الرباط – تحاول جبهة البوليساريو إعادة الزخم لأطروحتها الانفصالية أمام تراجع الدعم الذي كانت تحظى به هذه الأطروحة على المستوى القاري والدولي، من خلال التعويل على مواقف بعض الأنظمة الديكتاتورية والفاشلة داخليا، مثل النظام الفنزويلي الذي استقبل وزير خارجيته، الأسبوع الماضي، مبعوثا من طرف زعيم الانفصاليين في تندوف، حيث تناولا ما وصف بـ”متانة العلاقات بين البلدين والعدوان المغربي ضد الجمهورية الصحراوية”.
وتعد فنزويلا من الدول القلائل في أمريكا اللاتينية التي تجاهر بدعمها وتأييدها للمشروع الانفصالي، فيما يعاني هذا البلد من أزمة اقتصادية وسياسية حادة مرتبطة بمصادرة الرئيس نيكولاس مادورو كل مظاهر وأشكال الحياة السياسية في البلاد، عبر قمع معارضيه والتلاعب بنتائج الانتخابات، آخرها الانتخابات الأخيرة التي أعلن فوزه بها ليبقى على رأس البلاد لولاية ثالثة، وسط دعوة مجموعة من الدول، وضمنها المغرب، إلى “احترام مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع الفنزويليين، لاسيما الحق في الاحتجاج السلمي وحرية التعبير”.
في هذا الإطار قال محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية إن “زيارة مبعوث زعيم تنظيم البوليساريو إلى فنزويلا لا تعدو أن تكون محاولة من قيادة الجبهة لتسجيل حضورها على الساحة الدولية، في سياق الانتكاسات والهزائم المتتالية التي تلقاها المشروع الانفصالي في الصحراء”.
وأضاف عبد الفتاح أن “طبيعة الدولة المضيفة، التي هي دولة فاشلة ومعزولة في محيطها الإقليمي والدولي، ولا يعترف العالم بشرعية النظام الذي يحكمها، تعطي مؤشرا على طبيعة الأنظمة السياسية التي مازالت تدعم الطرح الانفصالي في الصحراء، الذي تراجع بشكل كبير، خاصة في منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي التي كانت مجالا حيويا لهذا الطرح”.
وأكد رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان أن “مجموعة من الدول في هذا المجال الجغرافي خرجت من المعسكر الداعم للانفصال، وباتت ترفض التورط في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، مقابل إصرار دول قليلة غير مؤثرة في القرار الإقليمي والدولي، وتواجه مشاكل داخلية وخارجية كثيرة، على مواصلة دعم جبهة البوليساريو”، معتبرا أن “فنزويلا لا يمكن أن تقدم أي إضافة للمشروع الانفصالي، لأن فاقد الشيء لا يعطيه”.
في السياق ذاته اعتبرت شريفة لموير، محللة سياسية، متحدثة لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “جبهة البوليساريو تبحث عن داعمين لها بعد موجة الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء وتأييد مخطط الحكم الذاتي كأساس جدي وواقعي لتسوية هذا النزاع، خاصة من دول فاعلة على الساحة الدولية في شمال أوروبا وأمريكا”.
وأوضحت المتحدثة ذاتها أن “أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي تضم دولا تدعم قيام الجمهورية الوهمية من منطلقات إيديولوجية مرتبطة بعوامل وسياقات تاريخية معينة، وبطبيعة الأحزاب السياسية التي تحكم هذه الدول، غير أن مجموعة من الدول توجهت في السنوات الأخيرة إلى تعديل موقفها بما يتماشى مع المقاربات الأممية”.
وشددت المحللة نفسها على أن “توجه البوليساريو إلى توطيد علاقاتها مع فينزويلا يأتي من باب فك الحصار والعزلة اللذين أصبحت تعاني منهما، إذ تحاول استغلال التوتر الذي تشهده العلاقات بين المغرب وهذا البلد اللاتيني الذي يحكمه موقفه من قضية الصحراء المغربية”، مسجلة أن “الوضع الداخلي الحالي الذي تعيشه فنزويلا، وتوتر علاقتها مع جيرانها والعالم، يجعل من مواقف كاراكاس مجرد مواقف بروتوكولية لا تؤثر أبدا على مسار ملف الصحراء”.
مملكتنا.م.ش.س