المغــــرب والإتحاد الأوروبي شراكة دائمة رغم المنغصــــــــات
رغم أن المغرب يرتبط عضويا بالسوق الأوروبية لعدة اعتبارات تاريخية وتجارية واقتصادية وسياسية، إلا أن ذلك لا يمنع من توسيع دائرة شركائه حتى لا يبقى رهينا لمزاجية بعض الدوائر الأوروبية واستفزازها.
فوجئ الاتحاد الأوروبي بموقف المغرب الحازم والمتعلق بسيادته على أرضه وموارده الطبيعية، وتأكيده على أن مصالحه الاستراتيجية مرتبطة بكل التفاصيل السياسية والاقتصادية والتجارية. والسؤال المطروح هو من سيخسر من قرار المحكمة الأوروبية القاضي بإلغاء الاتفاق الزراعي بين الاتحاد والمغرب؟
الجواب جاء صريحا من وزير الاقتصاد والمالية المغربي، بأن “الخاسر الأول هو الاتحاد الأوروبي، وأن لا أحد يملك حق مساومة في قضية الوحدة الوطنية”. الوزير اعتبر أنه لا يمكن خلط المصالح التجارية الآنية بمبررات قانونية غير متماسكة لضرب المصالح الاستراتيجية للمغرب وعلاقاته المتشابكة مع دول العالم ومنها الاتحاد الأوروبي.
إن استجابة المحكمة الأوروبية لدعوى البوليساريو المطالبة باستثناء الأقاليم الجنوبية من الاتفاق الزراعي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، تتناقض مع الوضع المتقدم بين الجانبين، ولا تتناسب مع البيان الختامي لمجلس الشراكة بينهما الذي صدر في ديسمبر الماضي، وأكد على أن الشراكة مع المغرب ذات قيمة أساسية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي الذي أكد التزامه بها.
وكان خبراء في القانون الدولي قد أكدوا أن ذلك البيان هو حرص شديد من جانب الاتحاد الأوروبي على استمرارية الشراكة وتعزيزها لتشمل كافة الميادين والمجالات.
ويعود الاتفاق الزراعي بين المغرب والاتحاد الأوروبي إلى سنة 2010، وصادق عليه البرلمان الأوروبي في فبراير 2012، ودخل حيز التنفيذ في أكتوبر 2013.
إن الذين انساقوا وراء الادعاءات والأراجيف التي دفعتهم إلى سن حكم قضائي للفصل بين مختلف المناطق في المغرب والتمييز بين منتجات شماله وجنوبه، كان عليهم أن يعودوا إلى تأكيد رأي مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني بأن “الاتفاقيات الثنائية مع المغرب لا تقبل التشكيك”.
وتعود تلك الشراكة على أوروبا بفوائد كبيرة تمتد من الجودة العالية للمنتجات الزراعية المغربية إلى خيرات الصيد البحري المتنوعة، الأمر الذي يؤكد وجود أطراف تسعى لضرب المصالح المتبادلة وعرقلة التقارب المغربي الأوروبي.
ويبدو أن دوافع سياسية تقف خلف قرار المحكمة الأوروبية، الذي يعكس المخاوف من منافسة المنتجات الزراعية المغربية لمنتجات دول أوروبية.
وهناك لوبيات كثيرة مناهضة لمصالح المغرب سواء في أسبانيا أو بلجيكا ودول أوروبية أخرى، وهي تختبر مصداقية تأكيد البيان الختامي الأوروبي بأنه سيبقى شريكا اقتصاديا رئيسيا للمغرب، ومدى حرصه على تطوير العلاقات النموذجية مع الرباط في جميع المجالات.
ولا شك أن الجارة الجزائر تعمل جاهدة وبكل الوسائل للتأثير على مؤسسات الاتحاد الأوروبي لزعزعة الاتفاقات المغربية الأوروبية ومنها الاتفاق الزراعي، وهو ما يؤكده بيان وزارة الخارجية الجزائرية الذي أكد على أنها ترحب بقرار المحكمة الأوروبية.
ورغم أن المغرب يؤكد حرصه على تطوير علاقاته السياسية والاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، لكنه يؤكد أيضا أنه يعمل جاهدا لتجاوز مخلفات الاستعمار القديم والجديد من خلال إطار تعاون جنوب – جنوب لأجل غد أفضل على أساس تحقيق أمن غذائي واقتصادي وتنمية اجتماعية سواء داخل القارة الأفريقية أو العالم العربي وذلك بهدف تحقيق الاستفادة الحقيقية من مواردها ومؤهلاتها.
لذلك ينبغي على العقلاء داخل الاتحاد أن ينتبهوا لمناورات خصوم مصالح المغرب وأوروبا الاستراتيجية، والتعامل مع الرباط باعتبارها شريكا يعتمد عليه في كل المجالات. علما وأن الاتفاق الزراعي بين الجانبين يستجيب لبنود القانون الدولي في مواجهة المبررات والحجج الواقية التي ساقتها المحكمة الأوروبية.
وعلى الأوروبيين أن يدفعوا باتجاه تمتين العلاقات التجارية والاقتصادية مع الطرفين بشكل حقيقي، لأن المغرب ضخ أموالا من قوت الشعب من أجل تطوير الصحراء المغربية وتحسين حياة سكانها.
وتقدم الاستثمارات الكبيرة والمشاريع الكبرى التي أطلقها العاهل المغربي مؤخرا في كل من الداخلة والعيون، والتي تشمل تطوير صناعة الصيد البحري، خير دليل على أن المغرب يسعى إلى تحقيق التنمية بكل مقوماتها داخل هذا الجزء من ترابه.
ورغم أن المغرب يرتبط عضويا بالسوق الأوروبية لعدة اعتبارات تاريخية وتجارية واقتصادية وسياسية، إلا أن ذلك لا يمنع من توسيع دائرة شركائه حتى لا يبقى رهينا لمزاجية بعض الدوائر الأوروبية واستفزازها .
مملكتنا.م.ش.س/عرب