ارتفاع درجات الحرارة خلال الأيام الأولى من الصيف يستدعي الحذر بالمغرب

الإثنين 24 يونيو 2024 - 21:04

مع أوّل أيام الصيف تعيش عدد من أقاليم المملكة المغربية موجة حرارة ملموسة، علما أن المديرية العامة للأرصاد الجوية توقعت تسجيل درجات حرارة تتراوح ما بين 37 و42 درجة منذ أمس السبت وإلى غاية يوم غدٍ الإثنين.

وفي “نشرة إنذارية من مستوى يقظة برتقالي” ارتقبت مديرية الأرصاد أن تسجّل درجات الحرارة، نهاية هذا الأسبوع وبداية الأسبوع (يوم الإثنين 24 يونيو الجاري)، ارتفاعاً بكل من عمالات وأقاليم بني ملال، الفقيه بن صالح، خريبكة، خنيفرة، سطات، الرحامنة، اليوسفية، شيشاوة، قلعة السراغنة، مراكش، مولاي يعقوب، فاس، مكناس، تاونات؛ إلى جانب كل من مدن سيدي سليمان، الخميسات، سيدي قاسم، الرشيدية، زاكورة، تنغير، طاطا وأوسرد.

وبحسب ما استقته هسبريس يؤكد خبراء مناخ وبيئيُّون مغاربة أن هذه “الموجة الأولى التي افتُتح بها موسم الحرارة بالمغرب تبقى عادية جداً بالمقارنة مع اضطرابات سابقة كانت تشهد ارتفاعات في مختلف فصول السنة على غير المعتاد”.

وفي أحدث المعطيات توقعت المديرية العامة للأرصاد الجوية، اليوم الأحد، أن تبقى “درجات الحرارة في ارتفاع مع طقس حار بكل من السهول الممتدة غرب الأطلس، والجنوب الشرقي للبلاد، وكذا شرق وجنوب الأقاليم الصحراوية”.

تأثير “النينو”

حول طبيعة هذه “الموجة الحرارية”، وسعياً إلى تفسيرات وإفادات أكثر دقة حول مسبباتها وظروفها، تواصلت هسبريس مع علي شرود، خبير مناخي أستاذ جيو-ديناميات الأرض والبيئة بجامعة مكناس، الذي أوضح بداية أنها “موجة حرّ طبيعية بحكم أن ارتفاع الحرارة من العادي جدا أن يقع عند افتتاح الموسم الصيفي”، لافتا إلى أنه “لا يُشابه الارتفاعات التي كانت ربيعاً أو في فترات فصول أخرى”.

وتابع شرود، في تصريح لهسبريس، بأن “هذه الحرارة الموسمية لا بد أنها تأتي من مصدر عامل خارجي؛ يكون في الغالب ‘ظاهرة النينو المناخية El Niño’ التي اتسع انتشارها وتأثيرها في السنين القليلة الأخيرة”، مسجلا أن “المرور من فصل الربيع إلى فصل الصيف عادة ما اتسم باضطرابات وتقلبات في الطقس، بينما ارتفاع الحرارة وانتقالها تدريجيًا كالمعتاد يظل عادياً بحسب وضعية الشمس ومدى قُرب مسافتها من الأرض خلال هذه الفترة (فهي إذن عوامل خارجية عن الأرض)”.

وأكد الخبير المناخي ذاته أن “الملاحَظ هو أن درجات الحرارة في المناطق الساحلية الرطبة لن تتعدى 36 درجة على الأقصى (محور الرباط العرائش أصيلة والقنيطرة..)، وهي حرارة موسمية عادية مع ارتفاع طفيف؛ على عكس المناطق المعروفة بطقس حار وجاف (مراكش-تانسيفت، الرحامنة، فاس–مكناس، تادلة، بني ملال)، ومناطق ممتدة على ممر شبه جاف بين سلسلتي الريف والأطلس المتوسط ( تازة سيدي حرازم فاس مكناس سيدي قاسم وتاونات)”.

ودعا الخبير نفسه إلى “الاستباقية والبقاء على أُهبة الاستعداد لخطر اندلاع حرائق محتملة”، موردا أن “الحفاظ على المنظومة البيئية تتحكم فيه وضعية المُراقب العام الذي هو المناخ”، خاتما بـ”تجديد حملات توعية المواطن وتكثيفها بشكل يضمن سلوكات مسؤولة وعقلانية”.

ضرورة الحذر

شدد محمد سعيد قروق، أستاذ علم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، على ما انتهى إليه شرود، مورداً: “علينا أن نتفاعل مع نشرات الإنذار من الأرصاد الجوية بطريقة منطقية ومسؤولة، مع توعية المواطنين بأنواع النشرات ودرجة خطورتها. وعلى المواطنين أن يفهَموا لكي يتفاعلوا جيدا مع هذا النوع من النشرات…”، مؤكدا أن “تنفيذ برنامج المخاطر المناخية يقتضي، فضلا عن تحسيس وتوعية المواطنين وإخطارهم المسبق بتغيرات الجو، مواكبة السياسات العمومية في جميع القطاعات ونهجاً استباقياً عامّاً”.

ومفسرا لهسبريس قال قروق إن “شهر ماي مرّ بشكل رطب في الأجواء المغربية، حسب البيانات العلمية المتوفرة ومعطيات الطقس”، مسجلا في السياق “ملاحظة تأخر حلول موسم الحرارة هذا العام”، وزاد: “الأمر يتعلق بموجة حرارة تستقر انطلاقا من نهاية الأسبوع، وسترتفع الحرارة فيها في عدة مناطق مغربية، لاسيما المناطق الداخلية والصحراوية”.

“بمنطق جغرافي–علمي” يرى أستاذ علم المناخ أننا “نشهد أولا دخول فصل الصيف الفلكي بصفة رسمية؛ وبالتالي فهو فصل الحرارة”، ثم إنه “من المألوف أن الحرارة في المغرب تبدأ قبل فصل الصيف الفلكي، أي أثناء فصل الربيع تكون الحرارة قد ارتفعت في بلادنا، ولاسيما في المناطق الداخلية”، بحسبه.

وأكد المتحدث ذاته أن “ما أفادت به الأرصاد الجوية بخصوص وصول الحرارة إلى نطاق بين 40 و45 درجة في مناطق متعددة من المملكة يعد في حكم الدرجات العادية التي استأنس بها المواطنون القاطنون بالمناطق المعنية”، قبل أن يستدرك: “يمكن أن تكون غير عادية إذا أتتْ خارج فصلها، خارج زمنها وخارج جغرافيتها”.

وأجمل قروق بأن “المغاربة ربما ألِفُوا في الآونة الأخيرة أخبار نشرات الإنذار من الأرصاد الجوية التي تصلهم بطريقة مستمرة”، فيما تعد الأرقام المذكورة “غير غريبة بتاتاً، إذ نحن في منطقة حرارتُها الصيفية تكون مرتفعة في المناطق الداخلية، وربما في فصل الربيع لم تكن الحرارة مرتفعة كما اعتاد المغاربة خلال السنين القليلة الماضية”.

صيف معتدل

“نشهد بداية سَلسة لفصل الصيف بموجة حر لا تتعدى 42 درجة مئوية، ولن تصل إلى تلك المسجلة بالمملكة خلال أشهر أبريل وماي الماضيين، إذ تعدت 45 درجة في عدة مناطق؛ إذن هي من بين الموجات الحرارية العادية التي لن تتعدى درجة الحرارة الموسمية فيها 5 إلى 8 درجات مئوية على المستوى الوطني”، يورد محمد بنعبو، خبير في قضايا البيئة والمناخ.

ولفت بنعبو، في حديث لهسبريس، إلى أن “هذا الموسم الصيفي من المرتقب أنه يكون استثنائياً من حيث درجة الحرارة، لكن قد لا تسجل خلاله أرقام كبيرة جدا على مستوى المملكة المغربية مثل التي سجلت خلال السنوات القليلة الماضية”.

بالعكس من ذلك يرى المصرّح أنه “من الممكن جدا أن يسير تطور الجو بهذا التواتر لوجود حرارة استثنائية تارة وحرارة معتادة بالمناطق الشمالية والغربية، بينما قد تُسجل بعض الأرقام على مستوى الجنوب الشرقي وجنوب المملكة، ولكن هذا لا يعني أن فصول سنة أصبحت عبارة عن فصل واحد؛ وهذا ما أكدته درجة الحرارة هذه السنة عندما سجلنا أرقاما جد استثنائية خلال أكتوبر ونونبر 2023″، مذكرا بأن “شهر يناير الذي كان الأسخن على الإطلاق على مستوى المغرب”.

وخلص المتحدث إلى أنه “رغم المنحى التصاعدي لمعدل الحرارة السنوي في كبريات الحواضر المغربية فإنها لن تصل إلى الأرقام المسجلة سنة 2022 التي تعدّت حاجز 50 درجة مئوية في محطة سيدي سليمان”، خالصا إلى أنه “موسم ينضاف إلى الموسم السابق، خصوصا بمدن ذات منحى تصاعدي سنوي لدرجة الحرارة خلال الأربعين سنة السابقة”، مع تحذيره مما “يرافق فصل الصيف من ظواهر أخرى، تارة في المناطق الجبلية، حيث تسجل عواصف رعدية مصحوبة بأمطار أو سيول فيضانات، وتارة في المناطق الغربية الشمالية، حيث تكون حرائق للغابات”.

مملكتنا.م.ش.س

Loading

مقالات ذات صلة

السبت 12 يوليو 2025 - 22:58

الاقتصاد المغربي يواصل التعافي بثبات .. ومعدل البطالة يعاكس المكتسبات

السبت 12 يوليو 2025 - 21:29

استفادة 100 شاب (ة) من المقامات اللغوية والثقافية بجهة بني ملال خنيفرة

السبت 12 يوليو 2025 - 21:03

لجان التفتيش تنقب في ثروات مسؤولين جماعيين قبيل “انتخابات 2026”

السبت 12 يوليو 2025 - 20:39

100 مستفيد (ة) من برنامج السياحة الثقافية بجهة بني ملال خنيفرة