صلاح الدين مزوار يؤكد أن الموقف الجزائري محكوم بآليات الحرب الباردة التي تجاوزها الزمن.
شدد وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار على أن بلاده “لا تبيع الوهم”، ارتباطا بملف الصحراء المغربية، الذي أعاد العاهل المغربي الملك محمد السادس ترتيب أوراقه من مدينة العيون كبرى مدن الأقاليم الصحراوية المغربية التي تتواصل فيها الاحتفالات بالذكرى الـ40 للمسيرة الخضراء.
و أن موقف الجزائر مازالت تحكمه آليات ومفاهيم الحرب الباردة التي تجاوزها الزمن، وذلك في الوقت الذي ارتفع فيه السجال السياسي بين البلدين حول ملف الصحراء المغربية.
وقال مزوار إن الجزائريين “صعدوا من خطابهم السياسي لأنهم لمسوا وأدركوا أن ما يتقدمون به على الصعيدين الإقليمي والدولي لمعالجة هذا الملف ليست له أسس، ويفتقد إلى المصداقية والجدية”.
وتابع “إن المغرب هو البلد الوحيد الذي تقدم بمقترحات عملية لمعالجة هذا الملف، وهي مقترحات تحظى بتأييد وموافقة مختلف الأطراف التي تسعى إلى إحلال الأمن والاستقرار في المنطقة، لأنها مُقترحات جدية وقابلة للتنفيذ في سياق مسار سياسي سليم”.
ويعود ملف الصحراء المغربية إلى العام 1975، عندما انسحبت أسبانيا منها، ليندلع بعد ذلك نزاع مُسلح بين المغرب من جهة، و”البوليساريو” (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب) المدعومة من الجزائر، من جهة أخرى، توقف بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية الأمم المتحدة في العام 1991.
ومازال هذا الملف مفتوحا سياسيا، حيث يُصر المغرب على أحقيته في الصحراء، وتقدم باقتراحات عملية لتسوية هذا الملف، منها عرض الحكم الذاتي الموسع تحت سيادته، بينما ترفض “البوليساريو” ذلك، وتُطالب بتنظيم استفتاء لتقرير المصير.
وتقف الجزائر إلى جانب “البوليساريو”، وتُقدم لها مختلف أشكال الدعم، ما أبقى هذا الملف مفتوحا، الأمر الذي شل عمل اتحاد المغرب العربي الذي يُكلف جموده خسائر كبيرة لدول المنطقة قدرها صندوق النقد الدولي بنحو 16 مليار دولار سنويا.
وتُجمع مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية العربية والدولية على أن التعنت الجزائري الذي حال دون التوصل إلى حل لهذا الملف، جعل تكلفة ذلك الجمود، تُقدر بخسارة ما بين 2 و3 بالمئة سنويا من إجمالي الناتج الداخلي الخام لاقتصاديات دول الاتحاد المغاربي.
وبحسب وزير الخارجية المغربي، فإن بلاده “لا تبيع الوهم، ولا تعيشه، لأنها تُدرك تلك الخسائر، والتحديات، لذلك تقدمت بمقترحات عملية، غير أن التعنت الجزائري مازال متواصلا، ولا يلوح ما يُفيد بأن الجزائريين جادون في التوصل إلى حل”.
وأن هذا التعنت إلى جملة من الحسابات، قائلا “هناك حسابات داخلية تحكم الموقف الجزائري ضمن إطار استراتيجية على مستوى المنطقة مازالت تقوم على مفاهيم الحرب الباردة ومتطلباتها”.
وأضاف أن موقف الجزائر “تجاوزه الزمن لأن المنطقة تغيرت، والعالم تغير، والتحديات تغيرت أيضا، لذلك يبدو أن الجزائر مازالت لم تخرج من دائرة تلك المفاهيم”.
وشدد على أنه من مصلحة الجزائر “النظر إلى الأمور بعين العقل والتطور، وليس التصرف بمنطق الجمود السياسي المحكوم بقوالب تجاوزها الزمن”.
ويُحذر المراقبون في المغرب من أن استمرار الجزائر في انتهاج سياسة الهروب إلى الأمام، من خلال افتعال بعض المسائل والقضايا الهامشية ارتباطا بملف الصحراء المغربية، من شأنه إدخال المنطقة في مرحلة جديدة من التوتر الذي لا يخلو من الانزلاقات .
مملكتنا.م.ش.س/عرب