حين يكتب المغرب معادلة الذكاء .. تفوق استخباراتي بين علم الدقة وفوضى الجار الشرقي 🇲🇦/🇩🇿

الثلاثاء 26 أغسطس 2025 - 19:53

محمود هرواك.

في ليل العالم المظلم، حيث تُقاس قوة الأمم ليس بعدد دباباتها بل بمدى عمق عيونها الخفية، يبرز المغرب بملامح مختلفة: أمةٌ تحيك #الأمن بخيوط ذهبية دقيقة، تمتد من الأزقة الداخلية إلى #العواصم البعيدة، ومن شاشات الرصد الإلكترونية إلى دهاليز القرار الدولي.

بينما تبدو #المخابراتالجزائرية كآلة صدئة، تصدر ضجيجاً أكثر مما تُنجز، نجح المغرب في بناء #جهازأمني متعدد الرؤوس، أشبه بـ #شبكة من #العنكبوت العلمي المضيء: كل خيط يوصل إلى خيط، وكل اهتزاز يكشف المجهول قبل أن يتحرك.

  1. تكامل داخلي–خارجي: من الدقة إلى الشمول

الميزة الأولى للمغرب أنه لا يُجزئ أمنيّته:

المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (#DGST) تشتغل بصرامة على الداخل، حيث تُحوّل الأحياء والمدن إلى مسرح مراقب بدقة ميكروسكوبية، لتفكيك الخلايا النائمة قبل أن تفتح عينيها.

المديرية العامة للدراسات والمستندات (#لادجيد) تعمل في الخارج بذكاء استراتيجي، تحلل المعطيات الكبرى، وتستبق التهديدات القادمة من الساحل أو من وراء البحار.

وبينهما تعمل أجهزة أخرى ك #الأمنالوطني و #الدركالملكي و #القواتالمسلحةالملكية بتنسيق متكامل، وكأنها أعضاء #جسدواحد يتغذى من #دمواحد، له #عقل_موحد وإرادة صلبة.

هذا #الانسجام جعل المغرب قادراً على إنتاج “#أمن_شامل” لا يعرف الانقطاع بين الداخل والخارج. أما #الجزائر، فما تزال أسيرة تضارب الأجهزة وتنازع الجنرالات، حيث يتحول الأمن إلى لعبة كراسي أكثر منه عقلاً جماعياً.

  1. التكنولوجيا: من الأقمار إلى الخوارزميات

المغرب لم يعد يتعامل مع الأمن كعملية بشرية فقط، بل حوّل الخوارزميات إلى جنود صامتين. الأقمار الاصطناعية التي يملكها، والبنية الرقمية المتقدمة، تُتيح له مراقبة الحدود والتقاط الإشارات الصغيرة في فضاء مترامي.

من خلال تحليل #البيانات_الضخمة (Big Data) والذكاء الاصطناعي، صار قادراً على التنبؤ بالحركات الإرهابية قبل حدوثها. وهذا ما يفسر نجاحه في إحباط مخططات في #أوروبا و #أفريقيا.

في المقابل، لا تزال الجزائر غارقة في اعتمادها على “الرجل المخبر”😂 أكثر من “الآلة الذكية”، وهو ما جعلها عاجزة أمام الهجمات السيبرانية، وفاشلة في توقع الأزمات التي ضربتها من الداخل قبل الخارج.

  1. الشرعية الدولية: المغرب كـ “بنك معلومات” موثوق

حين انهارت باريس في 2015 على وقع الرصاص، لم يكن الإنقاذ فرنسياً، بل مغربياً: معلومة دقيقة من الرباط قادت إلى تحديد الإرهابيين في بلجيكا وفرنسا.
هنا يتجلى سر آخر: المغرب لم يكتفِ بحماية نفسه، بل تحوّل إلى حليفٍ محوري للأجهزة الكبرى (CIA، DGSE، MI6).

هذا الموقع لم يكن منحة، بل نتاج ثقة تراكمت عبر عقود من الصدق المعلوماتي والدقة الميدانية. في المقابل، الجزائر لا تُعامل كطرف موثوق، بل كمصدر قلق، إذ تُتهم تارة بالتواطؤ مع جماعات في الساحل، وتارة باستعمال الإرهاب ورقة ضغط في السياسة الإقليمية.

  1. القيادات: عقول باردة، لا أيادي مرتجفة

عبد اللطيف الحموشي (DGST/الأمن الوطني): رجل يجمع بين الهدوء الحديدي والصرامة القانونية، جعل الأمن الداخلي المغربي يتفوق حتى على أجهزة أوروبية في سرعة التحرك.

محمد ياسين المنصوري (لادجيد): العقل الاستراتيجي، المدني في عالم عسكري، نسج شبكة علاقات دولية حول المغرب، محولاً جهازه إلى ما يشبه “مركز دراسات عالمي متحرك”.

إلى جانبهم قيادات عسكرية وأمنية تعمل بتناغم، بعيداً عن نزعة الشخصنة أو صراع الجنرالات.

في الجزائر، الصورة معكوسة: القيادات الاستخباراتية تتحرك كأمراء حرب، تتنازع أكثر مما تتعاون، وأحياناً تُصفّى داخلياً كما حدث في عهد بوتفليقة حين أطاح بالجنرال توفيق.

  1. الأمثلة الناطقة

المغرب: أحبط مئات الخلايا الإرهابية داخل البلاد وخارجها، كان آخرها خلية مرتبطة بـ”داعش” سنة 2023، بفضل عمل استباقي.

الجزائر: فشلت في منع مذبحة عين أمناس (2013)، حيث قُتل العشرات من الرهائن، وأدارت العملية بعشوائية صدمت العالم.

المغرب: صار شريكاً للأمم المتحدة في قضايا الساحل، وأثبت تفوقه الميداني.

الجزائر: كلما تدخلت في ملف، خرجت منه بأزمة أكبر، كما حدث مع ليبيا ومالي.

المخابرات المغربية، بشقيها الداخلي والخارجي، ليست مجرد عيون تراقب، بل مختبر أمني يشتغل بالعلم والدهاء والشرعية. قوة ناعمة وصلبة في الآن نفسه، تتحرك كـ آلة جراحية دقيقة تعرف أين تضع مشرطها، وأين تتراجع بصمت.

Loading

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 26 أغسطس 2025 - 19:38

المغرب .. حين تتحول الاستخبارات إلى معادلة علمية تُدار في مختبر الدولة (مقارنة بين المغرب والحظيرة الشرقية)🇩🇿🇲🇦

الأحد 24 أغسطس 2025 - 10:08

تقرير غوتيريش يحذر من امتداد نزاع الصحراء إلى أكثر من خمسين عاما

الخميس 21 أغسطس 2025 - 09:14

شبيبات الأحزاب تُسارع الخطى للدفاع عن الحضور في انتخابات 2026

الأربعاء 20 أغسطس 2025 - 12:16

غياب التوافقات وخلاف العواصم يطيحان بمشروع الجزائر المغاربي الثلاثي