الرباط ــ في سابقة من نوعها، اختار حزب الأصالة والمعاصرة لجنة مشتركة لقيادته في المؤتمر الوطني الخامس المنعقد ببوزنيقة، تتقدمها فاطمة الزهراء المنصوري، وتشمل أيضا صلاح الدين أبو الغالي ومحمد المهدي بنسعيد.
واعتبر خبراء أن التوجه نحو هذه القيادة المشتركة دليل على أن الحزب يعيش أزمة جراء تبعات تورط قياديين في الاتجار الدولي بالمخدرات، معتبرين أنه تكتيك سياسي مؤقت التجأ إليه الحزب من أجل تجديد هياكله العليا.
ودافع القياديون الثلاثة عن التوجه الذي تم اختياره للحزب، إذ قالت فاطمة الزهراء المنصوري، منسقة القيادة المشتركة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة: “ليست هناك أزمة قيادة، بل هناك أطر من مستوى عال، ولدينا مؤسسون”.
من جهته أكد صلاح الدين أبو الغالي، عضو القيادة الثلاثية، أن “الحزب سيعمل على تخليق العمل الحزبي، من خلال وضع دفتر تحملات يخص المنتسبين له والراغبين في الترشح باسمه مستقبلا”.
كما حاول محمد المهدي بنسعيد، عضو القيادة المشتركة، توضيح أسباب اللجوء إلى هذا النوع من التدبير بدلا من أمانة عامة، مشيرا إلى أن “القيادة الجماعية ستمكن من استحضار جميع التوجهات والخروج بقرار في مصلحة الحزب”.
وفي هذا الإطار قال رشيد لزرق، رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، إن “حزب الأصالة والمعاصرة في مفترق طرق في التعاطي مع تبعات تورط قياداته في الاتجار الدولي بالمخدرات، وهو الحزب الذي تبوأ المرتبة الثانية في الانتخابات الأخيرة، والمشارك في حكومة عزيز أخنوش”.
وأضاف لزرق ضمن تصريح لهسبريس أن “الأمر يفترض إحداث رجة تنظيمية لاستيعاب واقع الصدمة وتجاوزها”، متابعا: “لهذا انشغلت قيادة الحزب بضرورة التوافق خوفا من انشطاره، ولاستيعاب هذا الحدث يقتضى الأمر تطهير التنظيم”.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري أن “تضمين الأمانة العامة قيادة جماعية يشير إلى أن هناك أزمة كبيرة يعرفها الحزب، وصعوبة المرحلة التي تعد مرحلة انتقالية تبتغي التطهير الذاتي وإعداد الأجواء لقائد جديد من خارج الجماعة المسيرة حاليا ليكون أمينا عاما”، مردفا: “يجب أن يكون هذا الشخص ذا ثقل سياسي كي يستطيع خوض الاستحقاقات القادمة والمنافسة على ترؤس الحكومة في انتخابات 2026 التي ستكون انتخابات غير عادية، كونها ستشرف على مشاريع كبرى، وفي أولها مشاريع كأس العالم والتوجهات نحو إفريقيا وتحقيق الإقلاع الاقتصادي بغاية بلوغ المغرب مصاف الدول الصاعدة”.
من جانبه قال البراق شادي عبد السلام، محلل سياسي، إنه “لا يختلف اثنان على أن الحزب يمر من أزمة سياسية جد دقيقة جراء العديد من العوامل، سواء التنظيمية المرتبطة بتورط العديد من المنتمين إليه في قضايا فساد، أو العوامل الخارجية المتعلقة بتورط قياديين بارزين في ملفات جنائية بأبعادها المتعددة والمتداخلة المعروضة على القضاء، ما أثر بشكل كبير على طبيعة الاختيارات التنظيمية للحزب”.
وأضاف عبد السلام ضمن تصريح له أن “اختيار ترويكا حزبية عبارة عن قيادة جماعية للأمانة العامة لتدبير المرحلة يعكس وعي الأنتليجنسيا داخل الحزب بطبيعة التحديات الوجودية التي تواجه التنظيم في المرحلة المقبلة، واختيار قيادات لديها حضور قوي في المشهد السياسي والحزبي وعليها إجماع تنظيمي داخل هياكل الحزب وقواعده هو المخرج الأمثل للتنظيم من أجل استيعاب كل التساؤلات المطروحة، وتقديم إجابات تنظيمية تتماشى مع مطالب قواعد الحزب في تطهيره من الوجوه التي أساءت إلى تجربته ومساره السياسي بشكل عام”.
واعتبر المحلل السياسي ذاته أن “القيادة الجماعية للأمانة العامة تكتيك سياسي مؤقت التجأ إليه الحزب من أجل تجديد هياكله العليا وفق خارطة طريق واضحة المعالم، تشكل قاعدة انطلاق متينة لتدشين مزيد من الفعاليات الكفيلة بالحفاظ على وحدة التنظيم وتماسكه، وسرعان ما ستتم العودة للمنطق التقليدي في قيادة الحزب في محطات تنظيمية مقبلة، مع وضوح توجهه السياسي وطبيعة اختياراته”.
مملكتنا.م.ش.س/وكالات