الرباط ــ انتقد العديد من المراقبين السياسيين البلاغ الصادر عن وزارة الخارجية الجزائرية، أول أمس الأحد، والذي جاء ردا على قرار السلطات المغربية الذي يروم نزع الملكية لعقارات تعود ملكيتها للدولة الجزائرية في العاصمة الرباط، بعدما تم نشره بالجريدة الرسمية ضمن العدد “5811”، الصادر بتاريخ 13 مارس 2024.
البلاغ الذي اعتبره البعض شديد اللهجة، قالت فيه الجزائر إنها “سترد على هذه الاستفزازات بكل الوسائل التي تراها مناسبة”، في حين أكد مصدر دبلوماسي مغربي، أمس الاثنين، في تصريح لوكالة فرانس برس، أن هذه الادعاءات “لا أساس لها”، وتتضمن عدة “ادعاءات خاطئة كما تندرج في سياق روح تصعيدية غير مبررة”.
وأضاف المصدر ذاته أن “وزارة الخارجية المغربية تقدمت لدى السلطات الجزائرية عام 2022 بطلب لشراء مبنى تابع لها مجاور لمقر الوزارة، على أساس أنه بقي شاغرا منذ تغيير مقر السفارة الجزائرية في الرباط، وذلك في إطار مشروع لتوسعة مكاتب الوزارة”.
تعليقاً على هذا الموضوع، قال محمد الطيار، الخبير الأمني والاستراتيجي، إن “البلاغ الصادر عن وزارة الخارجية الجزائرية، المتعلق بإعلان المغرب عن نزع ملكية عقارات بالرباط لتوسيع مقر وزارة الخارجية، يعد بلاغا بعيدا كل البعد عن اللغة الدبلوماسية المعتادة بين الدول، فهو يعكس المستوى الذي تعيشه الدبلوماسية الجزائرية من تخبط وتيه واسع، ويحمل كذلك العديد من عبارات التهديد والوعيد والجهل”.
وأضاف الطيار، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “البلاغ استنكر ما أسماه بـ”السلوك الاستفزازي والعدائي” للمغرب، و”انتهاك المغرب للالتزامات التي يكرسها القانون والعرف الدوليين”، وهي اتهامات باطلة تعبر عن التخبط والإنكار المرضي، كون الجزائر دأبت منذ عقود على اعتماد سياسة عدائية ضد المغرب”.
وتابع المتحدث عينه أن “ما قامت به مليشيات البوليساريو من جرائم إرهابية ضد المدنيين في الأقاليم الجنوبية المغربية، يعد أحد تجليات هذه السياسة العدائية، فضلا عن طرد 350 ألف مغربي يوم عيد الأضحى مع السطو والاستيلاء على ممتلكاتهم ونهب مدخراتهم والتنكيل بهم”.
وأشار الخبير الأمني إلى أن “استعمال وزارة الخارجية الجزائرية في بلاغها عبارة “مصادرة مقرات سفارة الدولة الجزائرية في المغرب”، وقد نسيت أولا أنه لا توجد علاقات دبلوماسية مع المغرب بحكم أن الجزائر قامت منذ سنة 2021 بقطع العلاقات الديبلوماسية من جانب واحد مع المغرب، وبذلك تنعدم أي علاقة ديبلوماسية بين البلدين وينعدم بذلك دور “السفارة” الوظيفي”.
“كما تناست أن العقارات المنزوعة ليست تابعة للسفارة الجزائرية، بحكم أن مقر سفارة الجزائر لم يعد مكانه قرب مقر وزارة الخارجية المغربية، فقد سبق وأن تم نقله بعد بناء مقر جديد في طريق زعير قرب مركب “ميغا مول” بشارع محمد السادس، وبالتالي فقول البلاغ الصادر عن وزارة الخارجية الجزائرية بأن العقار المنزوعة ملكيته هو مقر السفارة الجزائرية، هو تحريف للحقيقة وكذب سافر، يبين أن النظام العسكري يبحث فقط عن مبرر للتصعيد، للالتفاف على أزمته الداخلية والإفلات من عزلته الدولية”، يقول المتحدث.
وخلص الطيار حديثه قائلا: “العقارات الثلاثة التي سبق وأن وضعها المغفور له الحسن الثاني تحت تصرف الجزائر، قام المغرب حاليا بنزعها وفق القانون، بعد أن أصبحت خالية منذ نقل السفارة سنة 2006 إلى مقرها الجديد بشارع محمد السادس، ولم تعد مقرا دبلوماسيا، كما أن هناك عقارات أخرى مملوكة لمغاربة بجوار وزارة الخارجية المغربية اقتضت المصلحة العامة نزع ملكيتها كذلك”.
مملكتنا.م.ش.س/و.م.ع