إلياس خاتري
في مواكبة للدرس الأدبي المعاصر، صدر حديثا عن المركز المغربي للحبث العلمي وتطوير الكفاءات، كتاب جماعي شاركت في تأليفه نخبة من الباحثين المتخصصين، بدراسات علمية رصينة ومتخصصة، في تحليل الخطاب ، كتاب بعنوان: مقاربات في تحليل الخطاب: الدلالة والأنساق والخصائص الأسلوبية من تأليف الدكاترة: إلياس خاتري، و محمد قنوش و عبد اللطيف الوراري، وعبد القادر بقشى وأبوب بن مسعود وعصام أبا الحسان. وبتنسيق من طرف الدكتور إلياس خاتري، والدكتور محمد قنوش، كما قدم لهذا الكتاب الدكتور بدر العوني، رئيس الجمعية الوطنية لأساتذة اللغة العربية.
يقدم هذا الكتاب، بأنامل باحثين مغاربة، فسحات نقدية بؤرتها الخطاب بوصفه واحدا من المصطلحات النقدية الأكثر رنينا وجاذبية، وإذ يعتبِر المشاركون في هذا الكتاب أنه مصطلح دائم الفتوّة؛ فإنهم يسافرون، عبره، في #متون #ونصوص سفرا يعد بالتنوع والجرأة: جرأة القراءات والمداخل. فالقارئ موعود بمدارات قرائية ونقدية قوامها السؤال والقلق والتذوق، سواء تعلق الأمر بمائدة السرد أو بالشعر ومضايقه الدلالية أو بباقي الخطابات التي تجاور ذلك بصورة ما.
لكأنّه قدر جميل أن يتيح لنا #الأدب – موطن الجمال والمعرفة المدفونة فيه – مساحات أخرى للحديث وهو يقاوم بكل ما أوتي من بيان أسباب التواري والزوال، ويعلن بكل ما أوتي من مجاز أنّه هنا يتسلل إلى القارئ والمتصفح والمتابع فيثير فيهم غريزة التذوق والتأمل. إنه الأدب حين يسمح باكتشاف المزيد من العذرية في حقله المزهر، وذلك ما يجعل إيماننا في المركز المغربي للبحث العلمي وتطوير الكفاءات ثابت بوجود متلقّ من مختلف التخصصات يهمه الحفر عميقا في زوايا الأدب والمعرفة وتهمه أسئلتهما ومداخلهما التي يُجدّدها الباحثون بفضل غوايتهم وورطتهم الجميلة. ومن تلكم القناعة يأتي هذا الكتاب وقد عُتّقت دراساته في مدى زمني ملائم وولّفت مواده بصورة تسمح بتجسير الممرات أمام قارئ يبحث عن مواطئ قدم تزيد إيمانه بشغفه.
إن البحث في تحليل الخطاب وبه، يتيح ممرات شيقة عند خطوط التماس بين الفنون واللغة والثقافة؛ إذ الخطاب هو التمظهر المركب لتلك الأنساق وما تختزنه من حضور وغياب بتوصيف فوكو، وليست مهمة الباحث سوى اختبار مسارب جديدة؛ كيف لا وهو النِّمس الذي لا يثنيه شيء عن التجريب والاختبار، بكل ما لذلك من لذة وعناء. وها هو العمل الجماعي هذا يعيد إلينا ذلك الوقوف وتلك الدهشة أمام الأدب بما هو التعبير الجمالي عن المعرفة على خطى باخثين وتودوروف ومحمد مفتاح وهلم نقدا..
وعملا بمنطق الوحدة الموضوعية لهذا الكتاب، فقد كان الخيط الناظم لدراساته هو الخطاب، سواء تعلّق الأمر بالخطاب الشعري الذي لا يمكن تجاهله بوصفه أساسا للثقافة الأدبية العربية بقوة التاريخ وبسلطة الذائقة، أو بالخطاب السردي الذي نجد في الحديث عنه ما يأخذنا في متاهات السرد اللّذيذة، وصولا إلى موضوع الأدب الرّقمي الذي يفتح المدارك على خطاب فتي دون إغفال خطاب الصورة والتلفزيون بوصفها تمظهرات نصية تتجاوز الحضور النصي اللّغوي المألوف.
فلعلّك أيها القارئ الكريم – وأنت مدار الرحى – تمسك خيطا يكون دليلك في مسرب من مسارب اهتمامك أو مسلك من مسالك انتشائك
مملكتنا.م.ش.س