نيروبي – لحظة دوت صافرة الحكم في أرجاء الملعب الدولي “موي كاساراني” بالعاصمة نيروبي، دونت الكرة المغربية صفحة جديدة من المجد عنوانها تتويج المنتخب الوطني بلقب بطولة إفريقيا للاعبين المحليين (الشان) للمرة الثالثة في تاريخه. إنجاز استثنائي أضاء سماء نيروبي وأشعل مدرجاتها بالفرح والابتهاج، بعد أن بصم “أسود الأطلس” على انتصار مثير أمام منتخب مدغشقر بثلاثة أهداف لهدفين.
ففي محيط ملعب “موي كاساراني”، رفرفت الأعلام الحمراء والخضراء خفاقة في أيدي مئات المشجعين المغاربة ممن غمرتهم فرحة التتويج. وإذا كان التاريخ سيحتفظ للمغرب بصفحة مشرقة جديدة في سجله الكروي، فإن نيروبي ستستحضر طويلا تلك الليلة التي تحولت فيها إلى مسرح اعتلى منصته المشجعون الكينيون ليعزفوا على إيقاع الفرح نفسه، في تعبير صريح عن إعجابهم بالمغرب والمغاربة.
وقد وجد المشجعون المغاربة، الذين تزينوا بألوان العلم الوطني وجاؤوا من مختلف ربوع كينيا، ومن تنزانيا وأوغندا ودول إفريقية مجاورة، فضلا عن المغرب، في تفاعل الجماهير الكينية معهم صدى لحماسهم الكبير. فقد شاركهم هؤلاء نشوة الانتصار، منبهرين بأسلوب لعب “أسود الأطلس” وبظفرهم بلقب البطولة، إلى جانب الأداء المتميز الذي بصموا عليه طيلة 29 يوما من المنافسات.
وفي هذا الصدد، قال أحد المشجعين الكينيين وهو ي قل ب وجهه هنا وهناك أملا في العثور على علم مغربي آخر لرفعه بفخر، “لقد شرفتمونا في كأس العالم، أنتم أسياد كرة القدم الإفريقية”.
وفي أجواء من التناغم الفريد، صدحت حناجر المغاربة والكينيين بالأغاني ذاتها، ورقصوا على الإيقاعات نفسها، مما حول ملعب كاساراني إلى ملعب مغربي مفتوح على الهواء الطلق. في هذا المكان كانت الهتافات تتردد، وهناك كان ينادى باسم حكيمي، وعلى بعد خطوات ارتفعت النداءات باسم المنتخب الوطني.
هذا حال جوزيف، شاب كيني توشح العلم المغربي، معتبرا أن “المنتخب المغربي يلعب على أرضه، لقد رقصنا جميعا على نفس النغمة. لقد دعم الكينيون كلهم أسود الأطلس هذه الليلة”. وإلى جانبه، كان مشجعون مغاربة آخرون يرفعون عقيرتهم فرحا، لدرجة أن أصواتهم بح ت. وهناك فئة أخرى تكاد لا تستوعب المشاعر التي تعتريها رددت بلا كلل: “يحيا المغرب، نحن أسياد كرة القدم الإفريقية”.
ويعكس الملعب المملوء عن آخره في كاساراني الحماس الذي يصحب المنتخب الوطني حيثما حل وارتحل، حتى أن اللاعبين، الذين أنهك اللعب أجسادهم، بدوا كأنهم ينشطون من عقال بفضل شرارة الفرح الغامرة التي طبقت الآفاق، فانضموا إلى المشجعين المغاربة في سعيهم لتخليد تلك اللحظة.
يرى الكثيرون أن ما حققه المغرب يكتسي صبغة الإنجاز الإفريقي الباهر، كيف لا والمنتخب المغربي خبر جيدا كيف يكسب قلوب الجماهير خارج الحدود.
وإذا ما كانت الذاكرة الكروية القارية تحتفظ بالألقاب والإنجازات، فإنها تخلد أيضا براعة وأناقة أسلوب اللعب الذي أظهره المنتخب الوطني للمحليين بكل احترافية وإتقان. لقد استطاع المنتخب الوطني البصم على إحدى أجمل إنجازاته، وخل د لحظة من التآلف والانسجام ستظل راسخة في ذاكرة العلاقات المغربية-الكينية.
من المشجعين المغاربة من قطع آلاف الكيلومترات الفاصلة بين المغرب وكينيا لحضور المباراة عن قرب. كريم أحد هؤلاء، وقد سجل وهو مغمور بسعادة التتويج أن “مشاهدة المنتخب الوطني وهو يفرض نفسه ويقدم بطولة من مستوى عالي يعتبر حقا مفخرة حقيقية”.
بدوره، أعرب فيصل، أحد أفراد الجالية المغربية في كينيا، عن سعادته وهو يرى “أسود الأطلس” يتوجون باللقب، مضيفا “لم أتخيل أبدا أن أتي للعمل هنا وأشهد لحظة تاريخية كهذه لمنتخبنا”.
ولم يفوت مغاربة نيروبي الفرصة للتعبير عن امتنانهم العميق لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على العناية السامية التي ما فتئ جلالته يحيط بها الرياضة والرياضيين المغاربة.
يذكر أن “أسود الأطلس”، الذين سبق وت وجوا بلقب نسختي 2018 و2020، فرضوا سيطرتهم بفضل يوسف مهري (د 27) وأسامة لمليوي (د44، 80)، أفضل هداف في الدورة، والذي وقع ثنائية أجملها هدف الفوز الأنطولوجي من منتصف الملعب.
أما هدفي مدغشقر فوقعهما كل من فيليسيتي مانتاسوا (د 9) وتوكي راكوتوندرايبي (د 68).
وعاد المركز الثالث في هذه الدورة إلى المنتخب السنغالي، الذي تغلب يوم الجمعة في مباراة الترتيب على نظيره السودان بضربات الترجيح 4-2، بعدما انتهى الوقت القانوني بالتعادل 1-1.
