تقرير .. المغرب يسد فراغ الجزائر بالساحل .. رؤى أطلسية وتحالفات جديدة

الإثنين 21 يوليو 2025 - 09:55

الرباط – أكد تقرير حديث صادر عن “معهد الشرق الأوسط للسياسة والاقتصاد” أن المغرب حقق اختراقات استراتيجية كبرى في منطقة الساحل على حساب تراجع النفوذ الجزائري التقليدي، مستفيدا في ذلك من التحولات الجيو-سياسية والأمنية التي عصفت بالمنطقة.

وذكر التقرير ذاته أن النشاط الجزائري والمغربي في منطقة الساحل الإفريقي يمثل استجابة للتغيرات التي شهدتها المنطقة، والتي أدت إلى تراجع نفوذ الجزائر فيها، مقابل فتح آفاق جديدة للمغرب، مشيرا إلى فقدان الجزائر العديد من أوراقها في الساحل، حيث “أوقفت النيجر إطلاق الدراسات النهائية لمشروع خط أنابيب الغاز الثلاثي مع نيجيريا والجزائر، الذي كان من المفترض أن يربط الجزائر ونيجيريا بأوروبا عبر النيجر. كان هذا المشروع جزءا من الخطة الجزائرية الطموحة لمواجهة خط أنابيب المحيط الأطلسي الذي سيربط المغرب بنيجيريا”.

وفي معرض استعراضها لأبرز ملامح تراجع النفوذ الجزائري في المنطقة، أشارت الوثيقة ذاتها إلى “استدعاء كل من النيجر ومالي وبوركينا فاسو سفراءها من الجزائر احتجاجا على إسقاط القوات الجزائرية طائرة مسيّرة مالية في أبريل الماضي، وهو الحادث الذي وصفه تحالف دول الساحل بالعمل العدواني”، لافتة أيضا إلى انسحاب باماكو من اللجنة المشتركة للأركان العملياتية (CEMOC)، التي كانت تُشكل آلية تنسيق أمني مع الجزائر وموريتانيا، خاصة في مجال التدريب، وذلك على مدى 15 عاما.

ولفت التقرير إلى دعم النيجر خطوة حليفتها مالي بإغلاق أجوائها أمام الطائرات المدنية والعسكرية القادمة من الجزائر أو المتجهة إليها، إضافة إلى اتهام السلطات المالية النظام الجزائري بدعم الإرهاب خلال اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في شتنبر من العام الماضي، إلى جانب التقارب بين الرباط ونواكشوط عبر مبادرات اقتصادية متعددة.

وأوضح تقرير “معهد الشرق الأوسط للسياسة والاقتصاد” أن المجالس العسكرية الحاكمة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو قررت إعادة توجيه تحالفاتها الاستراتيجية نحو شركاء جدد، الشيء الذي وضع الجزائر في موقف صعب أمام التحولات الجيو-سياسية غير المواتية، خاصة مع دخول الروس على الخط، وكذلك تركيا التي تزود هذه الدول بأسلحة نوعية، خاصة الطائرات المسيّرة التي تحتاجها في مهام الاستخبارات والمراقبة والدعم الجوي.

في المقابل، أكد المصدر ذاته أن “المغرب سعى بخطى عملية إلى احتواء احتياجات ومخاوف دول الساحل، خاصة بعد فرض المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” عقوبات على الدول الثلاث، مما دفع هذه الأخيرة إلى الانسحاب من المنظمة، وبالتالي حرمانها من الوصول إلى الموانئ البحرية في خليج غينيا.

وأضاف أن المغرب ردّ على هذه التحولات بإطلاق “المبادرة الأطلسية” في دجنبر من العام 2023، لتسهيل وصول مالي وتشاد وبوركينا فاسو والنيجر إلى المحيط الأطلسي عبر الموانئ المغربية، وتحويل المنطقة الأطلسية إلى فضاء للتكامل الاقتصادي. كما ضمّ المغرب موريتانيا إلى هذه المبادرة لقطع الطريق على أي محاولات لتهديد هذا المشروع الضخم، مشيرا أيضا إلى “مشاركة دول الساحل في مشروع خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب، الذي يمتد لـ5600 كيلومتر، ومن المتوقع أن يمر عبر 15 دولة قبل الوصول إلى المغرب، بطاقة تصل إلى 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويا”.

وأبرز أن “الجزائر تحاول حاليًا الحفاظ على وجودها في الساحل، كما يتضح من سعيها لتعزيز التعاون الاقتصادي مع موريتانيا، التي تمثل بوابة استراتيجية للجزائر نحو إفريقيا الأطلسية ومنطقة الساحل”، مسجلا أن “الوجود الروسي في الساحل أصبح مصدر قلق للجزائر، حيث أدت عمليات مجموعة فاغنر في دول الساحل إلى تهميش الدور الجزائري في إدارة الأمن الإقليمي بالمنطقة ومنافسة النفوذ الجزائري التقليدي، إضافة إلى ضعف موقف الجزائر أمام القوى الغربية فيما يتعلق بالمشهد السياسي والأمني في الساحل؛ إذ اختارت هذه الدول التعاون مع المغرب على حساب الجزائر”.

وشدد التقرير على أن “المشكلة الأساسية التي تواجهها الجزائر في الساحل هي افتقارها للجاذبية لدى دول المنطقة. فتحالف دول الساحل (AES) والجزائر لديهما رؤى مختلفة في التعامل مع الجماعات المسلحة، حيث تعتمد الجزائر على الحلول السياسية، بينما تفضل دول الساحل الحلول العسكرية كما حدث في يناير 2024 عندما أعلنت السلطات المالية إنهاء اتفاق السلام الموقّع في الجزائر عام 2015 مع المتمردين الطوارق”.

مملكتنا.م.ش.س/و.م.ع

Loading

مقالات ذات صلة

الإثنين 21 يوليو 2025 - 18:56

بفضل الرؤية المستنيرة لجلالة الملك، المغرب يضطلع بدور محوري في تعزيز الاستقرار الإقليمي (السيد بوريطة)

الإثنين 21 يوليو 2025 - 09:02

حليف ترامب الجديد .. ألتمان يسحب صفقات الذكاء الاصطناعي من ماسك

الأحد 20 يوليو 2025 - 15:05

المغرب عبأ استثمارات مهمة لتحقيق الازدهار الاقتصادي بمنطقة الصحراء (نائب رئيس المجلس الأمريكي للسياسة الخارجية)

الأحد 20 يوليو 2025 - 13:12

جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، واليونسكو، ومؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط يفعّلون منصة ثلاثية مخصصة لأجندات التنمية التي تركز على إفريقيا