الرباط – تتجه أنظار المهتمين بشؤون الهجرة العابرة للحدود إلى زيارة الدولة التي من المنتظر أن ينفذها إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، رفقة وفده الوزاري “رفيع المستوى” إلى المغرب، ابتداء من الأسبوع المقبل، إذ تُثار تساؤلات في هذا الصدد حول ما إذا كانت باريس والرباط “ستناقشان بخصوص مسألة الهجرة، خصوصا في شقها المتعلق بعمليات إعادة الترحيل”.
وصرّح برونو روتايو، وزير الداخلية الفرنسي، لراديو “فرانس آنتر”، خلال هذا الأسبوع، بأنه “سيتم تعيين مسؤول بدول المنشأ ودول العبور لتوقيع اتفاقيات ثنائية في مجال الهجرة”، ذاكرا أنه “سيتم التوجه إلى المغرب خلال الأسبوع المقبل، حيث سيمكننا ذلك من تسريع عدد معين من عمليات إعادة القبول والعودة”.
ويفتح تصريح وزير الداخلية الفرنسي باب التساؤلات حول ما إذا كانت زيارة الدولة التي سيكون خلال إيمانويل ماكرون مصحوبا بمسؤولين فرنسيين كبار، بمن فيهم الوزير سالف الذكر، ستعرف نقاشا فرنسيا مغربيا ثنائيا حول ملف الهجرة، موازاة سعي باريس إلى حل هذه الإشكالية والتخفيف من وطأتها، خصوصا في شقها المتعلق بالمهاجرين المغاربة الذين لا يتوفرون على أوراق الإقامة، والمعنيين بمخططات الجمهورية لإعادتهم إلى المغرب بناء على ضوء أخضر رسمي.
خالد مونة، باحث في قضايا الهجرة واللجوء، قال إن “ملف العودة كان موضوعا دبلوماسيا في وقت سابق، ومن العادي جدا طرحه خلال أي محادثات قد تجمع بين وزير الداخلية المغربي بنظيره الفرنسي في إطار زيارة الدولة المرتقبة للرئيس ماكرون إلى المملكة”، مفتا إلى هذا “الملف دائما مطروح في العلاقات بين باريس والربا،ط ويبقى في صلب النقاشات التي تتم بين الطرفين حول هذا الملف”.
وأضاف مونة، في تصريح لهسبريس، أن “فرنسا لديها فلسفةُ هجرة متعلقة أساسا بالأرقام، حيث تسعى عادة إلى تحديد هوية مختلف المهاجرين المقيمين بترابها بطريقة غير شرعية ولا يتوفرون على الأوراق الثبوتية وأوراق الإقامة؛ فهنا يتم السعي نحو إرجاع المخالفين لنظام الإقامة إلى بلادهم”، مشيرا إلى أن “هناك لجوءا من المعنيين بالأمر من المهاجرين إلى التحايل على السلطات الفرنسية من خلال التصريح بانتمائهم إلى دول أخرى”.
كما ذكر الباحث في قضايا الهجرة واللجوء أن “الجانب المغربي يُقر بأنه يتجاوب مع الطلبات الفرنسية التي ترِد على تمثيلياته الدبلوماسية بفرنسا ويؤكد على ضرورة استيفاء الحالات المحالة عليه لشروط تقنية؛ في حين أن فرنسا تطالب بالاستجابة لأكبر عدد ممكن من الطلبات.. فهذه النقطة يمكن أن تكون موضوعا للنقاش بين الطرفين”.
من جهته، أوضح عبد الحميد جمور، باحث في الهجرة والتنمية جنوب جنوب، أن “المغرب، الذي يتوفر على سجل وتجربة كبيرة في الهجرة واحترام حقوق الإنسان، من المتوقع ألا يقبل بأية اتفاقية ثنائية لا تتماشى مع احترام مبادئ باريس والمواثيق الدولية والاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم التي وقعها المغرب وانخرط بشكل شامل في تنزيل بنودها واحترام حقوق المهاجرين، سواء تعلق الأمل بالمرحلين أو المهاجرين الراغبين في الوصول إلى المجال الأوروبي بطريقة غير نظامية”.
وأضاف جمور، في تصريح لهسبريس، أن “تصريح وزير الداخلية الفرنسية يحيلنا على مسألة مهمة تتعلق بكون المغرب وقّع على جُل الاتفاقيات الدولية للهجرة والتي يعتبر احترام حقوق المهاجر فيها قاعدة أساسية؛ مما يجعل الرغبة الفرنسية في هذا الانخراط لا تتماشى والمواثيق الدولية”.
وأشار الباحث في الهجرة والتنمية جنوب جنوب إلى أنه من البديهي أن “يكون موضوع الهجرة أحد المواضيع المطروحة على طاولة النقاش بين المغرب والجانب الفرنسي، باعتبار أن التجربة المغربية رائدة في تدبير تدفقات الهجرة من جهة، ومن جهة ثانية احترام حقوق المهاجر. وبالتالي قد نكون أمام حاجة فرنسا إلى الاستفادة من هذه التجربة بالنظر إلى أن المقاربة الأوروبية عموما هي مقاربة أمنية متشددة؛ في حين أن المقاربة المغربية تأخذ بعين الاعتبار استحضار فوائد الهجرة وتقاطعاتها بالتنمية واحترام حقوق المهاجر كإنسان بما تضمنه المواثيق الدولية”.
مملكتنا.م.ش.س/و.م.ع