مجلس المنافسة .. اختتام اتفاق التوأمة المؤسساتية مع ائتلاف لسلطات منافسة لثلاث دول أعضاء بالاتحاد الأوروبي

الإثنين 18 مارس 2024 - 12:54

الرباط ــ أعاد قرار رفض مجلس المنافسة تقديم معطيات ومعلومات تخص اتفاقية الصلح المبرمة بينه وبين شركات المحروقات التسع، التي تنشط في أسواق تموين وتخزين وتوزيع الغازوال والبنزين، ومنظمتهم المهنية، لأحد أعضاء الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب الذي طلب الحصول عليها، إلى الواجهة النقاش بشأن قانون الحق في الحصول على المعلومة ومدى التزام المؤسسات الحكومية والدستورية بتطبيقه.

واعتبر مجلس المنافسة أن المعلومات المطلوبة تندرج ضمن المعلومات المشمولة بسرية الأبحاث والتحقيق، مؤكدا أن إفشاءها سيمس بمصالح المقاولات المعنية، وذلك طبقا لمقتضيات “المادة 16 من القانون رقم 20.13 كما تم تغييره وتتميمه، ضمن المعلومات المشمولة بسرية الأبحاث والتحقيق، كونها تتضمن معلومات حساسة تهم أسرار الأعمال”.

ويبدو أن الواقعة الجديدة تعيد إلى الواجهة النقاش الخاص بالشكاوى التي يعلن عنها بين الفينة والأخرى بخصوص تقديم مواطنين طلبات الحصول على معطيات في عدد من المؤسسات، ولا يتلقون أجوبة بخصوصها، الأمر الذي يدفع الكثير من الهيئات إلى المناداة باحترام القانون وإعادة النظر فيه، بل إن البعض يرى في التستر على المعطيات نوعا من العرقلة والفرملة لجهود محاربة الفساد.

السيادة والتحفظ

سجل خالد يايموت، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن القانون يجعل جميع المؤسسات المغربية أمام استحقاق دستوري وقانوني يفرض عليها “كشف المعلومات، سواء ذات الطبيعة المهنية أو الطبيعة العامة”، وأوضح أن الأولى تتعلق بـ”مهن معينة أو استثمارات أو الموارد الطبيعية، أو حتى بعض الكشوفات التي تتعلق بالإحصائيات إلى غير ذلك. والجانب العام هو كل ما يتعلق بالارتفاق العام للمواطن”.

وأضاف يايموت، في تصريح له ، أن “كل مواطن مغربي أو حتى أجنبي من حقه أن يطلع على المعلومات ذات الطابع العام، وهذه قاعدة دستورية وقانونية”، واستدرك بأن “هناك مسائل من الناحية العملية تحول دون اعتبار هذه القاعدة مطلقة، في جميع الدول من دون استثناء”.

وتابع الأكاديمي ذاته: “هناك ما يسمى الأرقام السيادية والمعلومة السيادية التي تحتفظ بها الدولة لأسباب مرتبطة بالسيادة الوطنية، سواء تعلق الأمر بالمعلومة الصحية أو بالمعلومة الأمنية أو المعلومة الغذائية أو غير ذلك”، مؤكدا أن كل هذه الأمور تفرض عليها من الناحية العملية “ما يفرض على الجوانب السيادية للدولة، بمعنى أن هناك ليس استثناء من الناحية الدستورية ولكن حظرا عمليا على نشر هذه المعلومات”.

وأشار إلى أن عدم تمكين الدولة لطرف معين من معلومات يطلبها ينتظم ضمن “الاستثناء السيادي للدولة، وكل دولة تعمل بهذا المنطق السيادي”، معتبرا أن الرؤية الحقوقية الصرفة في هذا المجال “هي رؤية ضيقة لا تنظر إلى طرف آخر، وهو موقع الدولة في الحروب المعلوماتية الدولية”.

وزاد يايموت موضحا: “عندما تنظر من زاوية شاملة، تجد أن أشرس الحروب التي تجري حاليا في الساحة الدولية هي ذات طبيعة معلوماتية، وانطلاقا من ذلك يكون من حق المغرب والأطراف الأخرى حماية المعلومات ذات الطبيعة السيادية”، وفق تعبيره.

غموض وضبابية

بخصوص واقعة قطاع المحروقات، سجل المتحدث ذاته أن هناك “إشكالية كبيرة في المغرب تتعلق بالمجال الطاقي، من حيث المتدخلين فيه أو طريقة اشتغالهم على مستوى السوق الوطنية أو امتدادهم على مستوى السوق الخارجية”، مبرزا أن هذا المربع فيه “ضبابية وغموض في المغرب، ويبدو أن هذه استراتيجية خاصة للدولة”.

وأفاد يايموت بأن الدولة “لا تريد أن تتقدم في هذه الظرفية الدولية أو الوطنية أو تمس بشكل من الأشكال هذه لاستراتيجية التي تنهجها”، واعتبر أن تعمد الدولة لهذا الغموض وهذه الاستراتيجية يجعلها “تتموقف بطريقة سلبية تجاه مثل هذه الدعوات التي تطالب بالكشف عن أمور يدعمها القانون ويدعمها الدستور، لماذا؟ لأن الدولة ترى أن أي كشف في هذا الجانب عن معطيات سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، يربك استراتيجيتها التي حددت لها أهدافا في 2025 و2030”.

وخلص الأكاديمي ذاته إلى أن الدولة لها رؤية تجعلها “تتعمد قضية الغموض ورؤيتها للأطراف الأخرى، كسامير أو الذين يطالبون بتثبيت القواعد القانونية وقواعد المراقبة للطاقة والشركات العاملة فيها، أنهم يشوشون على منهجها وسياستها، ولذلك تتعامل بقاعدة سياسية وليس بقواعد صرف قانونية”، وفق رأيه.

من جهته، قال عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن قانون الحق في الحصول على المعلومة “لا يعكس اسمه، إذ إنه يخفي المعلومة وتعتريه مجموعة من النواقص والثغرات”، مؤكدا أن الإشكال الأساسي يتمثل في “القانون نفسه قبل أن ينطوي على تطبيقاته في الحياة العملية والإدارية”.

زيادة في التشكيك

اعتبر العلام، في حديث له ، أن نص قانون الحق في الحصول على المعلومة “متأخر ولا يساير روح ومقتضيات الوثيقة الدستورية المغربية التي دسترت هذا الحق”، معتبرا أن مقارنة هذا القانون مع التجارب القانونية المُقارنة في عدد من الدول يكشف عن “مجموعة من الثغرات والفراغات التي يجب ملؤها، من بينها تيسير الوصول إلى المعلومات المتعلقة بقضايا الفساد ومحاربته، وهو الأمر الذي كان ليتم بشيء تلقائي من دون الحاجة إلى طلب أو تدخل جمعيات أو هيئات معنية بحماية المال العام، بما في ذلك تفاصيل الاتفاق الأخير بين المنافسة وبعض شركات المحروقات”.

وأوضح المتحدث أن “مثل هذه الأمور تهم الشأن العام ولها علاقة مباشرة بالمواطن. وبالتالي، فمن حق هذا الأخير الاطلاع على تفاصيلها، خاصة وأن الأمر لا يتعلق بسر من أسرار الدولة حتى يتم إخفاؤه أو التحفظ على نشره للعموم”.

واستدرك العلام قائلا: “باستثناء إذا كان هذا النشر سيضر بهذه الشركات، وحتى لو كان الأمر كذلك، فإن هذا يحيل على أن هذا الاتفاق لم يكن في صالح المواطن، وإنما كان في صالح هذه الشركات”، حسب تعبيره.

وزاد أن التستر على مضامين اتفاق شركات المحروقات ومجلس المنافسة ورفض نشرها للعموم للاطلاع عليها، أمر “يزكي الطرح السائد لدى العديد من المواطنين بأن هذا الاتفاق جاء مُخالفا للتوقعات ولم يكن في محله”.

واعتبر العلام أن “هذا الأمر يساهم في كبح سير عجلة ورش مكافحة الفساد وإرساء مبادئ الشفافية والوضوح، ويعصف بثقة المواطنين في المؤسسات على غرار مجلس المنافسة والمؤسسات الدستورية المستقلة الأخرى”.

مملكتنا.م.ش.س/وكالات

Loading

مقالات ذات صلة

الإثنين 30 يونيو 2025 - 23:16

إصلاح نظام الصرف يندرج في إطار الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى تعزيز مرونة الاقتصاد الوطني (السيد الجواهري)

الإثنين 30 يونيو 2025 - 20:24

تنصيب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالجديدة

الإثنين 30 يونيو 2025 - 18:47

مندوبية السجون .. ثلثا النزلاء يقضون عقوبات قصيرة أو متوسطة المدة

الإثنين 30 يونيو 2025 - 17:38

موجات الحر الشديد تعيد مطلب تحيين لائحة الأمراض المهنية بالمغرب