أصدر ياسين زريعة، باشا إقليم خريبكة، مؤلفًا جديدًا يحمل عنوان “بلاغة الإيجاز وفصاحة الإنجاز: السمات اللسانية ذات الأولوية في الخطب المولوية”. يأتي هذا الكتاب في توقيت مميز بالتزامن مع احتفالات عيد العرش المجيد، ويعد إسهامًا فريدًا في دراسة وتحليل الخطب الملكية التي تشكل جزءًا مهمًا من الخطاب السياسي في المغرب.
يمتد الكتاب على خمسمائة صفحة، وهو نتاج بحث معمق في مجالي علم السياسة وتحليل الخطاب اعتمد فيه ياسين زريعة على دراسة دقيقة وشاملة لعدد من الخطب الملكية التي ألقيت في مناسبات وطنية مختلفة. من خلال هذا العمل، يسعى الكاتب إلى الكشف عن السمات اللغوية والبلاغية التي تجعل هذه الخطب تتميز بالإيجاز والفصاحة، مما يمكنها من الوصول إلى قلوب وعقول الشعب المغربي بكل فئاته.
يركز الكتاب على الطريقة التي يوظف بها الملك اللغة كأداة قوية للتواصل السياسي والاجتماعي، ويبرز قدرة الخطب الملكية على إيصال رسائل واضحة ومؤثرة، بفضل التركيز على الإيجاز والوضوح. يرى زريعة أن هذه السمات تجعل من الخطاب الملكي نموذجًا فريدًا يجمع بين الرصانة والصدق، مع التركيز الدائم على المصلحة العليا للوطن، بعيدًا عن المصالح الضيقة التي قد تطغى على بعض الخطابات السياسية الأخرى.
كما يتضمن الكتاب مقارنة بين الخطاب الملكي والخطاب السياسي السائد في الساحة الحزبية والنقابية، خاصة في فترات الانتخابات. يلاحظ الكاتب أن الخطاب الملكي يتميز باستقلاليته عن الضغوط الانتخابية والحزبية، مما يجعله أكثر مصداقية وتأثيرًا. ويعزو ذلك إلى توجه الملك نحو تقديم رؤى استراتيجية تستهدف تحقيق استقرار البلاد وتقدمها على المدى البعيد.
يحلل زريعة أيضًا الأساليب البلاغية المستخدمة في الخطب الملكية، وكيفية توظيفها لتوجيه الرأي العام نحو دعم المشاريع الوطنية الكبرى. يبرز الكتاب أهمية استخدام الإيجاز والفصاحة لتبسيط الرسائل المعقدة وجعلها مفهومة للجميع، وهو ما يسهم في تعزيز دور هذه الخطب كأداة فعالة للقيادة السياسية في المغرب.
في ختام الكتاب، يقدم ياسين زريعة دعوة إلى الباحثين في مجالي علم السياسة وتحليل الخطاب للقيام بمزيد من الدراسات حول الخطب الملكية، مشيرًا إلى أن هذا المجال يزخر بالكثير من الأسرار التي يمكن أن تكشف المزيد عن قوة وفعالية الخطاب الملكي في توجيه السياسات العامة وتعزيز الوحدة الوطنية.
مملكتنا.م.ش.س