كأحد أبرز الكتب التي تناولت شخصية الملك محمد السادس كرئيس الدولة منذ توليه العرش، حاول الكتاب الصادر أخيرا تحت عنوان “محمد السادس ربع قرن من التنمية” تسليط الضوء على أهم المجالات التي شهدت تحولا نوعيا خلال الـ25 سنة الماضية، حيث تطرق لمظاهر هذه التحولات بخصوص جوانب المجتمع والاقتصاد والتنمية والجيوبوليتيكا.
الجزء الأخير من الإصدار الجديد، المعنون بـ”الجيوبوليتيكا.. براغماتية ملكية”، حمل بعضا من مظاهر التحول الطارئ في علاقة المغرب بالخارج، سواء تعلق الأمر بالدول المغاربية أو العمق الإفريقي أو مختلف دول العالم، مؤكدا باعتماد ترسانة زمنية “وجود اشتغال جديد للمؤسسة الملكية”.
ومن بين المواضيع التي برزت خلالها هذه التصورات الجديدة للمؤسسة الملكية، وفقا للمؤلّف ذاته، هي الجوار المغاربي بعدما “أكد الملك الشاب على الأخوية المتبادلة بين دور المنطقة المغاربية بما فتح وقتها آمالا من أجل مستقبل أمثل للمنطقة ولتجاوز حالة الجمود الحالة منذ سنة 1994، حيث شهدت الفترة الأولى من العهد الجديد نوعا من الهدوء مع الجانب الجزائري الذي استقبل عبد العزيز بوتفليقة وقتها كرئيس جديد للجمهورية؛ في حين أن ملف الصحراء لا يزال وقتها مطروحا”، أورد الكتاب.
ولفت الكتاب، الصادر بشكل جماعي عن 6 مؤلفين يمثلون مركز “أوميغا”، إلى أنه “في وقت كانت الجزائر لا تزال مستمرة في دعم الانفصال بالمنطقة كان المغرب بقيادة الملك محمد السادس قد أعد مقترحا للحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية تقدم به إلى الأمم المتحدة، بينما كان هناك رهان مغربي على علاقات جيدة مع الجزائر بعد فترة بوتفليقة، بينما أدى استمرار تواجد شنقريحة على رأس المؤسسة العسكرية إلى تبييض كل الطموحات”.
وذكر المرجع ذاته أنه “أمام هذا السعي المغربي نحو منطقة مغاربية متحدة إلا أن العناد الجزائري أوقف آمال استعادة الاتحاد المغاربي، وهو ما دفع الرباط إلى التعامل مع كل دولة من دول الاتحاد ذاته على حدة؛ فالعلاقات مع تونس كانت وقتها جيدة، وهو ما كانت تؤكد زيارات ملكية خاصة إلى البلد نفسه”.
وبعدما استفاض في وضعية المنطقة المغاربية موازاة مع الفترة التي تلت سنة 1999 وعلاقة المغرب بجواره آنذاك عاد الكتاب الصادر حديثا ضمن جزءٍ منه معنون بـ”إفريقيا.. عودة ذكية وفعالة” إلى إبراز حيثيات العودة المغربية إلى حضن الاتحاد الإفريقي، وهو ما تم في سنة 2017 بعد غياب عنه إلى ما يصل إلى 32 سنة ومدى كون ذلك مندرجا ضمن “تصور مغربي جديد يقوده الملك تجاه الاتحاد المذكور”.
وزاد: “في خطواته الدبلوماسية حول إفريقيا، يفكر المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس بطريقة تستحضر الجانب الاقتصادي كذلك، حيث تمكن المغرب طيلة سبع عشرة سنة التي سبقت عودته إلى البيت الإفريقي من تطوير سياسة جديدة، حيث تمكنت المملكة من اقتراح شراكاتها الاقتصادية مع دول الاتحاد تحت شعار “رابح رابح…نهج مغربي جديد يوازي بين الاقتصاد والبنية التحتية والاتصالات واللوجيستيك والصناعة والصحة والتكوين”.
كما بيّن مؤلفو الكتاب أن “هذه السياسة جعلت أبواب القارة الإفريقية الاقتصادية مفتوحة أمام المقاولات المغربية العمومية والخصوصية التي تبدو أنها لا تفوت المكاسب والفرص المفاجئة من أجل نسج شبكاتها وفرض نفسها كشريك أساسي”.
وختم المرجع ذاته بالإشارة إلى أن “هذه الدفعة الملكية دفعت المقاولات المغربية بمختلف أصنافها إلى إبراز تنافسيتها ومدى قدرتها على العمل دوليا والمساهمة في عصرنة الاقتصاد المغربي كذلك؛ وهو ما جعلنا أمام استمرار البنوك المغربية في النشاط بأزيد من 30 دولة بالداخل الإفريقي، في وقت انخرطت شركات التأمين بدورها هذه الدينامية رفقة الفاعلين العقاريين والصناعيين”.
مملكتنا.م.ش.س