زينب علوش، تروي كيف عانقت حلمها لتصبح سائقة مهنية للحافلة العمومية بمدينة طنجة

الأحد 9 مارس 2025 - 18:28

طنجة – في السادسة من صباح كل يوم، تصل زينب علوش، سائقة حافلة للنقل الحضري منذ حوالي سنتين، إلى مقر شركة “ألزا” بطنجة، على أتم الاستعداد ليوم عمل جديد. لكن قبل ذلك، تستيقظ زينب، الأم لطفلين، على الساعة الرابعة صباحا لإعداد الطعام لعائلتها قبل الذهاب للعمل.

بعد المراقبة الاعتيادية للحافلة والتأكد من وثائقها الضرورية، تجلس زينب بكل ثبات خلف المقود، مستعدة للتجول بمدينة طنجة وفق الخط المحدد لها من قبل المراقبين التابعين للشركة.

إذا كانت زينب واحدة من 22 سائقة حافلة مهنية يشتغلن بمدينة طنجة، فهي أيضا دليل يكسر الصور النمطية السائدة، ليؤكد أن سياقة الحافلات مهنة أصبحت “مؤنثة” بدورها، تماشيا مع حاجيات سوق العمل ومع تطور العقليات. مسار زينب غير اعتيادي ويجعل منها مبعث إلهام للعديد من النساء.

بالفعل، لا شيء كان مقدرا لهذه الأربعينية التي اختارت هذه المهنة طواعية، وهي من اشتغلت لوقت طويل في مصنع للنسيج والألبسة كخياطة، لكنها في أحد الأيام عاينت امرأة تجلس خلف مقود حافلة النقل الحضري، هذه الصورة أثارت لديها اهتماما خاصا بهذه المهنة.

وقالت زينب، في حديث مع وكالة المغرب العربي للأنباء، إنني “منذ بضع سنوات، تأثرت كثيرا بصورة امرأة تقود باصا، وقد أظهرت ثقة كبيرة بنفسها لدرجة دفعتني إلى الاهتمام بهذه المهنة”، مضيفة بابتسامة جلية وبكثير من العزم “قلت لنفسي على الفور، لماذا لا أكون أنا أيضا؟”.

إثر ذلك، شرعت زينب، وهي التي لم يسبق لها بتاتا أن قادت عربة، في مسار تحول مهني لم يتوقعه حتى أقرب المقربين منها، بدعم من زوجها وأبنائها، حيث اتصلت بشركة “ألزا” واكتشفت بسرور كبير أن الشركة لا تقترح فقط تكوينا في المهنة، ولكن أيضا مساعدة كاملة من أجل الحصول على رخصة السياقة من صنف “د” وعلى البطاقة المهنية وبتمويل من الشركة.

وتابعت السائقة بكثير من التفاؤل الإيجابي أن “الحصول على رخصة السياقة والنجاح في التكوين كان حلما تحول إلى حقيقة”، مضيفة “كنت دوما مقتنعة أن كل امرأة تملك حافزا وشغفا هي امرأة قادرة على النجاح في كل ما تقدم على فعله”.

بكل وعي بأهمية هذه المهنة، تؤكد زينب أن هاجسها وهدفها اليومي يتمثل في نقل كل الركاب إلى وجهتهم بأمان، منوهة بأن “تكون خلف مقود حافلة للنقل العمومي هي مسؤولية كبيرة، لأن سلامة الركاب تأتي قبل كل شيء”.

بالإضافة إلى المهارة والحرفية التي تتطلبها المهنة، تحرص زينب منذ سنتين على اتباع كل التدابير التي وضعتها شركة “ألزا” لضمان سلامة الركاب. دون كثير من التردد، تؤكد زينب أن “الأولية هي للسلامة على الطريق”.

وإن كان يبدو من الوهلة الأولى أن مهنة سائق الحافلة تتطلب في المقام الأول “المهارات التقنية” لمعرفة كيفية تحريك والتعامل مع هذه العربات الضخمة، إلا أن روح التواصل تبقى أيضا ضرورية.

فأمام زبائن مستعجلين وآخرين متوترين أو ثرثارين، تقابل زينب كل يوم ركابا ذوي شخصيات متباينة، ولعل مزاجها الرائق وحفاوتها الطبيعية وابتسامتها الدافئة تساعد هذه الأم على البقاء مركزة على مخاطر الطريق، وفي ذات الوقت التفاعل مع أي موقف قد يبرز في الحافلة.

وتعتبر زينب أنه عندما يكون المرء سائقا لحافلة، فهو مطالب دوما بأن “يظهر قدرا من اللطف والتعاطف والتسامح مع التوتر، والتحلي بالصبر وكثير من التركيز خلف المقود”.

ولطالما كان لطفها ومهنيتها مبعث تقدير من الركاب، والذين يتفاجأ الكثير من بينهم أن امرأة تجلس خلف المقود، حيث تؤكد أنه “إن كان بعض الركاب قد اعتادوا على رؤية نساء خلف المقود، فإن آخرين لا يخفون مفاجأتهم السارة، والتلفظ بكلمات تشجيعية”.

وتحكي زينب بكثير من التأثر عن واقعة بقيت عالقة في ذاكرتها قائلة “غالبا ما أشتغل على الخط الذي يمر بالقرب من كلية الطب والصيدلة بطنجة، وفي يوم من الأيام، فاجأني الطلبة في مقر الشركة بمنحي هدية ورسالة شكر على نقلي إياهم كل يوم”.

زينب مثال عن القدرة على الجمع بين الجدية والحزم والصرامة والحفاوة والتعاطف والمودة، ما يجعل النساء يفرضن أنفسهن أكثر فأكثر في مهن كانت تعتبر تقليديا حكرا على الرجال.

ويزداد الوعي لدى هذا النوع من الشركات بضرورة “تأنيث” هذه المهن، على غرار شركة “ألزا” التي تعتزم رفع عدد سائقات الحافلات لديها بطنجة من 22 إلى 46 سائقة قبل متم السنة الجارية.

مملكتنا.م.ش.س/و.م.ع

Loading

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 18 مارس 2025 - 13:55

اعطاء انطلاقة الدراسة لانجاز تصميم تهيئة مدينة وادي زم وتتبع دراسة تهيئة مدينة أبي الجعد

الثلاثاء 18 مارس 2025 - 11:42

النادي الدبلوماسي يمنح “جوائز التضامن 2025” لثلاث نساء مغربيات

الثلاثاء 18 مارس 2025 - 11:03

إقليم جرادة .. تحسن ملحوظ في حالة المراعي نتيجة الأمطار الأخيرة

الثلاثاء 18 مارس 2025 - 00:03

سدود سبو .. المشاريع المائية التي توجد في طور الإنجاز سترفع القدرة التخزينية إلى 14ر8 مليار متر مكعب (وزير)