الرباط – مع إعلان مديريات ومصالح الأرصاد الجوية بدول أوروبية عديدة، في مقدمتها ألمانيا وإسبانيا والبرتغال وفرنسا، أن شهر يونيو هو الأكثر حرا منذ بدء التسجيلات في مناطق عديدة بأوروبا، كشفت المديرية العامة للأرصاد الجوية لهسبريس أنه “صنف في المرتبة الثالثة ضمن أشهر يونيو الأكثر حرارة على الإطلاق”؛ فيما كان أشدها بعدد من المدن المغربية، منذ بدء التسجيلات قبل عقود طويلة.
وأكد الحسين يوعابد، مسؤول التواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية،، أن يونيو الأكثر حرا منذ بدء التسجيلات في مناطق عديدة بأوروبا جاء “نتيجة موجات حر استثنائية ومبكرة جدا”، لافتا إلى أن “هذا ما يعكس تأثير كتلة هوائية حارة وجافة قادمة من الصحراء الكبرى امتدت نحو جنوب أوروبا”، مبرزا أنه “في المغرب لم يكن الوضع مختلفا”.
وقال يوعابد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن الشهر الماضي “شديد الحرارة بشكل استثنائي”، لافتا الانتباه إلى أنه “على مستوى المغرب اتسم شهر يونيو 2025 بارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة، حيث صُنّف في المرتبة الثالثة ضمن أشهر يونيو الأكثر حرارة على الإطلاق”.
وأفاد مسؤول التواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية بأن متوسط درجة الحرارة (يحتسب الدنيا والعليا)، خلال هذا الشهر، “سجل انحرافا إيجابيا قدره 1.64+ درجة مئوية مقارنة بالمعدل المرجعي البالغ 22.8 درجة مئوية للفترة 1991-2020”.
وذكر المسؤول ذاته أن “الرقم القياسي لأكثر أشهر يونيو حرارة يعود إلى يونيو 2017، الذي سجل فارقا قدره +2.25 درجة مئوية، يليه يونيو 2011 بانحراف قدره 1.8+ درجة مئوية”.
وأشار المتحدث نفسه إلى أن “هذا الفارق الإيجابي المسجل في يونيو يُعد الأكبر خلال عام 2025 حتى الآن، إذ لم تسجل بقية أشهر السنة انحرافات حرارية تتجاوز درجة مئوية واحدة؛ باستثناء يونيو الذي تخطى هذا الحد بانحراف قدره 1.64+ درجة مئوية”.
وأوضح يوعابد أنه “من ناحية المعدل، عرفت إفران، في يونيو 2025، شهر يونيو الأشد حرارة منذ سنة 1956؛ فقد بلغت درجة الحرارة المتوسطة (تحتسب درجات الحرارة الدنيا والعليا) 22 درجة مئوية، في حين كان الرقم القياسي السابق 21.6 درجات مسجلا في يونيو 2017. كما سجلت فاس، في يونيو 2025، ثاني أشد شهر يونيو حرارة في تاريخها، بدرجة حرارة متوسطة بلغت 26.4 درجات مئوية، بينما يبقى الرقم القياسي مسجلا في يونيو 2017 بـ27.8 درجات مئوية”.
أما بخصوص مدينة وجدة، “فقد عرفت بدورها شهر يونيو الأشد حرارة في سلسلة شهور يونيو منذ بدء التسجيلات عام 1951، حيث بلغت درجة الحرارة المتوسطة 27.3 درجات مئوية، متجاوزة الرقم القياسي السابق البالغ 25.6 درجات والمسجل سنة 2003، وكذلك قيمة 25.5 درجات المسجلة في 2017″، أفاد المسؤول ذاته.
عوامل مفسرة
ساق يوعابد عوامل عديدة يمكن أن تفسر “هذه الحرارة المفرطة”، التي شهدتها مدن مغربية عديدة شهر يونيو؛ على رأسها وجود “نمط جوي يساهم في ارتفاع الحرارة”، حيث ساهم “تمدد منخفض صحراوي حار جدا نحو المغرب وجنوب أوروبا في صعود كتلة هوائية قارية جافة شديدة السخونة من الصحراء الكبرى نحو المغرب وامتدادا نحو أوروبا؛ وهي ظاهرة «الشركي» المحلية (رياح جنوبية إلى جنوبية شرقية حارة وجافة)”.
كما يساهم تأثير “الفون”، الناتج عن نزول الرياح الجافة والحارة من الجبال بعد فقدانها للرطوبة، وفق مسؤول التواصل بمديرية الأرصاد الجوية بالمملكة، “في رفع درجات الحرارة في السهول المجاورة للمرتفعات”.
لفت المتحدث ذاته إلى “تكون القبة الحرارية والتي شملت مناطق واسعة من المغرب وحتى جنوب أوروبا، ناجمة عن مرتفع جوي يحبس الهواء الساخن لأيام عديدة”، موضحا أن “هذه الظاهرة تفسر درجات الحرارة القياسية المسجلة في أواخر يونيو وبداية يوليوز 2025”.
وقال المسؤول عينه إنها “ظاهرة جوية تحدث عندما يتمركز مرتفع جوي قوي في طبقات الجو العليا؛ فيعمل مثل غطاء يحبس الهواء الساخن قرب سطح الأرض لأيام عديدة. ويؤدي ذلك إلى ارتفاع كبير في درجات الحرارة ويجعل الليل بدوره حارا وغير مريح”، مردفا أنه “رغم أن هذه الظاهرة طبيعية ومعروفة منذ زمن، فإن التغير المناخي يجعلها أكثر حدة وتكرارا، بسبب ارتفاع الحرارة العالمية وتغير أنماط الرياح”.
أما العامل الآخر، وفق يوعابد، في إطار “التغير المناخي العالمي”، إذ “حسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية WMO وهيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة IPCC، هناك اتجاه طويل المدى لارتفاع متوسط درجات الحرارة”. كما أن “موجات الحر أصبحت أكثر شدة، وأطول مدة، وأكثر تكرارا بفعل الاحترار العالمي”.
وشدد مسؤول التواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية، في ختام تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن “سجلات حرارية تتساقط بشكل متكرر في أوروبا وشمال إفريقيا”.