مراكش – يشكل منتزه الزيتون ب”غابة الشباب”، الذي فتح أبوابه، أمس الثلاثاء، أمام ساكنة وزوار مدينة مراكش، واحة خضراء حقيقية، وفضاء للاسترخاء بقلب المدينة الحمراء.
ويأتي هذا الفضاء، الذي أعيد تأهيله في إطار برنامج “تأهيل الحدائق والمتنزهات التاريخية” لمؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، ويمتد على مساحة 120 هكتارا بالنسبة للجزء الذي يحتضن منتزه الزيتون، ليؤكد الطابع الإيكولوجي لمدينة مراكش. ويسعى إلى أن يشكل إطارا ملائما للتحسيس والتربية على البيئة.
ومن أجل إعادة إحياء هذا الفضاء التاريخي الرمزي وإضفاء طابع جمالي عليه، وتمكين ساكنة المدينة الحمراء وزوارها من الاستفادة منه، أعطيت انطلاقة أشغال إعادة التهيئة منذ سنة 2014.
وقالت السيدة إعتماد الزاير، المكلفة بالعدة البيداغوجية بمؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، في تصريح للصحافة، على هامش حفل تدشين هذا المنتزه، من قبل صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، رئيسة هذه المؤسسة، إن “هذا المنتزه تم تدشينه من قبل مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة بمعية شركائها، في إطار برنامج ‘تأهيل المنتزهات والحدائق التاريخية’، الرامي إلى إعادة إحياء هذه الفضاءات، مع احترام قيمتها التاريخية، وفي الوقت نفسه دمج فضاءات بيداغوجية داخلها، وذلك في إطار رسالتها المتعلقة بالتربية والتحسيس بالتنمية المستدامة”.
وأوضحت السيدة الزاير أن “غابة الشباب”، وبالإضافة إلى كونها فضاء للإنتاج الزراعي، تضطلع بدور منتزه حضري، لأنها مزودة بفضاءات للأنشطة الرياضية وأخرى بيداغوجية، مبرزة أن مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة أقامت مسارا بيداغوجيا، مصمما من قبل طلبة المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بالرباط، مما أفضى إلى تقديم مفاهيم وحلول مبتكرة من حيث التحسيس والتربية على البيئة والتنمية المستدامة.
وتمثلت المراحل الأولى في المحافظة على ما هو موجود، من خلال غرس 1160 شجرة زيتون وإعادة تأهيل أو حفر 3 آبار وتجهيزها بالمضخات التي تعمل بالطاقة الشمسية.
ومن أجل الحفاظ على التنوع البيولوجي المحلي، بالإضافة إلى أشجار الزيتون، تمت زراعة 3420 شجرة و 64000 شجيرة في الفضاءات الأخرى. كما تعلقت الأشغال بأحواض لتخزين المياه وشبكة الري الجوفية والسطحية، مما مكن من حفظها وإعادة إنتاجها.
وتم، في هذا الاتجاه، استحداث نظام للري الموضعي، لحفظ المياه وتوفيرها مع إعادة تأهيل الآبار وتركيب نظام إدارة إيكولوجية (الطاقة الشمسية)، مما يسمح باستقلالية الري بالنسبة لجميع المساحات المزروعة.
وأوضح وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، السيد محمد صديقي، أنه “في إطار تهيئة هذا المنتزه، وضعت وزارة الفلاحة نظاما للري بالتنقيط باستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة من محطة التطهير والمعالجة في مراكش”.
وأضاف أن هذا النظام سيمكن من تقليص استهلاك المياه بنسبة تصل إلى حدود 40 بالمئة، ومن ثمة تأمين استدامة منتزه الزيتون، الذي يضم 11 ألف شجرة.
وهكذا، فإن مفهوم المناظر الطبيعية في “غابة الشباب” قد رصد 6 محطات بيداغوجية تعليمية وممتعة، 4 منها كانت موضوع مسابقة للأفكار تم إطلاقها مع المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية سنة 2020 ، وتتعلق وحداتها بالمحاور التالية : “منتزه الزيتون بغابة الشباب”، و “الشجرة في المدينة”، و”التنوع البيولوجي لجهة مراكش”، و”تكيف النباتات مع البيئة الجافة”، و”حديقة الحشرات والتلقيح”، و “الخطارات”.
ويتمثل الجزء الثاني من المشروع في تجهيز هذا الفضاء بمرافق رياضية وترفيهية، من أجل ترسيخ رسالته الأصلية.
وقد تم تجهيز منتزه الزيتون بكافة التجهيزات الحضرية اللازمة لضمان راحة زواره، ولافتات التأشير، والإنارة الشمسية، والعديد من البرجولات والمظلات.
وأخيرا، تمت تهيئة مسار ممتد على مسافة 3 كيلومترات وفقا لتوصيات الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، ويتمتع الآن بجميع خصائص المسار المحترف.
وقامت مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، في إطار برنامج “تأهيل الحدائق والمتنزهات التاريخية” بإعادة تأهيل عرصة مولاي عبد السلام في مراكش سنة 2005 والحدائق العجيبة ببوقنادل (2005) وجنان السبيل بفاس (2010) ولارميطاج بالدار البيضاء (2011) ، إلى جانب منتزه الزيتون ب”غابة الشباب”.
وتمت إعادة تأهيل هذه الأماكن التراثية في تناغم مع تاريخها، بهدف الحفاظ على طابعها الأصيل وأصالتها.
وتوفر هذه الحدائق التي أعيد تأهيلها بالكامل، والتي تقع في قلب المدن، لسكانها مساحات للاسترخاء تسمح لهم بالاتصال بالطبيعة.
مملكتنا.م.ش.س/و.م.ع