بمناسبة تخليد اليوم العالمي للاجئ، الذي يصادف 20 يونيو من كل سنة، وسط استمرار مصادرة حقوق اللاجئين المحتجزين في مخيمات تندوف من طرف قيادات جبهة البوليساريو والجزائر، نددت فعاليات حقوقية بهذا الوضع وبتقاعس المنتظم الدولي في تحمل مسؤوليته تجاه هؤلاء اللاجئين، داعية إلى إعادة فتح النقاش بشأن الوضع الإنساني داخل هذه الرقعة الجغرافية من التراب الجزائري.
نية مبيتة
في هذا الإطار قالت مينة لغزال، منسقة “تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية”، إن “المجتمع الدولي مازال متقاعسا إزاء معاناة الصحراويين بمخيمات تندوف التي ما فتئت تتفاقم منذ خمسة عقود بفعل جحود الحكومات الجزائرية المتعاقبة لحق هؤلاء في حيازة مركز قانوني للاجئ، يخول لهم حماية دولية من الانتهاكات والمخاطر المحتملة في منطقة توصف بوضعية اللاقانون”.
وأوضحت لغزال، في تصريح لهسبريس، أن “الأمر يتعلق بنية مبيتة للسلطات الجزائرية منذ إنشاء المخيمات لحشر الآلاف من الصحراويين في الزاوية واستغلالهم في الإضرار بالمغرب ومصالحه كلما اشتد الوضع الداخلي الجزائري قتامة، وللبحث عن تموقع إقليمي في إطار حرب المواقع بين الجارين”.
وأشارت المتحدثة ذاتها إلى أن “هذا الوضع نتج عنه مكوث الآلاف من الصحراويين في صحراء تندوف دون حماية دولية تذكر، بسبب افتقارهم إلى وضع قانوني محدد بموجب القانون الدولي، أمام استمرار تنصل الجزائر من تنفيذ التزاماتها الدولية وعدم رغبتها في تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بإحصاء هؤلاء الأشخاص، لتبين الصحراويين من الأجانب، والصحراويين القادمين من جنوب الصحراء من الصحراويين ذوي الأصول الموريتانية والجزائرية، وتشخيص ظروف التحاقهم بالمخيمات والوقوف على حاجياتهم ورغباتهم في البقاء بأرض اللجوء أو ترجيح خيارات أخرى”.
انتهاكات جسيمة
من جهته قال عبد الوهاب الكاين، رئيس منظمة “أفريكا ووتش”، إن “استمرار وضعية الغموض بخصوص المركز القانوني للصحراويين المتواجدين بالمخيمات أمر معقد جدا وتتقاذفه أمواج السياسة والصراع المحموم بين القوى والتحالفات الدولية”، مشيرا إلى “مطالبة المملكة المغربية غير ما مرة بإحصاء سكان تندوف لحمايتهم من الانتهاكات الجسيمة التي تقع بشكل ممنهج بفعل وحشية قيادة البوليساريو وجهاز أمنها، وتواطؤ السلطات الجزائرية ومشاركتها في سياقات عصية على الفهم”.
وأضاف الكاين أن “استمرار حرمان الصحراويين من عملية إحصاء دقيق عبر آلية الحوار الفردي نتج عنه سقوط هؤلاء الأشخاص في حالات انعدام الجنسية، ولم يصبحوا سوى أرقام إحصائية يتم التعامل مع قصصهم وواقعهم وأحلامهم بجفاء، بحيث لم يعد المجتمع الدولي يكترث لوضعهم، بسبب حالة الإغلاق الشديدة لفضاء المخيمات ومنع تواصلهم مع العالم الخارجي، وقمع كل الأصوات المطالبة بتصحيح هذا الوضع الشاذ الذي أدى إلى نسيان معاناة الصحراويين بشكل كامل من قبل الأمم المتحدة ومفوضيتها لشؤون اللاجئين”.
وأكد المتحدث ذاته على ضرورة “إقناع خبراء الأمم المتحدة بوجوب إلغاء تفويض الولاية القانونية والقضائية والتدبيرية للدولة الجزائرية لتنظيم البوليساريو العسكري، وضرورة إحصاء سكان المخيمات لضمان تحديد مركزهم القانوني وحمايتهم دوليا من أي انتهاكات يمكن أن تشكل خطرا على حياتهم”.
صمت دولي
تفاعلا مع الموضوع ذاته أشار البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، إلى “صمت المجتمع الدولي وتغاضيه عن خرق ميليشيا انفصالية منظومة القانون الدولي المؤطرة لحقوق اللاجئين في تندوف، الذين ترتكب ضدهم أفعالا ترقى لجرائم حرب ضد الإنسانية بتواطؤ مكشوف ومفضوح مع منظمات وجمعيات عبارة عن شركات تقوم بالمناولة الحقوقية وفق أسعار النفط في الأسواق الدولية”.
وأضاف البراق شادي: “اليوم في زمن الانفتاح التكنولوجي والمتغيرات الطارئة وسرعة انتقال المعلومة في المنصات الاجتماعية والفضائيات وتداخل الثقافات مازالت الوضعية في مخيمات الذل والعار شبه مبهمة، حيث تعيش منفصلة عن العالم في ظل نظام ينهل من الإيديولوجيات المتهالكة لعقد الستينيات والسبعينيات”، مسجلا أن “البوليساريو تقوم بأقدم عملية اختطاف مستمرة بأكبر سجن في التاريخ الإنساني المعاصر، وذلك باحتجاز عشرات الآلاف من المغرر بهم والمحتجزين ومصادرة حريتهم في التنقل واستعمالهم لتسول المساعدات الإنسانية من أجل إعادة بيعها في الأسواق السوداء عبر مسارات التهريب في الساحل”.
وشدد المصرح لهسبريس على “ضرورة إعادة النقاش بشأن المحتجزين داخل مخيمات تندوف والتشديد بشكل أفضل على التحديات الأمنية التي يمثلها استغلالهم لتحقيق أجندات جيوسياسية إقليمية ضيقة”، لافتا إلى أن “وضعية المحتجزين في تندوف تقع في صلب الاهتمام الملكي من خلال الخطب الملكية والرسائل الموجهة للمنتظم الدولي”.
مملكتنا.م.ش.س