مدينة فاس تعتبر على قائمة المدن التاريخية التي استقبلت الهجرات للعرب الأندلسيين وقد حافظت على نقوشها الأندلسية التي زينت جدران شوارعها وأسواقها.
تعد فاس عاصمة ثقافية للمغرب، وإحدى أشهر مدنه العتيقة، التي يعود تأسيسها إلى أكثر من 1200 سنة، حيث أقام هذه الحاضرة المولى إدريس الأول، مؤسس أول دولة في المغرب، وانقسمت المدينة تاريخيا إلى عدوتين “عدوة القرويين” (يقيم بها الوافدون من العائلات العربية من القيروان)، وعدوة الأندلسيين.
وتعتبر فاس على قائمة المدن التاريخية التي استقبلت الهجرات الكثيفة للعرب الأندلسيين القادمين بحرا من الجنوب الأسباني، بعد انهيار الحكم الإسلامي به، وتعرض المسلمون واليهود الأندلسيون لتضييق شديد من قبل سلطات الكنيسة على عباداتهم الدينية وممارسة شعائرهم وعاداتهم العربية والإسلامية.
وتحافظ العمارة في فاس على نقوشها الأندلسية، وتضج أسواقها بالباعة الذين يعرضون أصنافا من المأكولات والمواد التجميلية والعطور والألبسة، تمتاز بجودتها الفاسية، فكل ما يأتى به من فاس ترسخ في ذهن المغاربة أنه مميز وذو ذوق رفيع.
ففي المدينة القديمة يصطف بائعو ماء الورد والزهر المقطر المستعمل في تحضير الخلطات التجميلية، ويباع الخليع وهو لحم مقدد معد بطريقة فاسية أصيلة، كما تعرض بعض الحوانيت أحذية الجلد التقليدية، حيث تنتشر في فاس مدابغ الجلود، ومشاغل الأثواب، وورش النقش على الفضة وصناعة الأواني المعدنية، وجميعها صناعات وحرف عزز نماءها بفاس قدوم الأندلسيين إليها واستقرارهم بها. لتبقى فاس هي “الذاكرة الثانية” للأندلس.
* كاثرين سواريز من أسبانيا: لا تستقيمُ زيارة الأندلس، وحواضرها العربية المُسلمة، دون التعريج على فاس، الجزء الآخر من قصة الحضارة العربية في الأندلس.
نكتشف ذلك حين نقف في الجزء العلوي للبرج الشمالي، حيث تسفر فاس عن نفسها بجلاء، وتظهر قباب مدارسها العتيقة الخضراء، وصوامع مساجدها، ومساكن أهالها، التي يعود أغلبها إلى قرون خالية، هناك شبه كبير بين فاس ومدن أخرى زرتها في أسبانيا كقرطبة وإشبيـلية وغرناطة.
* حسن أهماني مرشد سياحي: إن فاس على مر السنين ظلت مركز استقطاب للسياح، بل إن الكثيرين منهم يختزلون المغرب في فاس، وأبوابها الأربعة عشر، التي تروي تفاصيل بناء هذه المدينة وعلاقتها بمحيطها الخارجي، وتأثرها بالأحداث الجارية به.
فمدينة فاس المُسيجة بسور تاريخي تخترقه أبواب كانت قديما تؤمن المدينة وتحرسها، وصارت اليوم معالم أثرية، شاهدة على أزمنة فاس العديدة، من أهم هذه الأبواب وأشهرها باب “أبي الجنود”، وباب “أفريقي” و”العجيسة” و”باب الجزيين”، و”باب الحديد”.
* غسان من بيروت: وأنا أتجول في فاس أشعر بعمق الحزن الأندلسي، وبانقضاء زمن، كانت فاس شاهدة خلاله على تألق الحضارة الإسلامية، فاس هي الفصل الثاني من قصة رقي الحضارة الإسلامية في الأندلس، قدم الأندلسيون إلى فاس لاستكمال ما بدؤوه من إبداع وتميز في الفنون والعلوم في موطنهم الأصلي، وواصلوه هنا وإن بشجن وحنين شديد للأندلس كما تروي ذلك أشعارهم.
مملكتنا.م.ش.س