زيـــارة الأضـــرحة في المغـــــرب أمل بكرامات الأوليـــــــاء الصالحيـــــــن

الثلاثاء 1 مارس 2016 - 01:57

زيـــارة الأضـــرحة في المغـــــرب أمل بكرامات الأوليـــــــاء الصالحيـــــــن

زيارة الأضرحة والأولياء الصالحين وأصحاب الكرامات من العادات والثوابت في المجتمع العربي، أخذت أبعادا نفسية وروحية، للتنفيس عن هموم الإنسان البسيط، وتعطيه الأمل في تلبية حاجاته التي لا يستطيع تحقيقها بمفرده، كما أنها اتخذت طابعا سياحيا وترويحيا.

تعتبر زيارة أضرحة الأولياء الصالحين في مختلف الأقطار العربية وسيلة لتمضية وقت سعيد في جو روحاني، لما في سيرة صاحب الضريح من صلاح ومحبة لفعل الخير.

وهناك دوافع لهذه الزيارات تتعلق بالأمل في الحصول على كرامات الأولياء في أضرحتهم، واتسمت الظاهرة منذ القديم بفوائد سياحية وتجارية للمدن والقرى التي توجد فيها الأضرحة.

في المغرب أكثر من خمسة وخمسين ضريحا للمسلمين وأشهرها ضريح سيدي الحسن الإمام بالرباط، “بويا عمر” قرب مراكش، مولاي إدريس بفاس، الرداد بوشعيب، و”لالة عيشة” بأزمور وغيرها.

ولليهود المغاربة أضرحة سميت بـ”الربيين” ولها موسم زيارة يسمى الهيلولة يذبحون فيه الذبائح، ويبكون فيه ويطلبون مغفرة الله لهم.

واعتادت السيدة بنجلون البالغة الخمسين من عمرها، زيارة ضريح “لالة عيشة البحرية” بنواحي أزمور وقالت “جربت كراماتها لابنتي، فهي تجلب الحظ لكل عانس، ويكفي أن تكتب الاسم، ومن تبغيه زوجا لها بالحناء وماء الورد على جدار الضريح حتى يحصل المراد”. لكن أمهات لعوانس غيرها، كفاطمة المساري، أكدت أنها فعلت ذات الأمر، وكتبت اسم ابنتها لكن لم يحصل الزواج.

عندمـــــــا نلجأ إلى الأضرحة وأصحاب الكرامات فإننا نعلن، عندها، عن تصالح مع المخفي غير الظاهر في حياتنــــــــــــــــــــــــــا

يقول الصحافي المصري محسن حسن، حول زيارة الأضرحة “لا شك أن العادات الاجتماعية في وجهها الديني ترتبط بجذور كثيرة متشابكة في مجتمعنا العربي من حيث الدوافع، وفي ظني أن ثمة روابط وجودية قديمة تدفع الناس إلى تلمس واستحضار ذكرى المغيبين بالموت عبر زيارة الأماكن التي دفنوا فيها، وإذا كانت الأمور تسير هكذا، فإنه ليس بغريب أن تتضافر عوامل عديدة لتنامي هذه العلاقة واستمرارها، وهي بالتأكيد عوامل متعاضدة ومتنوعة، فالصالحون تركوا آثارهم الخالدة في نفوس محبيهم ورحلوا، ومحبوهم تأثروا بهم وبذلوا جهدهم لتخليد ذكراهم”.

ووصف الباحث في التراث الثقافي والديني المغربي لحسن آيت لفقيه ضريح “سيدي احماد المغني” بقرية آيت عامر بمنطقة الأطلس الكبير الشرقي فقال “الضريح يتضمن بصمات الجهاد والتصوف، والمقبرة التي ضمت الضريح كانت لمحاربين قتلوا في زمن متقارب.

وبناء على المنطق الأثنوغرافي يمكن القول إن الرفات الذي احتضنته المقبرة غير ذي ارتباط عشائري، وبتجرده من الرداء الطائفي جعل منه شخصية محايدة تُقصد للتبرك، وترمز للتعايش، وإصلاح ذات البين بين القبائل، ويستحضر ضريحه في مراسيم الخطوبة لإضفاء البركة على العلاقة الزوجية”.

ويرى عبدالكريم عطا الباحث في علم النفس المعرفي والاجتماعي “أن ظاهرة بحث الإنسان عن حلول لمشاكله النفسية والصحية في تمظهرات الحياة كالأضرحة، وتقديس الأولياء مسألة طبيعية .1435388874

                                                                     بويـــــا عمـــــر ملاذ المراكشييــــــن

                                                                                                                                                                               وأضاف “هي نابعة من الشعور بالضعف، وقلة الحيلة أمام فكرة أن الحل لمشاكله النفسية والصحية والاجتماعية، لا يمكن حلها إلا عبر تجسيد قوة الخالق في الصالحين من الأموات والأحياء”.

ويقول أستاذ السيميولوجيا ومناهج الدراسة الأدبية بكلية الآداب مراكش د. محمد آيت الفران “عندما نلجأ إلى الأضرحة التي تتكئ على من نعتبرهم أولياء وأصحاب كرامات فإننا نعلن، عندها، عن تصالح مع المخفي غير الظاهر في حياتنا”.

ويتابع “ربما مثل أصحاب الكرامات أو من نمنحه ميزة “ولي” صفة هذه القوة التي نفتقدها، وإن تشكلت على وجوه وعينات مختلفة في مجتمعاتنا العربية. ولا يمكن إغفال دور مؤسسة الأسرة أولا إلى جانب المؤسسة الدينية العليا في بلد كالمغرب في تزكية هذا السلوك في المجتمع. ولا يمكن، بنفس الفهم، التنكر لسلطة “الأسماء الكبرى” في نظمية الأضرحة والأولياء عندنا، على اعتبار أنها المسلك السليم المفضي إلى الاقتراب من الشخصية الدينية الأولى في المجتمعات الإسلامية: محمد صلى الله عليه وسلم”.

ويؤكد الباحث في الجماليات الكاتب العراقي محمد جبير “تشكل زيارة الأضرحة طقسا روحيا، يطهر النفس، ويزيل الشوائب لتكون أكثر بهاء”.

فالمعبد والكنيسة والجامع والمسجد وأي عنوان آخر تؤدي جميعها هذه الوظيفة الروحية في التقرب للخالق، وفي البلدان العربية تتنوع هذه الفضاءات وتتعدد حسب الملل والطوائف، والكل يؤدي طقوسه الدينية تحت سماء واحدة ويتقرب إلى الله.

مملكتنا.م.ش.س/عرب

Loading

مقالات ذات صلة

الخميس 5 يونيو 2025 - 10:59

جمعيات بيئية تشيد بالتنفيس على النظام الإيكولوجي بتعليق شعيرة النحر

الجمعة 28 فبراير 2025 - 12:09

حملة طبية متعددة التخصصات لفائدة نزلاء السجن المحلي بقلعة السراغنة

الإثنين 23 ديسمبر 2024 - 19:55

الاقتصاد الدائري .. المغاربة يدعمون مكافحة النفايات البلاستيكية (استطلاع للرأي)

الأحد 10 نوفمبر 2024 - 17:35

السيد الكثيري .. ملحمة المسيرة الخضراء حدث نوعي بصم تاريخ المغرب الحديث بروح السلم والسلام