محمود هرواك
في خضم أزمات الشرق الأوسط ومآسي غزة المتجددة، جاء التحرك الإنساني المغربي الأخير بقيادة الملك محمد السادس ليغيّر قواعد اللعبة، ويكشف تناقضات الشعارات والمواقف لدى بعض المتاجرين بالقضية الفلسطينية ورافضي التطبيع العلاقاتي مع إسرائيل.
مبادرة ملكية عملية تتجاوز الشعارات
خطوة الملك محمد السادس، بطلبه رسمياً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السماح بإدخال مساعدات مغربية مستعجلة لغزة عبر مطار “بن غوريون”، لم تكن مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي، بل برنامج إنساني متكامل: إرسال 8 طائرات محمّلة بالمؤن والأدوية وتنسيق عبورها عبر معبر كرم أبو سالم تحت إشراف الصليب الأحمر. المغرب اختار الفعل المؤثر بدل الاكتفاء بالتنديد، واستغل قنوات الدبلوماسية لإيصال الدعم فعلياً لأهل غزة في عز الحصار والدمار.
رسائل قوية تسقط أقنعة المتاجرة
هذه المبادرة فضحت—بالفعل لا بالكلام—كل الأصوات التي طالما اتهمت المغرب بـ”خيانة القضية” بسبب علاقاته مع إسرائيل. فقد أظهر المغرب أنه قادر على تحريك الماء الراكد متى جد الجد، وجعل العمل الإنساني أبلغ من كل الشعارات الجوفاء، بل واستثمر علاقاته الجديدة في خدمة فلسطين وأهلها حين عجز غيره حتى عن التنديد العملي.
التطبيع لا يعني التخلي عن المبادئ
لقد أوضح المغرب للعالم، ولنخب المنطقة خاصة، أن التطبيع ليس بيت طاعة ولا نهاية المواقف، بل أداة براغماتية توظَّف لخدمة أولويات المغرب دون تفريط في المبادئ والثوابت. هذه الخطوة كانت “إلجاماً” حقيقياً لكل المتاجرين بفلسطين ممن اتخذوا من خطاب الرفض ستارة للركود أو المزايدة أو تصفية الحسابات.
خلاصات وأثر المبادرة
خلاصة القول: المبادرة الملكية بشأن المساعدات لغزة لم تُحاصِر غزة فقط بالخير بل كشفت أيضاً حقيقة المواقف وأخرجت الخطاب المغربي بشأن فلسطين من ركام الشك والتشويش إلى بر الأمان—الفعل الإنساني الملموس والوفاء الأصيل للتاريخ والمبادئ.
هنا تتكلم الأفعال، وتصمت أبواق الدعاية، وتنكشف روعة المواقف الصادقة حين تضع فلسطين في القلب لا على اليافطات.
مملكتنا.م.ش.س