون الوسطى باللغتين اللاتينيّة والعربيّة.
كما أن هذه المدينة تتمتع بمناخ معتدل على مدار فصول السنة الأربعة، خال من الرطوبة، بجانب أنه يحمل نسائم تلطّف الجو وتنعشه، بالإضافة إلى أن شاطئها الذي يدعى “شاطئ الشمس”، ويمتد من مدينة ملقة إلى مدينة الجزيرة الخضراء، يسهم في جذب السياح العرب والأجانب الباحثين عن الشمس والراحة، علما وأنها تحتوي على مجموعات سكنية وفنادق راقية تحمل الطرازين الأندلسي والعربي لتوفر مأوى آمنا ومريحا للزائرين.
ويفضل البعض فور الوصول إلى هذه المدينة الذهاب مباشرة إلى “بويرتو بانوس” وهو ميناء بجانب ماربيا يعد المنطقة السياحية الأولى فيها وقبلة السائح المفضلة، وهناك من يخير قضاء بعض الوقت في الأماكن المجاورة للمدينة، علما وأنها تتميز بقربها من عدة مدن وقرى صغيرة أقربها “استيبونا”و”سان بيدرو” اللتان تبعدان عنها بالتوالي حوالي 5-7 كلم.
“بلازا دي لوس نارانخوس” قلــــــب ماربيا المليء بأشجار البرتقال التي تملأ الربيع بشذاها وتمنح ظلها للسيـــــــــــــاح
كما أن زيارة هذه القرى والمدن المجاورة لا تستغرق وقتا طويلا مما يستوجب المبيت بعيدا عن ماربيا، إذ بإمكان السائح من هواة القرى زيارتها جميعا والعودة في نفس اليوم بالتاكسي أو الباص أو عن طريق استئجار سيارة وهذا يعد من أفضل الوسائل وأنجعها.
أجمل منتجعات المتوســـــــــــــــــــط
لا يكفي أن ماربيا جوهرة أسبانية فهي أيضا منتجع من أجــمــل منتجعات البحر الأبيض المتوسط، فضلا عن أنها تتصدر قائمة مدن المنتجعات في أسبانيا بأشجار النخيل المصفوفة والنوادي الشاطئية الفاخرة، وملاعب الغولف التي تلبي احتياجات الزبائن المقتدرين.
ومع ذلك يظل الاستمتاع بالشواطئ الرملية والمراكز التاريخية الغريبة نقطة تميز أخرى للمدينة، لا سيما وأنها منذ ثمانينات القرن العشرين عرفت طفرة هامة في المجال السياحي خاصة في ما يتعلق بتجديد هذا القطاع فانتشرت الفنادق الفخمة، والمجموعات السكنية الراقية التي شيدت على الطراز الأندلسي العربي والحدائق الجميلة المنتشرة في كل مكان.
وفي إطار تهيئة المدينة بما يليق باستقبال وفود السياح وقع إعداد مرفأ خاص لاستقبال يخوت أثرياء العالم، فضلا عن تشييد قصور فخمة لإقامتهم.
وأهم ما يمكن أن يحظى به الزائر منذ أن تطأ قدماه أرض ماربيا حفاوة سكانها الذين يرحبون بالزوار ويبتهجون لقدومهم ويعاملونهم معاملة لطيفة.
وبالعودة إلى بعض الشذرات التاريخية نجد أن ماربيا كانت بلدة صغيرة، ومع ذلك أخذت حيزا هاما من اهتمام بعض الأدباء بوصفها ذات أهمية كبيرة في تاريخ الأندلس إبان الوجود الإسلامي، ويعود ذلك أساسا إلى موقعها الجغرافي بالقرب من مضيق جبل طارق.
وقد وصفها المؤرخ الأسباني، فرنندو ألكلا مرين، في كتابه “ماربيا المسلمة” بالقول “تاريخ ماربيا حافل بالآثار العمرانية التي زال أكثرها عبر القرون. ولكن ما هو موجود حاليا جدير بالدراسة والترميم والصيانة”.
وقال عنها الرحالة ابن بطوطة في كتابه “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”، إن ماربيا مدينة تفيض بالأغذية المتنوعة لكثرة مزارعها ومواشيها.
وممّا يذكر عنها أيضا في كتب التاريخ أنها كانت مدينة مسوّرة بقلعة كبيرة، لها ثلاثة أبواب مصنوعة من المعدن والخشب وقد بنى المسلمون أبراجا بعضها مستدير الشكل وبعضها مربع وما زال بعضها الآخر قائما إلى يومنا هذا يجول داخلها السائح مبهورا بالروح الأندلسية العربية بأزقتها وبيوتها وشرفاتها المزينة بالأزهار.
وتعرف مدينة ماربيا القديمة بأنها مدينة عربية مغاربية التصميم تعرف ببيوتها البيضاء القديمة وشوارعها المرصوفة بالحصى التي تظللها الأشجار الوارفة والمنازل ذات الطابع الشرقي التي تزين شرفاتها الحديدية العديد من المشربيات القديمة ونباتات الزينة.
وقد تحولت بعض هذه الآثار القديمة إلى وجهات أخرى، فالسوق الكبير الذي كان يقع خارج أسوار المدينة تحول اليوم إلى حديقة البلدية، بينما حافظت ماربيا على بعض الأسماء العربية مثل: نوالة وبنوحبش وخشين.
كما أن بعض أنهارها لا زال يحمل بعض الأسماء العربية أيضا كـ”وادي عيسى” و”وادي المنيا”.
|
ربيـــــــــــع بشذى البرتقـــــــــال
كانت منطقة “بلازا دي لوس نارانخوس” مركزا للحياة الحضرية في المدينة القديمة ثم أصبحت هذه الساحة الجميلة قلب ماربيا، حيث يقصدها السكان المحليون والسياح للقاءات والاسترخاء، خصوصا وأنها تحتوي على مجموعة من أشجار البرتقال المزروعة في وسطها، فتملأ المكان بشذاها المعطرة بروائح الأشجار خلال فصل الربيع.
داخل هذه الأجواء العاطرة تصطف مقاعد المطاعم في الهواء الطلق تحت الأشجار الظليلة حيث توفر لزائرها الفرصة لينعم بالراحة والاستجمام وسط هذا المنظر الرائع. ولا تقتصر عوامل الجذب في البلازا على المناظر الطبيعية الخلابة فقط بل يوجد العديد من المباني الأثرية التي يمكن زيارتها والتعرف على تاريخها.
بويرتـــــــو بانــــــــــــوس
ولو ألقى السائح نظرة معمقة في جذور تسمية المدينة ماربيا لتبين له أنها تعني “جميلة على البحر”، ومما لا شك فيه أن القدماء عندما أطلقوا عليها هذا الاسم كانوا على بينة تامة من روعة شواطئها الرملية، علما وأنها تضم بين جنابتها العديد من الشواطئ التي يمكن للسائح أن يختار بينها وأقربها إلى مركز المدينة هو شاطئ “فونتانيلا بلايا” ويقع على بعد مسافة قصيرة من البلدة القديمة ويمكن الذهاب إليه سيرا على الأقدام.
ولا يفوت الزائر التنبه إلى أن جميع الشواطئ في ماربيا مزوّدة بالخدمات الأساسية كالحمامات ورجال الإنقاذ الذين يعملون على مدار الساعة خلال فصل الصيف.
ويعد “مرسى بانوس”، الذي يقع على بعد 10 كيلومترات فقط من قلب مدينة ماربيا، أفضل مرسى لليخوت في أسبانيا، والأكثر شهرة وألفة للسياح، ويضم مجموعة كبيرة من المتاجر الراقية والمطاعم الفاخرة التي تصطف على هيئة مدرجات في الهواء الطلق مطلة على البحر مباشرة كما أن هذا المرسى يقدم جميع الخدمات الملاحية، بالإضافة إلى توفيره لكل مرافق الرياضات المائية والنوادي الشاطئية، لينعم السائح بجولات مميزة .
مملكتنا.م.ش.س/عرب