المغــــرب يستثمر في علاقاته الأفريقية لخدمة قضية الصحـــــراء
إنفتـــاح المغـــــرب على القارة السمراء يمهد لعودة الرباط إلى الإتحاد الأفريقي بعد انسحابها من هذه المنظمة عام 1984؛ بسبب قبولها عضوية “البوليساريو” في الاتحاد.
يرى محللون مغاربة أن توجه المغرب إلى توطيد علاقاته مع دول أفريقية يهدف إلى دعم موقف الرباط في قضية إقليم الصحراء المتنازع عليه مع “الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب” (البوليساريو).
وتؤكد الرباط أحقيتها في الصحراء، وتقترح حكما ذاتيا موسعا، تحت سيادتها، بينما تدعو “البوليساريو” إلى تنظيم استفتاء لتقرير مصير المنطقة، وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تستضيف نازحين من الإقليم.
واعتبر هؤلاء المحللون، لوكالة الأناضول، أن انفتاح المغرب على القارة السمراء يمهد لعودة الرباط إلى الإتحاد الأفريقي بعد انسحابها من هذه المنظمة عام 1984؛ بسبب قبولها عضوية “البوليساريو” في الاتحاد.
ووجه العاهل المغربي الملك محمد السادس، خلال قمة الاتحاد الأفريقي، في العاصمة الرواندية كيغالي، يوليو الماضي، رسالة إلى القادة الأفارقة عبر فيها عن رغبة الرباط في استعادة عضويتها في الاتحاد، وهو ما رحبت به 28 دولة أفريقية شاركت في هذه القمة.
وكثف المغرب، خلال السنوات الأخيرة، من زيارة مسؤوليه لدول أفريقية، وإقامة شراكات اقتصادية واجتماعية ودينية.
وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الأول بمدينة وجدة (شرق)، خالد الشيات، إن “المغرب هو ثاني أكبر مستثمر في أفريقيا، والشريك الاقتصادي الأول في أفريقيا الغربية”.
ووفق الخبير المغربي المختص في الشؤون الأفريقية، الموساوي العجلاوي، “يجب قراءة طلب المغرب العودة إلى الاتحاد الأفريقي وقضية الصحراء والتعاون جنوب – جنوب في منظومة واحدة”.
واعتبر العجلاوي أن “قرار عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي يأتي في ظل تغير موازين القوى في الاتحاد، خصوصا في ظل التحولات الكبيرة التي حدثت في عدد من دول القارة، سواء السياسية، مثل الفراغ الناجم عن موت العقيد الليبي معمر القذافي، الذي كان يدعم دولا أفريقية عدة، أو المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها بعض الدول، مثل نيجيريا، أحد مؤيدي جبهة البوليساريو، التي تعاني أزمة بسبب تراجع أسعار النفط، وتنامي الإرهاب بسبب جماعة بوكو حرام”.
وبشأن زيارة العاهل المغربي مؤخرا لعدد من دول شرق أفريقيا، قال العجلاوي إن “هذه الدول (في الشرق) تعرف أن هناك تحولا في موازين القوى بأفريقيا، وأن المغرب مرشح لتغيير هذه الموازين لصالحه؛ بفضل استقراره السياسي والأمني والاقتصادي مقارنة مع جيرانه من دول شمال أفريقيا”.
وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس بالعاصمة الرباط، الحسن بوقنطار، إن “استراتيجية المغرب تقوم على حشد تأييد ودعم الدول الأفريقية”، لكنه نبه إلى أنه “ليس بمجرد تحركات المغرب ستتغير سياسة هذه الدول الأفريقية، فعلى الرباط أن تنتظر جني ثمار سياستها وشراكاتها في أفريقيا، خاصة في ملف الاتحاد الأفريقي وقضية الصحراء”.
وأضاف بوقنطار “المغرب يهدف إلى الدفاع عن قضية الصحراء من داخل الاتحاد الأفريقي، وهو ما جعله يقرر العودة إلى الاتحاد” وختم بأن “عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي تطرح إشكالية كبرى في ظل استمرار عضوية جبهة البوليساريو”.
وانسحب المغرب، نوفمبر الماضي، من مؤتمر القمة الأفريقية – العربية الرابعة في غينيا الاستوائية بسبب مشاركة جبهة البوليساريو ، وتضامن مع المغرب عدد من الدول العربية، حيث انسحبت أيضا كل من السعودية والإمارات وقطر والبحرين والأردن وسلطنة عمان واليمن والصومال.
واعتبر الشيات أن “ما وقع في القمة العربية – الأفريقية في صالح المغرب؛ لأن الدول التي انسحبت لها وزن اقتصادي مهم”، فيما ذهب بوقنطار إلى أن “هذا الحادث يبين أن قرار عودة المغرب إلى الاتحاد ليس قبولا بالوضع السابق، الذي استوجب انسحابه، بل يجب إرجاع المشروعية إلى الاتحاد بتجميد أو إلغاء عضوية الجمهورية الصحراوية”.
وبدأت قضية الصحراء المغربية عام 1975، إثر إنهاء الاحتلال الإسباني، ليتحول النزاع بين المغرب و”البوليساريو” من جهة، وبين هذه الأخيرة وموريتانيا من جهة ثانية إلى نزاع مسلح استمر حتى عام 1979 مع موريتانيا، التي انسحبت من إقليم “وادي الذهب”، قبل أن تدخل إليه القوات المغربية، بينما توقف القتال مع المغرب عام 1991، إثر اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأعلنت “البوليساريو”، من طرف واحد، قيام ما يسمى “الجمهورية العربية الصحراوية” عام 1976، واعترفت بها بعض الدول، لكنها ليست عضوا في منظمة الأمم المتحدة ولا جامعة الدول العربية.
مملكتنا.م.ش.س/عرب