الرباط ــ أمام الوضعية المائية الصعبة التي يمر بها المغرب وارتفاع الضغط على الموارد المائية وسط توالي سنوات الجفاف وقلة التساقطات، تثار مجموعة من التساؤلات حول الأدوار المنوطة بـ”شرطة المياه” في مراقبة استعمال واستغلال الموارد المائية وردع كل الممارسات التي من شأنها تقويض الجهود الرامية إلى محاصرة حالة الإجهاد المائي التي تعرفها البلاد.
وبالعودة إلى المادة 131 من القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء، فإنه “يُعهد بمعاينة مخالفة مقتضيات هذا القانون ونصوصه التطبيقية وتحرير المحاضر في شأنها، علاوة على ضباط الشرطة القضائية المشار إليهم في القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية، إلى أعوان شرطة المياه المعينين لهذا الغرض من طرف الإدارة ووكالات الأحواض المائية والمؤسسات العمومية الأخرى المعنية، والمحلفين طبقا للتشريع المتعلق بأداء القسم من طرف الأعوان المكلفين بتحرير المحاضر”.
كما سمحت مقتضيات القانون ذاته لأعوان شرطة المياه بالولوج إلى الآبار والأثقاب وأي منشأة أو تجهيزات أخرى لاستعمال أو استغلال الملك العمومي المائي، ويمكنهم معاينة المخالفات التي يعاقب عليها التشريع المتلق بالماء ونصوصه التطبيقية بكل وسيلة مناسبة.
وبالنظر إلى أهمية هذا الجهاز، خاصة في ظل الظرفية الحالية المتسمة بتنامي الدعوات إلى ترشيد استعمال المياه والحفاظ على الثروة المائية، دعت فعاليات حقوقية وجمعوية مهتمة بهذا الموضوع من جهتها إلى تفعيل عمل شرطة المياه وتوسيع صلاحياتها وضخ موارد بشرية ولوجستية فيها من أجل مواكبة ومراقبة تنزيل الاستراتيجية الوطنية في هذا الصدد، وضمان حق المواطن المغربي في الماء وفي الأمن المائي.
في هذا الإطار، قال إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إن “ضمان حق المواطن المغربي في الماء وفي الأمن المائي، يقتضي أولا فتح حوار وطني جدي حول هذه المسألة، وتوحيد القطاعات المتدخلة في تدبيره في إطار مؤسسة مستقلة تضم كفاءات وطنية عالية وتنفتح على التجارب الدولية في هذا الصدد؛ ذلك أن تعدد المتدخلين في هذا القطاع وتضارب سياساتهم، عامل يحد من فاعلية البرامج الوطنية الموجهة للماء”.
وتفاعلا مع سؤال لهسبريس حول أهمية تفعيل وتوسيع صلاحيات شرطة المياه لتجاوز تداعيات الإجهاد المائي في المغرب، أفاد السدراوي بأن “تجربة شرطة المياه في المغرب أثبتت فشلها، إذ ما زالت هناك العديد من الآبار التي تُشيد بدون رخص وبدون أي متابعة من أي جهة كانت، وهذه الشرطة لم تؤد دورها في ردع الممارسات التي تستنزف الموارد المائية في المملكة على غرار الآبار العشوائية وغيرها”.
وفي تفسيره لأسباب هذا “الفشل”، قال المتحدث إن “ذلك راجع بالأساس إلى عدم وضوح عمل وأدوار هذه الشرطة على المستوى الميداني، ومحدودية صلاحياتها التي أوكلها إليها النص القانوني، أضف إلى ذلك تعدد المتدخلين أيضا في تعيين أعوان شرطة المياه، دون أن نغفل محدودية الموارد البشرية واللوجستية المتوفرة لهذا الجهاز من أجل القيام بمهامه”، داعيا في الوقت ذاته إلى “توسيع صلاحيات شرطة المياه وضح موارد بشرية إضافية فيها، ثم النظر جديا في استعمالات الماء من أجل ترشيده وتلافي ما يمكن أن يحدث مستقبلا”.
من جانبها، قالت سليمة بلمقدم، رئيسة حركة “مغرب البيئة 2050″، إن “شرطة المياه أداة من أدوات تفعيل النصوص القانونية وتنزيل الاستراتيجية الوطنية للماء”، مسجلة أن “الوضعية المائية والسوسيو-اقتصادية التي يمر منها المغرب تفرض ضرورة توظيف المزيد من الأعوان في هذا الجهاز لتغطية كامل التراب الوطني بمجالاته المختلفة، وبالتالي خلق المزيد من مناصب الشغل من جهة، ومواكبة تنزيل البرامج الوطنية في هذا الصدد وضمان احترام القانون من جهة أخرى”.
وأضافت المتحدثة لهسبريس أن “تجاوز هذه الوضعية يقتضي تضافر جهود مختلف المتدخلين، بما فيهم وزارة التجهيز والماء والمجلس الأعلى للماء ووكالات الأحواض المائية التي يجب عليها أن تقوم بأدوارها في هذا الصدد”.
وخلصت رئيسة حركة “مغرب البيئة 2050” إلى ضرورة “إعادة هيكلة منظومة السياسة المائية، خاصة وأن المغرب يعيش حالة طوارئ مائية تفرض تفعيل جميع الأدوات والآليات، من ضمنها شرطة المياه وشرطة البيئة، من أجل إنجاح الاستراتيجيات الوطنية الموجهة للماء ومراقبة تفعيل وتنزيل خطوطها العريضة ومواكبة تنزيلها على أرض الواقع؛ ذلك أن إقرار مشاريع كبرى دون مراقبة لن يؤدي سوى إلى فشل هذه المشاريع”.
مملكتنا.م.ش.س/وكالات