ثمة العديد من التفاصيل المثيرة يجهلها كثيرون والتي تؤكد أن السمة المميزة للعاهل المغربي الملك محمد السادس، لا علاقة لها بتلك الصورة الجامدة التي يريد تكريسها البعض لهذا الأمر يظهر في كل مرة يزور فيها الملك إحدى مدن بلاده أو مدنا أخرى خارج المغرب، وظهرت بشكل لافت أثناء زيارته لمدينة العيون مؤخرا.
كثيرا ما كان يكسر العاهل المغربي محمد السادس البالغ من العمر 52 عاما مظاهر البروتوكول، لكنه هذه المرة فاجأ سكان العيون السبت الماضي بجولة خاصة على متن سيارته الشخصية بعيدا عن كل مظاهر الحراسة الأمنية المعتادة.
زيارته لمدينة لعيون الصحراوية تأتي بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء التي سعت لتحرير الصحراء من الاحتلال الأسباني آنذاك، وهي الأولى للعاهل المغربي منذ توليه العرش في يوليو 1999.
لكن جولته اقتصرت على أيام معدودة بعد أن أوصى الطبيب الخاص للملك بتعليق كل أنشطته لمدة أسبوعين على أقصى تقدير نظرا لإصابته بإنفلونزا حادة خلال الزيارة التي قام بها مؤخرا إلى الهند.
وكعادته، كلما تعلق الأمر بالمسائل الوجودية لشعبه، يكون الملك محمد السادس صارما، والدليل ما عبر عنه في خطابه حينما قال “إننا لا نميز بين طماطم الداخلة وطماطم سوس ولا نعرف فرقا بين سردين العرائش وسردين بوجدور ولا بين فسفاط خريبكة وفسفاط بوكراع”.
لكن بعيدا عن كل ذلك، يلاحظ المتابع للملك المغربي أن هناك قصة عشق قديمة تربط محمد السادس بالسيارات، فهو يحافظ على شغف كان يرافقه منذ أن كان يافعا، لكن وعلى عكس الملكين الراحلين يفضل العاهل المغربي السيارات الرياضية المريحة.
ويكاد الجميع في المغرب يجمع على أن ملكهم محب للسيارات، وتعتبر هذه الخاصية الوحيدة تقريبا، في ما يتعلق بميولات الذوق، التي ورثها عن جده محمد الخامس وأبيه الحسن الثاني حيث تحدث البعض عن عشرات السيارات التي امتطى أغلبها الملك محمد السادس منذ كان يافعا وحرص على سياقتها بنفسه.
وتشير عدة تقارير إلى أن الملك المغربي يحرص على حضور المعارض الدولية المتعلقة بالسيـارات كل ما سنحـت له الفرصة.
وشد الملك محمد السادس انتباه ملايين المغاربة من خلال مبادرته التي غابت فيها مظاهر البروتوكول في مثل هكذا مناسبات حينما ترجل من سيارته ضمن الموكب الملكي الذي نقله ما بين مطار الحسن الأول ومقر إقامته بمدينة العيون.
العاهل المغربي تحرك لمصافحة مستقبليه من سكان عاصمة الأقاليم الجنوبية، بينما سادت الاستفهامات بعد انقطاع التيار الكهربائي لثلاث دقائق، عن موقع الملك، وما رافق ذلك من استعاضة المواطنين عن أنوار شبكة الإنارة العمومية بأضواء هواتفهم النقالة.
وحسب موقع هسبرس المغربي فإنه وبالرغم من الظلام السائد في شارع السمارة، واصل الملك مصافحته مستقبليه والتنقل بين جانبي الطريق، قبل العودة إلى سيارته مرة أخرى.
هذه العلاقة بين الملك وشعبه لطالما كانت محور أحاديث الفضوليين، فقد سبق للملك المغربي أن قبل هدية من نوع خاص من ثلاثة شبان صحراويين خلال زيارته لمدينة الداخلة العام الماضي واستطاع هؤلاء الشبان الوصول إلى باب الفندق الذي تقيم فيه الأسرة الملكية، وقدموا لولي العهد الحسن الثالث، هدية في شكل جمل.
وتشير التقارير إلى أن هؤلاء الصحراويين تمكنوا من اجتياز الحواجز الأمنية، بعدما ظن رجال الأمن أنهم رُحل يحملون جملا على متن سيارتهم، غير أنهم في الواقع كانوا متوجهين نحو فندق “كاليبو” حيث تقيم الأسرة الملكية، وقد وجدوا الحراس الشخصيين للأسرة، والذين أكدوا لهم أن الأمير قد غادر الفندق برفقة والدته وشقيقته.
وبمجرد إخبار عقيلة الملك سلمى بتواجد ثلاثة شبان أمام باب الفندق، اتصلت بالملك محمد السادس الذي كان متواجدا بإحدى المدن الشمالية للبلاد حيث أمر بحسن معاملة ضيوف نجله وألح على ضرورة تسلم الهدية بشكل رسمي، وهو ما حدث بالفعل بعدما التحقت الأسرة الملكية بالفندق وخرج الأمير الصغير برفقة شقيقته من أجل لقاء الشبان الثلاثة.
ورغم أن أجندة الملك محمد السادس مثقلة بالمهام والمواعيد فإنه يستفيد من فترات عطلة واستجمام ويبرمج زيارات وسفريات خاصة إلى الخارج قصد الراحة وحده أو رفقة أسرته، غير أن ظروف السفريات الخاصة للملك إلى الخارج تبقى بعيدة عن وسائل الإعلام في ظل صعود مواقع التواصل الاجتماعي.
فكسر الأعراف الملكية والبروتوكلات الرسمية وبات ذلك سمة ملتصقة بالملك، وبرزت خلال جولته في تونس في يونيو العام الماضي والتي مدد فيها زيارته إلى أسبوع كامل بعد أن كانت زيارة دولة رسمية تستمر لثلاثة أيام فقط.
وكان مفاجئا لكثير من التونسيين والمراقبين للوضع الانتقالي في تونس آنذاك، أن تقدم شخصية سياسية من حجم العاهل المغربي على التجوال في شوارع العاصمة تونس وعدد من أزقتها التقليدية ولا يرى مانعـا في التقـاط صور مع عدد ممن طلـب ذلك.
واختلف البعض في قراءة هذا السلوك، فمنهم من اعتبر ذلك تعبيرا واقعيا عن أن تونس مستقرة وآمنة، وهو بذلك يمثل رسالة مضمونة الوصول لكل من يريد قضاء عطلته الصيفية في تونس بأن يفعل ذلك وأن لا يخشى من الهاجس الأمني.
لكن البعض الآخر رآه تعبيرا طبيعيا عن وجهة نظر ملكية مغربية دأب عليها الملك محمد السادس منذ توليه العرش من حيث قربه من الطبقات الشعبية، وإقدامه على التواصل المباشر معها عبر زيارات ميدانية متواترة وجولات غالبا ما تخلو من الاحتياطات الأمنية المبالغ فيها لشخصيات عربية.
وفي ديسمبر الماضي، اشتعلت الشبكات الاجتماعية حينما قام رواد تلك المواقع بتداول صور الملك المغربي، وهو يتجول في الإمارات العربية بلباس رياضي ومن دون بروتوكول والتقط بعض المتجولين في المراكز التجارية صورا معه.
وقالت عدة وسائل إعلام إماراتية حينها إن زيارته للعاصمة أبوظبي تندرج ضمن مناسبة تخليد الإمارات يومها الوطني الثالث والأربعين، وحضر كذلك حفل زفاف خاص، لكنها لم تكشف عن مزيد من التفاصيل .
مملكتنا.م.ش.س/عرب