عاشوراء .. هل تُلغي أزمة الماء طقس زمزم ؟
ترتبط مناسبة “عاشوراء” في المخيال الشعبي المغربي باحتفالاتها الكرنفالية التي تجسد رمزية الثنائية القائمة على الموت (النار) والانبعاث (الماء)، فبعد ليلة العاشر من شهر محرم، التي يُضرم خلالها الأطفال والشباب نارا في الأحياء الشعبية تسمى “شعالة”، يأتي يوم “زمزم” أو “التزمزيمة”.
ويدشن الصغار، صباح اليوم العاشر من محرم، طقس “زمزم” برش بعضهم البعض بالمياه قبل أن ينتقلوا إلى الجيران وبعدهم المارة عبر الدروب والأزقة، لتبدأ بعدها المطاردات في الشوارع بين الذكور والإناث، ويطلق البعض على هذا الطقس “التزمزيمة”.
وتعود عادة رش الماء في هذا اليوم، إلى طقوس في الديانة اليهودية لا يزال اليهود المغاربة يتمسكون بها منذ قرون، حيث يعتقدون أن الماء كان سببا في نجاة النبي موسى في هذا اليوم من بطش فرعون وجنوده، في حين يقول آخرون إن الأمر مرتبط بأن الحسين بن علي عندما أمر بالحرب اشتد العطش بالناس، لذلك يستخدم الماء تجسيدا لهذه اللحظة.
ووفق الكاتب والباحث، مصطفى واعراب، فإن احتفالات عاشوراء تتواصل خلال اليوم العاشر من محرم الذي يسمى يوم “التزمزيمة”، حيث يتراشق الناس بالماء البارد وتتحول الأحياء الشعبية إلى ساحة معركة، يلاحق فيها الأصدقاء والجيران بعضهم بعضا لرشهم بالماء، بينما يقوم بعض سكان البوادي برش الماء على ماشيتهم ومحاصيلهم طلبا للبركة.
وكشف واعراب، في حديثه مع SNRTnews، أن أصل تسمية زمزم أو “التزمزيمة” يعود إلى كون المغاربة يعتقدون منذ القدم بأن الآبار والأنهار تكتسب قبل طلوع اليوم الموالي لليلة المباهج خاصية سحرية، لأنها تصير لفترة قصيرة محملة ببركة بئر “زمزم” بمكة المكرمة، حيث يعتقدون بأن كل الآبار وعيون الماء والغدران والبحيرات تصير متصلة خلال المناسبة بمياه البئر المكية.
وأبرز المتحدث ذاته أنه في بلد شبه جاف وتندر فيه المياه كالمغرب، كان السكان مسلمين ويهودا ينهون طقوس النار برش بعضهم البعض بـ”ماء زمزم”، تيمنا بماء البئر المقدسة التي تسكن الوجدان، وتعبيرا منهم عن أملهم الدائم والمتجدد في أن تكون السنة الموالية مطيرة، “وهي طقوس ومعتقدات ما زالت منتشرة حتى الوقت الراهن”.
ويقول صاحب كتاب المعتقدات السحرية في المغرب: “اعتادت النسوة في بعض المناطق على النزول إلى مناطق التزود بالماء القريبة، قبيل طلوع شمس العاشر من محرم من أجل تعبئة أوان يحفظن فيها شيئا من ذلك الماء، أما في المناطق الساحلية، فيختمون طقوس نيران المباهج بالنزول المبكر إلى الشواطئ من أجل الاستحمام الذي يعتقدونه قادرا على تخليصهم من شرور السحر وجلب البركة”.