محمود هرواك
في صباح صافٍ من أيام الرباط، حيث تتعانق رائحة التاريخ بعبق الحداثة، وُلد الأمير مولاي الحسن، الابن الأكبر لجلالة الملك محمد السادس والأميرة الحسناء لالة سلمى، ليصبح منذ ولادته رمزًا لمستقبل المملكة، وجسرًا بين إرث الأجداد وطموحات الأجيال القادمة. لم يكن مجرد طفل عادي، بل كان زهرة ملكية تتفتح في حضن الوطن، ينقش على أوراق الطفولة بصمات تقدير المسؤولية، وحب المعرفة، وارتباطه العاطفي العميق بأسرة تحيطه بالحب والحزم معًا.
نشأة الأمير .. بين الحنان والحكمة
نشأ الأمير مولاي الحسن في كنف أسرة ملكية عميقة الجذور، حيث كان والده الملك محمد السادس مرآة الحكمة، ووالدته الأميرة لالة سلمى مدرسة الرقة والحنان. كل لحظة من طفولته كانت مدروسة، كل ابتسامة له كانت محفوفة بالتعليم الأخلاقي والسياسي، كل خطوة صغيرة كانت تُرسم بعناية نحو استيعاب معنى القيادة. كان يستمع إلى الحكايات عن الأبطال المغاربة، ويقرأ الكتب التي حملتها يدا والدته، لتغرس في قلبه حب الثقافة والفن، وتفتح أمامه أفق العالم الرحب.
التعليم .. صقل العقل والروح
تلقى الأمير تعليمه الأول في مدارس مرموقة، حيث جمع بين المعرفة الأكاديمية والتهذيب الروحي. أظهر منذ نعومة أظافره تفوقًا واهتمامًا بالعلوم والآداب، وحرص على تعلم عدة لغات بطلاقة، لتصبح أدواته للتواصل مع ثقافات العالم المختلفة. وهنا تتشكل صورة الأمير المستعد للقيادة: عقل متوقد، وروح متعطشة، وقلب متسامح، قادر على فهم الإنسان قبل أن يفهم السلطة.
مشاركاته الرسمية والدبلوماسية .. صوت المستقبل
رغم صغر سنه، كان الأمير مولاي الحسن حاضرًا في الساحات الرسمية، يرافق والده الملك في استقبال الشخصيات العالمية، من رؤساء الدول إلى الأمراء والملوك، ليصبح بذلك صوت الشباب المغربي في الساحة الدولية. صورته أمام الأمير هاري والأميرة ميغان عام 2019، وهو يبتسم بثقة ويصون وقار الملكية، كانت شهادة على نضجه المبكر وحسه الدبلوماسي.
شارك في قمة «وان بلانت» للمناخ، وفي فعاليات COP22 بمراكش، كأصغر مشارك يمثل المغرب في محافل عالمية، مصوغًا بين أوراق الطفولة ومسؤولية العرش صورةً للشاب القادر على حمل إرث الأجداد والمساهمة في صياغة المستقبل.
العادات والهوايات .. شغف الحياة
خارج إطار الرسميات، يظهر الأمير مولاي الحسن شابًّا ينبض بالحياة، يمارس الرياضة بشغف، من كرة القدم إلى كرة السلة، ومن السباحة إلى التزلج على الجليد، في رقصة متواصلة بين الجسد والحياة. وهو مشجع للفرجة الكروية الإسبانية بلذتها، وفي وطنه يحتفي بمباريات المنتخب الوطني المغربي، كأن قلبه يقفز مع الجماهير عند كل هدف بروح وطنية صافية.
أما الطفولة التي لم تفارقه، فهي تتجسد في ولعه بالفن وخصوصا أسماء مثل “سعد المجرد” في الأغنية المغربية و”طوطو” في الراب.. حيث تتلاقى الطرافة والبساطة مع الشخصية الرسمية، لتضيف بعدًا إنسانيًا يدل على توازنه بين الجدية والمرح.
الثقافة والفنون: قلب نابض بالإبداع
يستمد الأمير مولاي الحسن من الفن إشعاعه الداخلي ينصت للفنانين بإمعان وشغف ويزور دور السينما لمتابعة الأفلام، ويتعمق في المسرح والآداب، ويحرص على أن يظل قلبه منفتحًا على الجمال والإبداع، حتى في أصغر تفاصيل الحياة.. إنه يقرأ، يشاهد الإنتاجات المغربية في التليفزيون كما الأنترنت ويستمع، يتعلم، ويغذي عقله وروحه، كما يغذي وطنه بثقافة تواكب العصر.
العلاقات الأسرية .. واحة الأمان والحكمة
في قلب حياته، الأسرة الملكية، حيث يلتقي الحنان بالحزم، والحكمة بالحب. علاقته بوالده، الملك محمد السادس، تقوم على الاحترام والتوجيه، حيث تتلاقى تجربة الحكم مع طموحات الشباب. علاقته بأمه، الأميرة لالة سلمى، تتسم بالحنان والتوجيه الأخلاقي، فتكون مرآة الرحمة والتربية الفاضلة. وشقيقته الأميرة لالة خديجة، رفيقة الدرب الأولى، تربطهما لحمة أخوية صافية، تعكس استقرار الحياة الأسرية كقاعدة متينة للحكم العادل.
الاستعداد للحكم: عقل متوقد وقلب شاب
حمل الأمير رتبة كولونيل في القوات المسلحة الملكية حيث تمت ترقيته مؤخرا لرتبة كولونيل ماجور، رمزًا للتدريب والانضباط، وكونه محاطًا بمرافقين أمنيين عسكريين ملتزمين مخلصين لا يتغيرون إلا نادرا، يشير إلى جاهزيته المبكرة لتولي مسؤولية القيادة. شخصيته تجمع بين الصرامة والوداعة، بين العقلانية والرحمة، وبين الطموح والاحترام للتراث، ليصبح نموذجًا للشاب المغربي المتكامل.
الرفاق والزملاء .. روابط الطفولة والولاء
نشأ الأمير بين زملاء متميزين في المدرسة المولوية، وأسماء نكشف عنها حصريا لأزل مرة مثل المنتصر بالله الروح، وآدم شواوطة، ومحمد بلمنصور، ومولاي أمين التازي، والأمين أيت إيدي، وسفيان الشكراوي، ومحمد إيشو، تشهد على روابط طفولية امتدت عبر السنوات، لتشكل شبكة دعم معنوي وعاطفي خلف الستار الملكي. أما المرافقون الأمنيون والعسكريون، فلهم ذكر عندنا وعرفان وإكبار دون كشف الأسماء حفاظًا على الأمن الملكي، لكنهم حائط الصد الذي يضمن سلامته وحرية تحركه.
وفي نهاية هذه الرحلة بين دفتي الزمن والحياة، يظل الأمير مولاي الحسن، ولي العهد المغربي، قلبًا نابضًا بالأمل، وعقلًا متقدًا بالحكمة، وروحًا متعطشة للجمال. إنه الشاب الذي يحمل على كتفيه إرث الأجداد، ويمسك بزمام المستقبل، بعيون مفتوحة على العالم وقلب يتنفس حب الوطن.
إنه ليس مجرد وريث للعرش، بل قصة تتجدد كل يوم، لوحة حية تزينها ألوان الطفولة، وعطر التربية، ووهج الثقافة والفن. وبين الرسميات والمناسبات، وبين الرياضة والمرح، وبين الكتب والسينما، وبين السياسة وسدة الحكم؛ يقف الأمير شامخًا، متواضعًا، مستعدًا ليكون قائدًا يعانق التاريخ بعين الحاضر، ويهمس للحلم بصوت الوطن.
مملكتنا.م.ش.س