الرباط ــ بعيدا عن غلاء أسعار الأضاحي الذي يهيمن على أحاديث الناس استعدادا لعيد الأضحى المبارك، تستعد المدن المغربية لاستقبال مئات بل آلاف الأطنان من مخلفات الأضاحي التي تضيق بها حاويات الأزبال والمناطق المحيطة بها في مختلف مدن وأحياء المملكة، وتجدد مطالب الساكنة والنشطاء بضرورة اعتماد استراتيجيات وخطط محكمة للتعامل مع الظاهرة التي تنغص فرحة “العيد الكبير”.
ينظر الكثير من المتابعين إلى أن عيد الأضحى يمثل مناسبة دينية تحظى باهتمام خاص لدى المغاربة؛ غير أن هذا الاهتمام غير مؤطر بالوعي اللازم لدى المجتمع، خاصة بالنسبة للجوانب المتعلقة بالتعامل مع المخلفات والحفاظ على البيئة ونظافة المحيط.
مصطفى بنرامل، خبير في البيئة والمناخ ورئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، قلال إن غياب بنيات أساسية خاصة بتدبير مثل هذه المناسبات في المغرب “حاسم في الموضوع، خصوصا أنها تسجل إفراز كميات هائلة من النفايات العضوية، الناتجة عن استهلاك الأضاحي للتبن والأعلاف سواء قبل النحر أو بعده”.
وأضاف بنرامل، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه بالرغم من الإمكانيات المتوفرة من طرف شركات التدبير المفوض أو المطارح بالمغرب “فإنها لا ترقى إلى مستوى استيعاب المخلفات والأزبال التي تنتجها المناسبة الدينية”، معتبرا أن المواطنين مطالبون باتخاذ “جميع الإجراءات والاحتياطات الضرورية للتخفيف أكثر من النفايات العضوية الناتجة عن إعطاء الأضاحي التبن والأعلاف في الأيام التي تسبق يوم النحر”.
وشدد الخبير ذاته على ضرورة تنظيف “الفضاءات والنقط السوداء في بعض الأحياء، خاصة الشعبية والمناطق الهامشية، وتشديد مراقبة السلطات لأسواق بيع الأضاحي حتى تكون الأضاحي في بيئة عامة سليمة وخالية من الأمراض والفيروسات التي يمكن أن تشكل خطرا على صحة المواطنين”.
وأشار بنرامل إلى أن شركات التدبير المفوض والجماعات الترابية والساكنة مطالبون بـ”التعاون من أجل التخلص نهائيا من المخلفات في كل الأماكن في اليوم الموالي لنحر الأضحية، حتى لا تكون لذلك عواقب سلبية؛ كانتشار الفيروسات والجراثيم التي يمكن أن تسبب أمراضا جليدية أو تنفسية للمواطنين”.
من جهته، اعتبر أيوب كرير، الخبير في المجال البيئي، أن عيد الأضحى يمثل مناسبة دينية لها قدسية كبيرة عند المغاربة؛ إلا أنها تشوبها “بعض الشوائب التي تحط من قيمتها، مثل المخلفات والأزبال والقاذورات التي تنتجها بعض الممارسات في التعامل مع الأضاحي”.
ودعا كرير، في تصريح له ، إلى استثمار هذه المناسبة صحيا وبيئيا واقتصاديا، مؤكدا أن مخلفات العيد تشكل “ثروة يمكن استغلالها وقيمة اقتصادية يمكن أن تدر علينا أرباحا كبيرة جدا، وتحرك عجلة اقتصادات محلية مهمة، مثل الصناعات الجلدية وصناعة الصوف”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن الجميع يتفرج على “ثروة كبيرة تهدر لسبب بسيط هو غياب الوعي الكافي لدى المواطنين، والذي لم يصل بعد إلى درجة أن نستثمر كمجتمع بشكل متكامل في طريقة تعاملنا مع أضحية العيد”، لافتا إلى أن عيد الأضحى “استثمار قيم يأتي كل سنة ولا نستغله، وهناك دول أخرى تسعى إلى خلق مناسبات من أجل تحقيق الرواج ولا تصل إلى مستوى ما عندنا”.
ودعا كرير إلى إعادة النظر في طريقة تعاملنا مع الأضحية، مبرزا أن بعض الشركات الكبرى “تستعمل الجلود في صناعتها مثل جلود الغنم أو الماعز أو الأبقار؛ وبالتالي فقط، المواطن يحتاج إلى المواكبة، وطريقة تفكير أمثل من قبل المؤسسات واستراتيجية حقيقية لمعالجة وتثمين هذه الثروة”.
وشدد الخبير في المجال البيئي على أنه “لا يمكن أن نبقى هكذا نرى المجالات الطبيعية تغزوها الأزبال وتندثر في الأزقة؛ بل ينبغي أن نكون مسؤولين، وجمعيات المجتمع المدني عليها أن تلعب دورها في التحسيس”، لافتا إلى أن الاستثمار وتدبير هذه الفرصة “لن يتطلب إمكانيات كبيرة؛ لأن المواطنين يمكن أن يقدموا هذه المخلفات بشكل مجاني، ويستثمر في تعزيز الاقتصادات المحلية لأنه يمثل آلاف الأطنان”.
مملكتنا.م.ش.س/وكالات