واشنطن – على بعد شهرين من توليه منصب الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة، يسارع دونالد ترامب الخطى من أجل استكمال تشكيل فريق إدارته، التي ستواجه، فور بدء مهامها نهاية يناير المقبل، ملفات حارقة تتنوع بين تأمين الحدود والسياسات الخارجية للولايات المتحدة.
فبعد حوالي ثلاثة أسابيع من الفوز الكبير الذي حققه خلال الانتخابات الرئاسية، حسم ترامب خياراته بشأن نصف عدد المناصب الـ27 في حكومته التي تتطلب تأكيد مجلس الشيوخ، والتي تكتسي أهمية خاصة، لاسيما منصب كبيرة موظفي البيت الأبيض، الذي عاد لسوزي وايلز، وأيضا حقيبة وزارة الخارجية التي سيتقلدها ماركو روبيو.
تندرج قضية الهجرة، التي كانت محور الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري، ضمن أولويات الأجندة الرامية إلى “جعل أمريكا عظيمة مجددا”، وستكون أحد التحديات الأولى التي ستواجه الإدارة الجديدة.
خلال حملته الانتخابية، تعهد ترامب في عدة مناسبات بتنظيم “أكبر عملية ترحيل في التاريخ” ضد “عشرات الملايين” من المهاجرين الذين يعيشون بشكل غير قانوني في الولايات المتحدة، مع شن حرب لا هوادة فيها ضد شبكات المخدرات التي تنشط أيضا في مجال الهجرة غير الشرعية.
ولإدارة هذا الملف، عي ن ترامب أحد أنصار النهج المتشدد، توم هومان، على رأس الوكالة المسؤولة عن مراقبة الحدود والهجرة.
لا يخفي هومان، الملقب بـ”قيصر الحدود”، والذي سبق له تولي مسؤولية الإدارة المكلفة بمراقبة الحدود خلال الولاية الأولى لترامب في البيت الأبيض، دعمه القوي لسياسة “عدم التسامح المطلق” تجاه الهجرة غير القانونية، متعهدا باستئناف مداهمات السلطات في أماكن العمل، وتنفيذ عمليات ترحيل “واسعة” ولكن في ظروف “إنسانية”.
على المستوى الاقتصادي، لم يعين ترامب بعد المسؤولين الحكوميين المكلفين بتنفيذ سياساته التي وعدت بتخفيف العبء الضريبي عن شرائح واسعة من العمال وإلغاء الضرائب على الإكراميات، وهي سياسات توصف بـ”غير الواقعية” وأثارت انتقادات وتشكيك العديد من منتقديه.
وفي ما يتعلق بأجندته في مجال الطاقة والبيئة، عي ن ترامب، الذي يشكك في التغير المناخي، داغ بورغوم، المؤيد للتنقيب عن النفط والغاز والتكسير الهيدروليكي، وهو أسلوب يواجه انتقادات شديدة من قبل المدافعين عن البيئة، ليشغل منصب وزير الداخلية المكلف بإدارة المنتزهات الوطنية.
ومع تعيين كريس رايت، المؤيد البارز لتقنيات التكسير الهيدروليكي، تتجه الإدارة الأمريكية الجديدة بوضوح نحو الطاقة الأحفورية، بهدف “تعزيز هيمنة الولايات المتحدة في مجال الطاقة”.
وعلى الصعيد الدولي، تعهد ترامب في عدة مناسبات، بـ”منع اندلاع حرب عالمية ثالثة”، لا سيما من خلال إنهاء الصراع الروسي الأوكراني “في غضون أربع وعشرين ساعة”، وأزمة الشرق الأوسط.
ومن اللافت أنه بعد ثلاثة أسابيع من انتخابه، أعلن أطراف النزاع الروسي الأوكراني، بمن فيهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن استعدادهم للبحث عن أرضية تفاهم لحل النزاع بحلول عام 2025.
أما بخصوص الصين، الغريم التاريخي لأمريكا، وإيران، عدوها اللدود، يبدو أن الرئيس المنتخب عازم على اتخاذ مواقف صارمة وغير قابلة للتسوية على غرار تلك التي اتخذها خلال ولايته الرئاسية الأولى.
ولتنفيذ هذه السياسات – لاسيما فرض رسوم جمركية ثقيلة على المنتجات الصينية ووقف البرنامج النووي الإيراني – اختار ترامب فريقا تم انتقاؤه بعناية، يعكس صرامة مواقفه.
وإذا كان ماركو روبيو، الوجه الجديد للدبلوماسية الأمريكية، معروفا خلال مسيرته السياسية بمواقفه الصارمة تجاه هذين البلدين، فإن زملاءه في السلطة التنفيذية، مايكل والتز، مستشار الأمن القومي، وتولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، وجون راتكليف المعين مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية، يتقاسمون أيضا القناعات ذاتها.
من جانب آخر، يعتزم ترامب، الذي لطالما اشتكى من “الفساد” و”إهدار” أموال الدولة، التصدي لهذه الآفات” بإسناده إدارة “الكفاءة الحكومية” لكل من مالك شركة (تسلا)، إيلون ماسك، وفيفيك راماسوامي، وهو أيضا رجل أعمال ناجح.
ومع هيمنة الجمهوريين على مجلسي الكونغرس، يبدو أن الطريق معبد، نظريا، للمصادقة على التعيينات الجديدة، ومن ثم التسريع بتنفيذ السياسات التي تعهد بها دونالد ترامب، على الصعيدين الداخلي والخارجي.
مملكتنا.م.ش.س/و.م.ع