- دفعت هجمات باريس المغرب وأسبانيا إلى تكثيف التنسيق الأمني بينهما لتعقّب الخلايا الإرهابية ومراقبة المتشددين المتعاطفين مع تنظيم الدولة الإسلامية دون الانخراط في صفوفها.
أفادت مصادر إعلامية بأن التنسيق الأمني والاستخباراتي بين المغرب وأسبانيا تضاعف إثر هجمات باريس تحسّبا لهروب مجموعة من المتشددين المشاركين في الاعتداءات إلى أسبانيا ثمّ إلى المغرب.
وأشارت صحيفة “المساء” المغربية إلى أن أسبانيا طلبت مساعدة السلطات المغربية للحيلولة دون تسلل 140 جهاديا إلى أراضيها، حيث أطلعت أجهزة الاستخبارات الأسبانية نظيرتها المغربية على هوية المقاتلين الذين انضموا إلى القتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، وينوون العودة إلى مدريد للقيام بعمليات إرهابية.
وتعرف أسبانيا هذه الأيام حالة تأهب قصوى، فإلى جانب استنفار القوات الأمنية في مختلف المدن وضعت السلطات الأسبانية حوالي 3000 متطرفا على أراضيها من بينهم مغاربة تحت المراقبة.
وتحدث خبراء عن أهمية التنسيق الأمني بين المغرب وأسبانيا لدرء مخاطر الإرهاب في ظل أنباء عن احتمال قيام الجماعات المسلحة المنضوية تحت لواء داعش بهجمات إرهابية كبرى في المنطقة المغاربية.
يشار إلى أن وزيري الداخلية والدفاع الأسبانيين قاما بزيارة إلى المغرب منذ شهرين لبحث أبرز الملفات المطروحة المشتركة، مثل الهجرة السرية واتساع نفوذ الدولة الإسلامية في الساحل الأفريقي إلى جانب التعاون العسكري بين البلدين. وكان الهاجس الأمني حاضرا بقوة على طاولة المباحثات الثنائية التي جمعت وزير الداخلية المغربي محمد حصاد والوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني عبداللطيف الوديي، ونظيريهما الأسبانيين، فيرنانديث دياث، وبيدرو مورينوس.
واعتبر مراقبون أن الاجتماع بين الوزراء الأربعة يعد حملة استباقية بسبب تصاعد أعمال العنف الممنهج والجريمة المنظمة في شمال المغرب وفي مدينتي سبتة ومليلة المحتلتين والتي تشكلان رهانا أمنيا مشتركا بين البلدين.
ويحاول كل من المغرب وأسبانيا تحصين مجالهما الجغرافي من مخاطر الإرهاب القادم من منطقة الساحل الأفريقي ومن ليبيا التي أصبحت ملاذا آمنا للجماعات المتشددة ولتنظيم داعش الذي تمكن من التغلغل فيها وفرض سيطرته على مدن مهمة مثل سرت.
وعموما يعمل المغرب على تكثيف التنسيق الأمني مع أسبانيا التي تعتبره شريكا استراتيجيا في مجال مكافحة الإرهاب، بغية تجاوز النقاط الخلافية والملفات العالقة منذ عقود، فرغم تقاسم البلدين لمضيق جبل طارق (قرب جغرافي) إلاّ أن علاقتهما سجّلت أزمات عديدة ذات طابع سياسي. وشهدت العلاقات الثنائية منذ مدّة تطورا ملحوظا قوامه رفع التحديات الأمنية المشتركة في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة السرية وتهريب المخدرات.
وفي خطوة استباقية عقب هجمات باريس رفعت السلطات المغربية مستوى التأهب الأمني حول المطارات في مختلف المدن، حيث فرضت إجراءات أمنية مشددة مثل تعزيز إجراءات تفتيش الوافدين على المطارات ونشر أعداد إضافية من قوات الأمن حول المطارات وعلى الطرق المؤدية إليها.
وكانت الخطوط الجوية الملكية المغربية أكدت في بيان لها أنه “نظرا لتشديد التدابير الأمنية في مطارات جميع دول العالم، عقب هجمات باريس الإرهابية، تدعو زبائنها إلى الحضور إلى نقاط التسجيل ثلاث ساعات على الأقل قبل موعد الرحلة”.
وأضافت أن “تشديد التفتيش والمراقبة فضلا عن إجراءات أمنية مكثفة تفرض نفسها في مطارات المملكة بعد الهجمات الإرهابية في باريس”. هذا وأعدّت وزارة الداخلية بالتنسيق مع المديرية العامة للأمن الوطني خطّة أمنية رفيعة المستوى بهدف مواجهة التهديدات الإرهابية.
وشكّلت قوات الأمن المغربية خلايا أزمة ستعمل على تلقي المكالمات الهاتفية والتنسيق مع المديرية العامة للأمن الوطني في حال أي تهديد إرهابي. كما تم إرسال مذكرات أمنية إلى المراكز الحدودية قصد تشديد المراقبة والتأكد من جوازات سفر الوافدين الجدد.
وتأتي هذه الإجراءات لتعزيز المخطط الأمني- العسكري “حذر” الذي أطلقه المغرب منذ مدّة لمواجهة التهديدات الإرهابية الموجهة ضد المملكة ولتكريس المقاربة الاستباقية التي تقوم عليها السياسة الأمنية المغربية، وقد أكد على ذلك وزير الداخلية محمد حصاد في تصريحات سابقة بالقول “هذه الآلية الجديدة تؤكد أن السياسة الأمنية المتبعة بالمملكة استباقية، فنحن لا ننتظر وقوع المشاكل لنتخذ الإجراءات لمعالجتها”.
ورغم تمكّن المغرب من تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية في طور الإنشاء واعتماد مقاربة أمنية شاملة ومتعددة الأبعاد (بعد ديني، اقتصادي، واجتماعي)، سمحت بتجنيب هذا البلد مخاطر الإرهاب منذ تفجيرات الدار البيضاء سنة 2003، إلا أن هذا لا يلغي التهديدات الجديّة القائمة والتطورات الأمنية اللافتة والتي عزّزت حضور الجماعات المتشددة والتنظيمات الجهادية في شمال أفريقيا .
مملكتنا.م.ش.س/عرب