جون آفريك وتصنيف العــاهــل المغربي المُستحــــق

الأحد 27 ديسمبر 2015 - 17:26

جون آفريك وتصنيف العــاهــل المغربي المُستحــــق

لم يتفاجأ المراقبون بتصنيف مجلة “جون أفريك” الفرنسية للعاهل المغربي الملك محمد السادس، كأفضل شخصية مثلت المملكة المغربية اقتصاديا بإفريقيا سنة 2015، فلقد عرف الملك بدعوته الرائدة والدائمة إلى تفعيل الهجرة الاقتصادية نحو الجنوب، وتأكيده المستمر بأن نهضة القارة ومقاومة الإرهاب في حاجة إلى تحالف أفريقي مغاربي وثيق.
المجلة الأسبوعية سلطت الضوء، في عددها الأخير، على الزيارات التي قام بها العاهل المغربي لمجموعة من الدول الإفريقية “السينغال، الغابون، والكوديفوار”، خلال شهري ماي ويونيو الماضين، والتي توجت بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات في قطاعات اقتصادية مهمة “السياحة، العقار، الفلاحة، الطاقة والمعادن..”.
ذات الصحيفة، أشارت الى الشخصيات التي رافقت الملك خلال زيارته للدول الإفريقية، ودورها في الاتفاقيات الموقعة، والتي وصفتها ب”الناجحة والمهمة”.
ولطالما أعلنت المملكة المغربية دعمها، بشكل كامل، للخيارات الاستراتيجية الداعمة لشراكة جنوب جنوب، وأكّدت انفتاحها على جذورها الأفريقية، واستعدادها للمساهمة في إعادة البناء والاستقرار الاقتصادي والنهوض الاجتماعي في بلدان القارة. وقد أكّدت الزيارات الأفريقية المكثفة للعاهل المغربي الملك محمد السادس، خلال الآونة الأخيرة، هذا الالتزام والتوجه الذي يؤسّس لتحرّك فعّال للمملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ولقد ظلت خطابات العاهل المغربي؛ في مناسبات الزيارات التي دأب على تنظيمها لدول في القارة الإفريقية، مليئة بالتوجيه نحو شراكة أفضل بين المغرب وشركائه من دول الجنوب، ومن أبرز الخطابات الملكية في هذا المضمار الخطاب الذي ألقاه في أبيدجان، خلال حفل افتتاح المنتدى الاقتصادي المغربي الإيفواري نهاية فبراير 2014، والذي طرح فيه نموذجا مبتكرا وأصيلا للتنمية في أفريقيا، يقطع مع النماذج والتصورات التي كانت تأتي، منذ ستينات القرن الماضي من خارج القارة، لتعيد إنتاج مفاهيم تنموية ماضوية أثبتت عجزها في مسايرة التطور الذي تشهده القارة السمراء منذ بداية الألفية الجديدة.
أوّل العناصر التي يقوم عليها هذا النموذج التنموي هو أن تتخلص أفريقيا من رواسب الماضي، وأن تستعيد ثقتها في إمكاناتها ومواردها، وفي ما تزخر به من كفاءات بشرية متوثبة. ومن هنا، شدد العاهل المغربي على أن أفريقيا “لم تعد قارة مستعمرة”، بل قارة حية، ليست في حاجة لمساعدات إنسانية، بقدر حاجتها لشراكات ذات نفع متبادل ولمشاريع التنمية البشرية والاجتماعية.
فإذا كان القرن الماضي، يقول العاهل المغربي، بمثابة قرن الانعتاق من الاستعمار بالنسبة إلى الدول الأفريقية، فإن القرن الحادي والعشرين ينبغي أن يكون قرن انتصار الشعوب على آفات التخلف والفقر والإقصاء، ومواجهة العديد من التحديات التي تهدد الاستقرار السياسي في أفريقيا، وتعيق النمو الاقتصادي والاجتماعي بها، وذلك من خلال التعاون والتضامن بين الشعوب الإفريقية، واحترام سيادة الدول تعدّ ووحدتها الترابية.
ويأتي خطاب الملك محمد السادس بأبيدجان تتويجا لعملية طويلة من الدعم القوي والمكثف واللامشروط للبلدان أفريقية، تمرّ بأزمات، على غرار الدعم المغربي لمالي منذ اندلاع الأزمة في هذا البلد الأفريقي. وهو توجه دبلوماسي استراتيجي يرجعه صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، إلى أنّ “أفريقيا تشكل خيارا استراتيجيا بالنسبة إلى السياسة المغربية”.
وفي الأساس البراغماتي لهذا التوجه ثمة فكرة بسيطة تفيد بأن «تنمية المغرب مرتبطة ارتباطا وثيقا بتنمية أفريقيا سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي»، ولذلك اتجه التعاون نحو أربعة محاور أساسية تهم تكوين الإطارات الأفريقية والمساعدة الفنية والتعاون الاقتصادي والتواصل الإنساني.

وسجّل المغرب، منذ العام 2013، عودته الفعلية إلى القارة الأفريقية، بعد غياب طويل نسبيا، من خلال جولات متعدّدة قام بها العاهل المغربي، الملك محمّد السادس، إلى عدّة بلدان أفريقية. ويكمن الهدف من هذه الزيارات في تعزيز علاقات المملكة اقتصاديا وسياسيا مع دول جنوب الصحراء. وهو أمر تعتبره الرباط حيويا وجوهريا في ظل أجواء التوتر التي تعيشها منطقة غرب أفريقيا.
ورغم أن الزيارات الرسمية، رفيعة المستوى، بين المغرب ودول غرب أفريقيا، بالخصوص، تكثّفت خلال الفترة الأخيرة، فإن بوادر عودة التواصل المغربي الأفريقي، ظهرت منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش، وذلك حين أعلن العاهل المغربي خلال أشغال القمة الأوروأفريقية الأولى بالقاهرة في أبريل 2000، عن إلغاء ديون المغرب المستحقة على الدول الأفريقية الأقل نموا وإعفاء منتوجاتها الواردة إلى المغرب من الرسوم الجمركية.
ويعمل المغرب على تعزيز حضوره السياسي والاقتصادي في أفريقيا، منذ انسحابه من منظمة الاتحاد الأفريقي سنة 1984، حيث عرفت العلاقات الاقتصادية المغربية الأفريقية تطورات كبيرة ومتسارعة في السنوات الأخيرة، وهو ما جعل قيمة استثمارات تتجاوز الـ400 مليون دولار، بحسب بيانات رسمية، لتتبو مكانة متقدمة في لائحة دول القارة المستثمرة في القارة.
ويظل التوجه المستقبلي للرباط هو توسيع هذا الحضور الاقتصادي، ليشمل أكبر قدر من دول الجنوب ويشجع قطاعات جديدة واعدة للاستثمار في البلدان الأفريقية.
وترسيخا لهذه السياسة، حصل المغرب على كامل العضوية في اتحاد المجالس الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسات المماثلة في أفريقيا، بهدف العمل مع بقية أعضاء الاتحاد على إطلاق دينامية لتجسيد الانخراط الفعلي للمجالس الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسات المماثلة بأفريقيا في مسار الاندماج والعمل من أجل تحقيق التقارب بين الدول الأفريقية لتشكيل هوية اقتصادية واجتماعية منسجمة وفعالة طبقا لإعلان واغادوغو.ومن ثمّة فإنّه من الأولى أن يكون المغرب ضمن الفاعلين الأساسيين داخل القارة التي ينتمي إليها وتنتمي إليه.
ويرى محللون اقتصاديون وباحثون في العلاقات الدولية أن جولات الملك محمد السادس الأفريقية تحصّن مكتسبات المغرب الاقتصادية والسياسية، وتؤشر إلى دور مغربي قد يلعبه في أفريقيا لتحصين المنطقة من خطر الجماعات الجهادية التي تنشط بكثافة في منطقة الساحل والصحراء وتتخذ من مخيّمات تندوف جنوب غرب الجزائر حاضنة للإرهاب.

مملكتنا.م.ش.س

 

Loading

مقالات ذات صلة

السبت 25 يناير 2025 - 20:11

الولايات المتحدة .. تأكيد تعيين بيت هيغسيث وزيرا للدفاع

السبت 25 يناير 2025 - 10:17

جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تبرم شراكة مع ساكسونيا السفلى في مجالي الهجرة والاستثمار

السبت 25 يناير 2025 - 09:51

“سبيس إكس” تطلق 23 قمرا صناعيا إلى الفضاء

الخميس 23 يناير 2025 - 22:03

الرباط .. المغرب وموريتانيا يوقعان على مذكرة تفاهم لتطوير الشراكة في قطاعي الكهرباء والطاقات المتجددة