تمويل الانفصال والإرهاب يصنف الجزائر ” الأكثر بؤسا ” في المغرب الكبير

السبت 16 مارس 2024 - 12:06

على مستوى منطقة المغرب الكبير حلّت الجزائر في المرتبة الأولى لمؤشر البؤس العالمي HAMI، الأمر الذي يعني أن الجزائريين هم أكثر الشعوب المغاربية بؤسا، مقارنة مع بقية شعوب المنطقة المغاربية، رغم أن الجزائر بلد “غني” من الناحية الاقتصادية يستحوذ على جزء مهم من احتياطي الغاز المسال، فيما أثر هذه “الثروة الباطنية السخيّة” لا ينعكس على الشعب الجزائري الذي مازال “يعاني من الطغمة العسكرية”.

وفي وقت حلّ المغرب في المرتبة 56 كأقل بلدان المغرب الكبير بؤسا، جاءت الجارة الشرقية في الرتبة 36، حسب المؤشر الذي تعتمده الإدارة الأمريكية، الأمر الذي أثار تساؤلات كثيرة حول “غياب أثر موضوعي وواضح لعائدات النفط على نهضة البلاد وعلى رخاء العيش بالنسبة للإخوة الجزائريين”، الذين يرى متتبعون أن “وضعهم ظل أقل رفاهية”، لاسيما من حيث فرص الشغل التي وضعها المؤشر كمعيار لوضع الجزائر في هذه الرتبة.

“تمويل الإرهاب والانفصال”

عبد الفتاح فاتيحي، رئيس مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، قال إن “حلول الجارة الشرقية للمملكة في المرتبة الأولى مغاربيا وفق مؤشر البؤس العالمي يكشف غياب العدالة في توزيع الثروات بهذه الدولة، ويكشف أيضاً تحكم العسكر في عائدات البترول ويفضح غياب مؤسسات تدّبر عوائده بالشكل الذي يرفع من مستوى عيش الجزائريين”، لافتاً إلى “انعدام برامج حقيقية للتنمية البشرية أو موجهة لتقليص الفوارق المجتمعيّة وتقليل نسب الفقر”.

وأرجع الفاتيحي ارتفاع نسبة البؤس في الجزائر إلى “ارتفاع نفقات التسلح المخيفة التي تستنزف ميزانية الدولة الجزائرية، لاسيما بالاعتماد على الصفقات غير المراقبة مع الدول المصنعة والمصدرة للأسلحة”، مضيفا “تحكم القيادات العسكرية في الأنشطة الاقتصادية التي يفترض أن توزع على الساكنة بالعدل لرفع نسبة العيش الرغد في هذا البلد المغاربي”، فضلاً عن “إنفاق النظام الجزائري أموالاً طائلة في دعم الجماعات الإرهابيّة مثلما تقول مالي”.

المتحدث عينه أشار في تصريحه لهسبريس إلى “ما تطلّبه دعم جبهة البوليساريو منذ سبعينيات القرن الماضي من ملايير الدولارات، سواء على مستوى الدعم الدبلوماسي أو على مستوى التسليح والدعم المالي لتندوف”، معتبرا أن “الحجم المخيف لنفقات الجزائر على الجبهة الانفصالية يرجع إلى تعنت النظام الجزائري واستمراره في تغذية النزاع المفتعل حول الصّحراء المغربيّة”.

وكشف رئيس مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية أن “الجزائر تدعي أنها تنوع اقتصادها لكنها في الحقيقة مجرد شعارات لم تحقق الأهداف المروج لها؛ وهي مجرد دعاية اجتماعية لا أثر لها على أرض الواقع من حيث تحسين دخل الجزائريين أو تقوية اقتصادهم الوطني بشكل يخلق فرص الشغل، التي لفت إليها المؤشر سالف الذكر”، مستحضرا أيضا “مشكلة تضييق الخناق على حرية الرأي، التي لا تجعل الساكنة تنخرط في دورة اقتصادية وطنية متكاملة”.

“غياب تصور موجه”

لحسن أقرطيط، كاتب مختص في العلاقات الدولية، قال إن “الجزائر متخلفة عن نصف دول العالم في ما يتعلق بالمستويات الأربعة لمؤشر التنمية البشرية، سواء ما يتعلق بالفوارق بين الجنسين أو بالوضع الصحي أو الفوارق المتعلقة بأمد الحياة والبؤس البشري، وهذا طبعا أخذا بعين الاعتبار أنها دولة غنية جدا بالثروات الطبيعية”، مذكرا بأنها “احتلت المرتبة السادسة ضمن الدول المنتجة للغاز الطبيعي المسال في الـ11 شهرا الأولى من 2023”.

ولفت أقرطيط، في تصريحه لهسبريس، إلى أنه “من الغريب أن يكون الشعب الجزائري أكثر الشعوب شعورا بالبؤس رغم إنتاج بلده مليون برميل من النفط سنويا، وهو ما يعني أن الجزائر دولة تتوفر على إمكانات هائلة جدا من الموارد الطبيعية ومداخيلها، لكن اقتصادها يظل ريعيا وليس تنافسيا”، مستحضرا “نموذج الاقتصاد المغربي كاقتصاد موجه؛ وهو ما جعل المغرب يضع مبادرات وتصورات للتنمية البشرية وبرامج موجهة لا نجدها في الجزائر”.

وأشار المتحدث عينه إلى “التناقضات الجهوية داخل الجزائر، على اعتبار أن الوسط الشمالي هو الذي تتركز فيه نسبة التنمية البشرية بالمقارنة مع المناطق الأخرى من البلاد، وهو ما يحيل على وجود فوارق طبقية واجتماعية في الجارة الشرقية”، لافتا إلى “وجود فوارق مجالية خطيرة كذلك، وخصوصا منطقة الجنوب ومنطقة الغرب الجزائري، وهو ما يعني غياب الحوكمة أو الحكامة الاقتصادية، والحكامة المجالية، والحكامة في ما يتعلق بالتنمية”.

وأبرز المحلل ذاته أن “الطغمة العسكرية الحاكمة تستفيد من كل شيء، وبالتالي يعد هذا المؤشر دليلا حقيقيا على طبيعة البنية الاقتصادية والاجتماعية للجزائر، خصوصا أن ما يكرس هذا الوضع هو غياب اقتصاد مهيكل وغياب اقتصاد موجه في الجزائر، لاعتمادها بشكل كبير على الريع”، مؤكدا أن “مجال التنمية البشرية مصادر ومُجهض بشكل يرفع من نسبة البؤس وينعكس بشكل كبير على الوضع داخل البلاد”.

مملكتنا.م.ش.س/و.م.ع

Loading

مقالات ذات صلة

السبت 12 يوليو 2025 - 20:22

مالكي يبرز ثوابت الدبلوماسية المغربية

السبت 12 يوليو 2025 - 15:37

اجتماعات بالرباط للجنة التقنية ولجنة تسيير مشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي

الجمعة 11 يوليو 2025 - 22:49

واشنطن .. فن الطبخ المغربي يتألق خلال المسابقة الدبلوماسية السنوية

الجمعة 11 يوليو 2025 - 10:35

وكالة التنمية الرقمية تستقبل وفدا إفريقيا في إطار المجلس الإفريقي للمؤسسات والوكالات الرقمية