المملكة المغربية تعد محط أنظار العديد من الدول الأفريقية والغربية، وهو ما تبلور مؤخرا في شكل اتفاقيات هامة بينه وبين فرنسا.
العديد من الأنظمة والسياسات في الوطن العربي والعالم الإسلامي بشكل عام تطرح في دوائر قرارها العديد من التساؤلات حول ملامح إستراتيجية عامة لمقاومة آفة التطرف والتكفير التي تعصف بمجتمعاتها في السنوات الأخيرة، مما يدفع الأجهزة الدبلوماسية للبحث عن النماذج الدينية الناجحة التي من خلالها تتمكن الدولة من تنشئة اجتماعية سليمة تقوم على العقلانية والوسطية والاعتدال والتسامح، الأمر الذي جعل من المغرب محط أنظار العديد من الدول الأفريقية والغربية، وهو ما تبلور مؤخرا في شكل اتفاقيات هامة بينه وبين فرنسا.
وصف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي أحمد التوفيق، توقيع الإعلان المشترك المغربي الفرنسي حول تكوين الأئمة، الذي جرى تحت رئاسة الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ، بالحدث الدبلوماسي غير العادي. وأوضح المسؤول الحكومي، أنه “لأول مرة يوقع إعلان مشترك مع بلد ينتسب إلى الحضارة الغربية ويوقع اتفاق حول مسائل أساسية تهم استعمال الدين، وتضع الأصبع على ما ينبغي أن يكون عليه الدين كمصدر للخير والسلام والمحبة”.
وأضاف الوزير المغربي في تصريح صحفي، أن الاعتراف بأهمية تكوين الأئمة هو اعتراف بالنموذج المغربي، الذي ينبع من إمارة المؤمنين، التي هي حامية الملة والدين من كل ما يسيء إليهما، والساهرة على ترقية الأمور المرتبطة بالدين، ومواكبة ما استجد منها. موضحا أنه من بين تلك المستجدات ما يتعلق بتفاصيل الحضارة الحديثة والإجابة عن سؤالاتها، ومواكبة ما يقع من تقدم في العلوم الإنسانية، ومواجهة ما وقع من تلوث في الجو السياسي ومحاولة استغلال الدين في السياسة.
وينص الإعلان على إنشاء آلية للتتبع والتنسيق بين البلدين، وعقد اجتماعين على الأقل في السنة، بحضور وزارتي الداخلية والشؤون الخارجية والتنمية الدولية عن الجانب الفرنسي، ووزراة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون عن الجانب المغربي. وجرى التوقيع على الوثيقة المؤسسة للتعاون بين المغرب وفرنسا من طرف لوران فابيوس، وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية، وأحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية تحت إشراف العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس فرانسوا هولاند.
ويؤكد مراقبون أن المغرب يجني ثمار سياسة دينية تروم إعادة هيكلة الحقل الديني المغربي وتحديث البرامج التعليمية الدينية التي تكرس قيم الخير والتسامح وتنبذ العنف والفكر المتطرف. واستطاعت الرباط أن تقدم نموذجا بارزا في حسر تنامي أفكار التطرف وتوحيد المجتمع على المذهب المالكي وإعطاء المجال الصوفي مكانة مهمة في تهذيب سلوكات وقيم الإسلام الشعبي. وأشار سطي في حديثه لـ”العرب” إلى أن من إيجابيات الشراكة الدينية بين المغرب وفرنسا استرجاع المكانة المغربية كشريك أول لفرنسا في المنطقة المغاربية.
ويعتبر استلهام النموذج المغربي في تأطير القيمين الدينيين وأئمة المساجد الذين يلعبون أدوارا بارزة في توجيه فئة كبيرة من المسلمين في بلدان المهجر، اعترافا ضمنيا بنجاح التجربة المغربية في التأطير الديني الذي بوأه المغرب مكانة بارزة وأضحت له أدوار معتبرة في المنطقة من أجل مواجهة التهديدات الإرهابية التي تؤثر في استقرار المنطقة برمتها.
مملكتنا.ع.ر.ب