موجات الحر غير المسبوقة ترسم “خريطة مناخية جديدة” في المغرب

السبت 9 أغسطس 2025 - 10:26

الرباط – منذ انطلاق فصل الصيف، توالت النشرات الإنذارية التي تحذر من ارتفاع قياسي في درجات الحرارة، ما جعل المغرب يعيش على وقع موجات حر متتالية أفرزت تأثيرات بيئية وزراعية واقتصادية مقلقة.

المصطفى العيسات، خبير في المجال البيئي والتنمية المستدامة والمناخ، أوضح أن هذه الموجات مرتبطة بطبيعة فصل الصيف المتقلب، لكون المغرب يقع في منطقة شبه جافة، خاصة في الجنوب، حيث تتعرض البلاد لرياح جافة وحارة قادمة من الصحراء الكبرى تُعرف بـ”الشرقي”، ترفع معدلات الحرارة إلى مستويات قياسية.

وأضاف العيسات، ضمن تصريح لهسبريس، أن التقاء كميات كبيرة من بخار الماء الناتج عن التبخر مع التيارات الهوائية الباردة القادمة من الأطلس المتوسط والصغير يؤدي أحيانًا إلى أمطار غزيرة وفيضانات حتى في هذا الوقت من السنة، مشيرًا إلى أن الاحتباس الحراري زاد من حدة الظاهرة؛ إذ ارتفع متوسط درجة حرارة الأرض بـ1.5 درجة مئوية، ما جعل صيف العامين الأخيرين أكثر حرارة، بمعدلات تتراوح بين 45 و48 درجة حتى في مناطق لم تعهد هذه الأرقام مثل ابن جرير وبني ملال وزاكورة.

ويرى الخبير أن هذه التحولات المناخية القاسية هي انعكاس لعدم التزام الدول الكبرى الملوثة باتفاقية باريس للمناخ، وهو ما يضع الدول النامية، ومنها المغرب، في موقع المتضرر الذي يدفع “ضريبة الكربون” و”ضريبة العدالة المناخية”. كما أشار إلى أهمية الرأي الاستشاري لمحكمة لاهاي، التي بدأت تسائل الدول الملوثة حول تعويض الدول المتضررة من موجات الحر والفيضانات والجفاف.

بحسب العيسات، تمتد آثار موجات الحر لتشمل المحاصيل الزراعية وصحة الإنسان والتنوع البيولوجي، فضلًا عن تسريع تبخر المياه في فصل الصيف، ما يفاقم أزمة الشح المائي ويهدد الأمن والسيادة المائية للمغرب. وأكد أن البلاد بحاجة ماسة إلى الحفاظ على المخزون المائي سواء للشرب أو للقطاع الزراعي.

من جانبه، قال الخبير المناخي علي شرود إن وتيرة ارتفاع الحرارة هذا الموسم كانت تصاعدية، ما يرفع احتمالية وقوع كوارث طبيعية مثل الحرائق، خاصة إذا ترافقت الحرارة مع تيارات هوائية قوية. وأوضح أن الحرائق تُعد من أخطر النتائج المحتملة، نظرًا لصعوبة السيطرة عليها حتى في دول تتوفر على إمكانيات ضخمة، كما حدث مؤخرًا في جنوب فرنسا.

وأشار شرود، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن خسائر الغابات لا تُعوض في وقت قصير؛ إذ قد تحتاج بعض المناطق إلى عقود لإعادة تشجيرها. وبينما يمكن مواجهة شح المياه بوسائل مثل الاقتصاد في الاستهلاك والتحلية، تبقى الحرائق كارثة لا يمكن عكس أضرارها بسهولة.

وأكد المتحدث أن المغرب أمام تحديات مناخية متزايدة تتطلب استعدادًا دائمًا، بدءًا من تعزيز نظم الإنذار المبكر، مرورًا بسياسات إدارة الموارد المائية، وصولًا إلى خطط وقاية ومكافحة الحرائق. فالتقلبات التي نشهدها لم تعد استثناءً موسميًا، بل ملامح لخريطة مناخية جديدة يرسمها الاحتباس الحراري.

مملكتنا.م.ش.س/و.م.ع

Loading

مقالات ذات صلة

الأحد 10 أغسطس 2025 - 21:34

عمالة إقليم قلعة السراغنة تحتفي بأبنائها في المهجر في اليوم الوطني للمهاجر

الأحد 10 أغسطس 2025 - 21:04

الفقية بن صالح .. افتتاح الدورة الثالثة لملتقى المهاجر احتفاء بدور مغاربة العالم في التنمية المحلية والجهوية

الأحد 10 أغسطس 2025 - 20:45

اليوم الوطني للمهاجر .. عمالة مقاطعة عين الشق تحتفي بالمغاربة المقيمين بالخارج

الأحد 10 أغسطس 2025 - 19:15

خنيفرة .. لقاء تواصلي بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للمغاربة المقيمين بالخارج