يخلد المغرب يوم غد الثلاثاء، على غرار باقي دول العالم، اليوم العالمي للديمقراطية الذي يحتفى به هذه السنة تحت شعار “توفير حيز للمجتمع المدني”
يعد الاحتفال بهذا اليوم، الذي يصادف 15 شتنبر من كل سنة، والذي كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرته في شتنبر 2007، مناسبة للوقوف على تطور الممارسة الديمقراطية في العالم، بشكل عام، وجهود المغرب من أجل تعزيز وتكريس مكتسباته في هذا المجال.
وحسب هيئة الأمم المتحدة، فإن اختيار المجتمع المدني كشعار لليوم العالمي للديمقراطية، يعد فرصة لتذكير الحكومات بأهمية الوجود القوي والحر للمجتمع المدني، باعتباره أحد سمات الديمقراطيات الناجحة والمستقرة.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في رسالة بهذه المناسبة، أن “المجتمع المدني هو أوكسجين الديمقراطية”، مشددا على أن المجتمع المدني يعد عاملا محفزا للتقدم الاجتماعي والنمو الاقتصادي.
وأبرز، في هذا السياق، أن المجتمع المدني يضطلع بدور حاسم في مجال “مساءلة الحكومة، ويساعد على تمثيل المصالح المتنوعة للسكان، بما في ذلك المجموعات الأكثر ضعفا”.
وشدد بان كي مون على أن اختيار المجتمع المدني، كشعار للاحتفال باليوم العالمي للديمقراطية، لهذه السنة، يعود، بالدرجة الأولى، إلى اعتماد عدد من الحكومات لقيود تحد من قدرة المنظمات غير الحكومية على العمل، أو الحصول على التمويل، أو كليهما.
وأكد، في هذا الصدد، أنه “بينما تواصل الأمم المتحدة العمل نحو مستقبل ديمقراطي تعددي للجميع، يمكن للدولة والمجتمع المدني بل وينبغي لهما أن يعملا معا كشركاء في بناء المستقبل الذي يصبو الشعب إليه”.
وعلى صعيد المغرب، فإن الاحتفال باليوم العالمي للديمقراطية، يشكل مناسبة لاستحضار مختلف الجهود والخطوات التي قطعتها المملكة، تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل تعزيز أسس الديمقراطية والحكامة واحترام حقوق الإنسان.
وإذا كان العالم يشهد بما راكمه المغرب من خطوات جبارة، على درب ترسيخ نموذجه الديمقراطي، من خلال محطات بارزة تشمل، بالخصوص، إقرار مدونة جديدة للأسرة، وإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، وإصلاح لمنظومة العدالة، واعتماد مشروع للجهوية الموسعة، مرورا بالمصادقة على أحد أهم الدساتير تقدما وحداثة في العالم العربي، فإن عين المتتبع لن تغفل عن الإشارة إلى أن المجتمع المدني كان حاضرا بقوة خلال مختلف مراحل التطور الذي شهدته المملكة.
وقد حرص جلالة الملك محمد السادس، غير ما مرة في خطبه السامية، على التأكيد، بشكل واضح وصريح، على أن المغرب اختار، بمحض إرادته، الشروع في إصلاحات عميقة وإرادية، تستجيب لتطلعات وانتظارات المواطنين، واعتماد الديمقراطية كنهج وخيار استراتيجي لا رجعة فيه، مع ما يواكب ذلك من تعزيز دولة الحق والقانون.
وغني عن التأكيد على أن المغرب، الذي يتقدم اليوم بخطى حثيثة على درب الديمقراطية، قد حاز اعترافا دوليا من جميع الدول والهيئات والمؤسسات بجدية وفعالية مساره الديمقراطي، ونتائجه الملموسة التي بدأت المملكة تجني ثمارها بشكل عملي، والتي كان من أهم تجلياتها اعتماد دستور متقدم في سنة 2011.
وشكلت الانتخابات الجماعية والجهوية، التي جرت يوم رابع شتنبر الجاري، محطة جديدة، أكد من خلالها المغرب، ارتقاءه إلى مصاف الدول المتقدمة في مجال تطبيق وإقرار آليات الممارسة الديمقراطية وقواعد الحكامة، ولاسيما بعد اعتراف جميع القوى الدولية الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي …) والمنظمات الحقوقية والمدنية، بالأجواء الإيجابية التي سادتها ومناخ الشفافية والنزاهة والمصداقية الذي ميزها.
كما شكلت هذه الاستحقاقات، التي تعد الأولى من نوعها في ظل دستور 2011، خطوة جبارة على درب إقرار اللامركزية والجهوية المتقدمة، والتي تعتبر من أرقى أشكال الممارسة الديمقراطية.
والأكيد أن قدرة المغرب على أن يشكل الاستثناء المتميز في منطقة تعصف بها رياح التوتر والاضطراب، لم يأت وليد الصدفة، بقدر ما هو نتاج سياسة حكيمة ورؤية استراتيجية متبصرة وضع أسسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، منذ تربعه على عرش أسلافه المنعمين، والتي تقوم على نهج مقاربة تزاوج بين تعزيز المسار الديمقراطي واعتماد سياسة اقتصادية واجتماعية مبتكرة.
مملكتنا. (و .م .ع)