من التنسيق إلى التنفيذ .. خارطة التشغيل المغربية تنتظر الترجمة العملية

الخميس 10 يوليو 2025 - 13:26

الرباط – قرأ عدد من المحللين الاقتصاديين، في “سلسلة اجتماعات” خُصصت لتتبع تنفيذ خارطة طريق قطاع التشغيل وتقييم التقدم المُحرز قطاعيا، مؤشرات “جدّية” على “أولوية” وراهنية ملف التشغيل خاصة لتقليص نسب البطالة في أوساط الشباب غير الحاملين لدبلومات.

ومع تسارع أشهر العام الجاري نحو نهايته، عرفت الاجتماعات المتصلة بتنفيذ “خارطة التشغيل الحكومية” دينامية متجددة بصمتْها، هذه المرة، تقديمُ القطاعات الحكومية المعنية عروضا حول برامج العمل المرتبطة بالتشغيل؛ في وقت تراهن فيه الحكومة على “التنسيق بين مختلف المتدخلين، واعتماد آليات حكامة تضمن الالتقائية، إلى جانب إشراك القطاع الخاص ممثلا بالاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM) في هذه الدينامية”، حسب المعطيات الرسمية المعلنة.

وتطرقت “اجتماعات التتبع”، التي ترأسها عزيز أخنوش، لـ”دعم الاستثمار الخاص، وتسهيل ولوج المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة إلى آليات المواكبة، وتحسين كفاءتها التدبيرية”. كما نوقشت إمكانية توسيع فرص الشغل من خلال

الأوراش الكبرى، خاصة في قطاع البناء والأشغال العمومية؛ وكذا إيلاء أهمية لمسارات “التكوين المهني بالتدرج” من خلال “تحسين تنسيق بين “OFPPT” و”أنابيك”.

التنسيق الأفقي

إدريس العيساوي، محلل اقتصادي، قال إن “اجتماعات الثلاثاء (الماضي) حملت طابعا تنسيقيا موسّعا حضره جلّ أعضاء الحكومة المغربية، في خطوة تُظهر أن ملف التشغيل أصبح أولوية وطنية جامعة”، لافتا إلى أن “الشكل غير التقليدي للاجتماع وقوة الحضور الحكومي يعكسان اقتناع الحكومة بأن معضلة التشغيل تتطلب تعبئة شاملة وعابرة للقطاعات”.

وفي قراءته للدلالات ومخرجات الاجتماع، نوّه العيساوي، ضمن حديث لهسبريس، بـ”مشاركة جميع القطاعات الوزارية المعنية مباشرة أو بشكل غير مباشر، سواء تعلق الأمر بالقطاعات الحضرية أم القروية، الصناعية أم الفلاحية؛ مما يدل على اقتناع الحكومة بأن معالجة البطالة ليست منوطة بقطاع بعينه، بل هي رهان متعدد الأبعاد يتطلب تنسيقا أفقيّا بين الفاعلين”.

وفي نظر المحلل الاقتصادي، “كان لافتا حضور الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى جانب المؤسسات الحكومية المعنية؛ مما يعكس توجّها نحو شراكة فعالة بين القطاعين العام والخاص، فالحكومة تراهن على أن القطاع الخاص يمكن أن يكون قاطرة لإنعاش التشغيل عبر الاستثمار وخلق مناصب الشغل، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية”.

وأضاف المتحدث ذاته: “حضور المؤسسات المعنية بالتكوين المهني وإنعاش الشغل إشارةٌ إلى أن المعالجة الناجعة للبطالة تمر عبر ملاءمة العرض التكويني مع حاجيات سوق الشغل؛ فوزير التشغيل، رغم مسؤوليته المباشرة، ليس سوى مُنسق لجهود متعددة الأطراف، بينما يبقى الرهان على تقاطع السياسات العمومية وتكاملها”.

وقدّر العيساوي أن “الغاية من هذا التنسيق الموسع هي تمكين الشباب من فرص شغل لائقة وملائمة عند بلوغهم سن العمل؛ وهو ما يُعدّ مفتاحا للخروج من الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الراهنة”، مردفا بـ”سعي الحكومة إلى كسر حالة الانحباس في سوق الشغل وخلق دينامية جديدة تُخرج البلاد من “عنق الزجاجة”.

وختم المحلل الاقتصادي: “سنة 2025 ستكون محورية لإطلاق أوراش اقتصادية وتنموية كبرى، تزامنا مع الاحتفال بذكرى عيد العرش؛ وهو حدث يُنتظر أن يُرافقه خطاب ملكي يُشخّص الوضع ويقدم التوجيهات الكبرى. ويُرتقب أن يحمل هذا الخطاب رسائل قوية تُعيد التأكيد على الإرادة العليا للنهوض الاقتصادي والاجتماعي للمملكة”، حسب العيساوي.

الأثر المنتظر

خالد أشيبان، محلل وباحث اقتصادي، قال إن “الاجتماعات الحكومية الأخيرة التي خُصصت لموضوع التشغيل عاكسةٌ مدى الأهمية التي توليها الحكومة لهذا الملف، خاصة بعد أن بلغت معدلات البطالة مستويات غير مسبوقة. ومن الطبيعي في هذا السياق أن يتولى رئيس الحكومة بنفسه متابعة هذا الورش والإشراف المباشر عليه، باعتبار أن البطالة تُعدّ اليوم أولوية وطنية ملحة”.

ومن “المهم جدا”، وفق أشيبان ضمن تصريح لهسبريس حول الموضوع، أن تنخرط جميع القطاعات الوزارية المعنية في هذه الدينامية؛ “لأننا كنا نلاحظ، في السابق، ميلا إلى تحميل قطاع معين مسؤولية وضعية التشغيل، سواء تعلق الأمر بوزارة الإدماج الاقتصادي أم غيرها؛ في حين أن الأمر في الواقع لا يخص قطاعا واحدا فقط، بل يرتبط بأداء جميع القطاعات المنتجة، خاصة بعد السنوات المتتالية من الجفاف التي أضعفت النشاط الاقتصادي بشكل عام”.

منتقلا لـ”أثر هذه الاجتماعات على أرض الواقع”، علّق المحلل والباحث الاقتصادي أنه “لا نرى، إلى حدود الساعة، نتائج ملموسة؛ فمعدلات البطالة لا تزال مرتفعة. وسنترقّب ما ستكشفه التقارير المقبلة للمندوبية السامية للتخطيط، لمعرفة ما إذا كانت هذه النسبة قد بدأت في الانخفاض التدريجي، أم أنها لا تزال مستقرة، أو ربما تتجه نحو الارتفاع؛ غير أن المؤكد هو أن المعدل لا يزال مقلقا جدا، ويُنتظر أن تزداد الضغوط مع التحاق أفواج جديدة من خريجي السنة الحالية بسوق الشغل، ما سيزيد من تعقيد الوضع”.

وزاد أشيبان شارحا أنه “في ظل غياب برامج تشغيل واضحة المعالم إلى حدود الآن، وعلى الرغم من التنصيص في قانون المالية لسنة 2025 على تخصيص ميزانية خاصة بالتشغيل، فإننا لا نرى تنفيذا فعليا لهذه التوجهات على شكل برامج عملية”.

وحسب المتحدث لهسبريس، فإذا كان الرهان قائما على البرامج المتعلقة بالتشغيل الذاتي، أو تلك الخاصة بدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة التي أطلقتها الحكومة مع توفير التمويلات الضرورية لها، “فإنها – رغم أهميتها– لن تكون كافية لامتصاص البطالة. والمشكل الجوهري هو أن المقاولات الصغرى والمتوسطة لا تحظى بالمكانة التي تستحقها في النقاش العمومي أو في المبادرات الحكومية؛ في حين أنها تُشكل أكثر من 80 في المائة من النسيج الاقتصادي الوطني، وتُعد المؤهلة أكثر من غيرها لاستيعاب العاطلين عن العمل وتمكينهم من إطلاق مشاريعهم الخاصة أو ولوج سوق الشغل من خلالها”، بتقديره.

وخلص المحلل والباحث الاقتصادي إلى أن “موضوع دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة يستحق أولوية أكبر، سواء في السياسات العمومية أم في برامج الدعم والتأطير؛ لأنه يُمثل مفتاح الحل. أما الخطوات المتخذة إلى حدود اليوم، فهي تبقى خطوات محتشمة وغير كافية”، حسب وصفه.

Loading

مقالات ذات صلة

الخميس 10 يوليو 2025 - 20:00

صندوق محمد السادس للاستثمار يعلن عن اختيار 14 شركة لتدبير صناديق قطاعية وموضوعاتية

الخميس 10 يوليو 2025 - 15:33

صرف منحة لأرامل ومتقاعدي الأمن

الخميس 10 يوليو 2025 - 13:51

إقليم تزنيت .. رفع اللواء الأزرق بشاطئ أكلو للمرة الـ14 على التوالي

الخميس 10 يوليو 2025 - 11:12

شراكة بين جامعة محمد السادس متعددة التخصصات وجامعات كنارية لتعزيز البحث والابتكار