براريك دوار العسكر تعرقل تحول فـــــاس إلى مدينة بدون صفيــــــح
يخوض سكان دوار العسكر، التابع لمنطقة ظهر المهراز بمدينة فاس، احتجاجات متوالية للمطالبة بإعادة النظر في لوائح المستفيدين من برنامج إعادة إيواء قاطني حيهم، ومراجعة الشروط المالية التي تقترحها عليهم السلطات للاستفادة من الشقق المقترحة كبدائل لـ”البراريك” التي آوتهم لحوالي ستة عقود.
ويقف هذا الجيب الصفيحي، الأخير من نوعه بمدينة فاس، حجرة عثرة أمام إعلان المدينة خالية من دور الصفيح، رغم أن البرنامج الذي سطر لتحقيق هذا الحلم انطلق سنة 2004، وعول عليه لإلحاق العاصمة العلمية بقائمة “مدن بدون صفيح” في غضون سنة 2014.
دوار عمـــــره عقــــــــــــــــــود
ينتشر دوار العسكر بظهر المهراز على ثلاث وحدات أساسية؛ وهي حي “باب الغول”، وحي “الطريق المقدسة”، وحي “ممنوع الدخول”؛ ما جعله أضخم حي صفيحي بمدينة فاس؛ كما يحتل موقعا إستراتيجيا بالمدينة، نظرا لقربه من وسطها.. كما أن تواجده محاطا بالثكنات العسكرية والمركب الجامعي أكدال جعله يستقطب وافدين جددا مع مضي السنوات.
ويعود ظهور الحي ذاته إلى الفترة الاستعمارية، قبل أن يتحول إلى تجمع سكاني غالبية قاطنيه من “العسكر” الممارسين أو المتقاعدين، انضمت إليهم في ما بعد طبقات اجتماعية أخرى، وخاصة النازحون من بوادي أحواز فاس؛ كما أن تفضيل الطلبة السكن بدوره الصفيحية، نظرا لقربه من المركب الجامعي أكدال، وزواج أبناء العائلات المقيمة فيه وسع قاعدته الديموغرافية ونشط اقتصاده.
مقتـــرحـــات وتعثــــــــــــرات
كانت عملية إعادة الإيواء بدوار العسكر انطلقت من حي ممنوع الدخول قبل 12 سنة؛ وهو الحي الذي أصبح من الماضي بعد أن تم “القضاء” على دوره الصفيحية نهائيا، أما الحيين الآخرين فانطلقت بهما، بدورهما منذ سنوات، عمليه إعادة الإسكان، غير أنها تعثرت بحي باب الغول، ولم تكتب لها النهاية المأمولة، نظرا لكون المستفيدين من الأشطر المنجزة يشتكون من عدم تطابق مساحات الشقق المسلمة لهم مع الشروط التي تم الاتفاق عليها، والتي كانت تقضي باستفادتهم من شقق تصل مساحتها إلى 80 مترا مربعا، عوض الشقق التي عرضت عليهم، والتي تتراوح مساحتها ما بين 50 و60 مترا مربعا فقط.
وعمدت الجهات المعنية، لتجاوز هذا التعثرات، إلى اقتراح حل ثان للتفاهم مع المعنيين، يتمثل في تسليمهم بقعا أرضية بملكية مشتركة بين ثلاثة مستفيدين، تتراوح مساحتها ما بين 196 و228 مترا مربعا، مقابل تأدية كل واحد منهم مبلغ 9 آلاف درهم، أو الاستفادة من شقة منجزة في العمارات التي بنيت لهذا الغرض. كما اقترح على المتزوجين في العائلة المركبة الاختيار بين الاستفادة من شقة في إحدى مشاريع “العمران”، يؤدى ثمنها على أقساط، أو تسلم مبلغ مالي قدره 80 ألف درهم.
مطــــالب متعـــددة والهــــــــــدف واحد
تم قبول المقترحات الأخيرة التي عرضتها السلطات وشركاؤها في هذا المشروع من طرف عدد من قاطني حي باب الغول، بينما رفضها آخرون؛ فيما وافق سكان حي ممنوع الدخول على الاستفادة من البقع التي كانت تتواجد عليها “براريكهم”. أما المفاوضات مع قاطني حي الطريق المقدسة فتراوح مكانها، بعد أن رفض المستهدفون من برنامج إعادة الإيواء عرض السلطات التي يصفونها بـ”غير المنصفة”.
وتختلف مطالب سكان حي الطريق المقدسة، حسب الطبيعة الاجتماعية لكل فئة، فغير المحصيين يطالبون بتضمينهم في قائمة المستفيدين؛ أما العائلات المركبة فتدعو إلى استفادة أبنائها المتزوجين من إعادة الإسكان وبالحقوق نفسها؛ بينما فئة ثالثة تتشبث بالحق في الاستفادة من البقعة نفسها التي توجد عليها “براريكها” حاليا. كما يطالب المستهدفون من برنامج إعادة الإيواء بتحديد تواريخ مضبوطة لإنجاز المشروع، مع تسهيل مساطر الاستفادة.
ويعيش ملف إعادة إسكان الحي الصفيحي الطريق المقدسة بدوار العسكر بفاس، هذه الأيام، على إيقاع الاحتقان بين السلطات والمستفيدين؛ ما ترتب عنه تنفيذ سلسلة من الاحتجاجات بالمكان عينه، وأمام مقر جهة فاس مكناس، طالب من خلالها قاطنو هذا الجيب الصفيحي بصياغة حل جدي ومعقول لمشكل إعادة إيوائهم.
ويضع سكان حي الطريق المقدسة، وما تبقى من ساكنة حي باب الغول، أيديهم على قلوبهم في ظل التخوف من انتقال السلطات من أسلوب المهادنة والحوار إلى أسلوب فرض الأمر الواقع.
مملكتنا.م.ش.س/هسبريس