الرباط ــ بينما احتفل اليمينيون المتطرفون في أوروبا بفوزهم في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، يسود تخوف في أوساط المهاجرين، خاصة منهم من ذوي الأصول المسلمة، الذين بات مصيرهم مهددا في مجتمعات القارة العجوز، مع تصاعد الإسلاموفوبيا والعنصرية التي يتبناها ويروج لها هذا التيار ضدهم.
وبالرغم من أن التوقعات تشير إلى استمرار سيطرة أحزاب الوسط والأحزاب الليبرالية على غالبية المقاعد في البرلمان الأوروبي، إلا أن التقدم الذي حققته أحزاب اليمين ينذر وفقا لبعض الآراء بـ”تحولات جوهرية “، في مقاربة التكتل الأوروبي لعدد من الملفات داخليا وخارجيا، خصوصا وأن اليمينيين يناضلون من أجل الحد من الهجرة واللجوء نحو الاتحاد الأوروبي.
الحسين بكار السباعي، محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان، أقر بتأثير صعود أحزاب اليمين المتطرف على عدد من الملفات، أبرزها الهجرة، مستدركا: غير أن ذلك، سيكون بشكل نسبي، بالنظر إلى “عدم تأتير شعارات الحملات الانتخابية وحتى برامج الأحزاب الأوروبية على علاقة الإتحاد مع العديد من الدول المصدرة للهجرة، خاصة الإقتصادية والتجارية منها ، وكذلك عدم انعكاس أي تشكيلة مستقبلية لهذا الاتحاد على العلاقات الثنائية بين الاتحاد نفسه وشركائه والتي يحكمها مبدأ المصالح المتبادلة”.
وأكد السباعي في تصريح له ، أنه “لا يجب الحكم على نتائج صعود اليمين المتطرف، من خلال ما تختزله ذاكرة المهاجرين من خطاب الكراهية الذي توجهه الأحزاب المنتمية إلى هذا التيار ضدهم”.
وتابع أن “خطابات اليوم ليس هي خطابات الأمس، كما أن السياسة الأوروبية ومؤسساتها تحكمها مصالح الاتحاد نفسه الاقتصادية بالدرجة الأولى والإبقاء على هذه المصالح هو الوحيد الكفيل بتشكيل تكتل داخل المجتمع الأوروبي لمواجهة نوعية خطاباته وقراراته ومستقبله”.
زد على ذلك، يضيف المحامي الخبير في قضايا الهجرة، “فنتائج الانتخابات الحالية لا يجب أن تعطي قيمة كبيرة لليمين المتطرف، فالمغاربة يعيشون في ظروف جيدة مع الشعب الإسباني والفرنسي والألماني والإيطالي، وليس عليهم سوى الدفاع عن مصالحهم ورفض كل المغالطات التي يروجها سياسيو اليمين المتطرف ضد المهاحرين”.
ويتفق السباعي مع الرأي القائل إن صعود اليمين المطرف يعتبر خطرا على أوروبا نفسها، في ظل تفاقم الصراع الروسي الأوكراني والأزمة الإقتصادية التي تعرفها العديد من بلدان القارة العحوز”، مشيرا إلى أن بعض الدول الأوروبية، من بينها فرنسا التي بها نسبة كبيرة من المهاجرين، “عملت على التشديد في سن القوانين والسياسات المتعلقة بالهجرة واللجوء، وهو ما شكل حالات عدم الاستقرار والقلق بين صفوف المهاجرين في وضعية غير نظامية أمام تعقد مساطر تسوية وضعية إقامتهم وزيادة مشاعر عدم الأمان والتمييز العنصري والديني باسم الإسلام وانعكاسه الخطير على السلم الاجتماعي وصعوبة تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي”.
وفي ظل أي مناخ سياسي متوتر، يردف السباعي، “ستجد جالياتنا المهاجرة نفسها أمام تحديات ستعيق إمكانية اندماجها الاجتماعي والاقتصادي، وهو تحد في حد ذاته لكل البرامج الإصلاحية والتكاملية التي تتبناها المؤسسات الأوروبية ولمبادئ حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا”، مشددا على أن الهجرة “ظاهرة لا تحكمها القوانين لوحدها، دون مقاربة حقوقية حكيمة ودون دعم للديمقراطية وحقوق الإنسان وتوزيع عادل للترواث داخل البلدان المصدرة للهجرة”.
مملكتنا.م.ش.س/و.م.ع