إحداث “هيئة مستقلة” للانتخابات بالمغرب يصطدم بتحدي القدرات اللوجستية

الجمعة 5 سبتمبر 2025 - 09:42

الرباط – لم تكن مذكرات عدد من الأحزاب السياسية حول مراجعة المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات التشريعية المقبلة لتغفل عن مسألة الجهة المخول لها الإشراف على هذه المحطة السياسية، إذ تطرقت إليها من زوايا مختلفة، بين التي دعمت الإبقاء على كافة الصلاحيات في يد وزارة الداخلية، وبين التي حرّكت، من جديد، مطلب إحداث هيئة مستقلة.

وورد هذا المطلب الأخير بالتحديد ضمن مذكرتي حزبي “فيدرالية اليسار الديمقراطي” و”الاشتراكي الموحد”، في حين عبّر حزب التقدم والاشتراكية عن دعمه إشراف وزارة الداخلية على المحطة الانتخابية المقبلة؛ لكن إلى جانب هيئة تتكون من الأحزاب السياسية وقادتها وطنيا وإقليميا. أما حزب العدالة والتنمية فأقر بالمسؤولية المحورية لوزارة الداخلية في عملية تنظيم الانتخابات، رغم أن إشرافها عليها “لم يخل يوما من سلبيات”.

وإذا كانت بعض الدول بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لجأت في أوقات سابقة إلى إحداث هيئة وطنية مستقلة تتكلف بالإعداد والإشراف على عملية الانتخابات فإن اعتماد هذه الخطوة في المغرب يصطدم، وفق محللين، بالامتداد الترابي والقوة التنظيمية لوزارة الداخلية، التي تشرف منذ سنوات على تدبير مختلف المحطات الانتخابية.

ويشير هؤلاء المحللون إلى أن “ذلك لا يعني وقف النقاش بشأن الجوانب التنظيمية، بل يبرز أهمية التوجه نحو معالجتها، ومحاولة ملاءمة تدبير العملية الانتخابية مع الواقع الجديد، ولاسيما رقمنة هذه العملية وضمان حق المتنافسين في المراقبة وسهولة الولوج إلى المحاضر والمعلومات عموما”.

رضوان اعميمي، أستاذ القانون الإداري بجامعة محمد الخامس بالرباط، يرى أن “النقاش حول الجهاز المشرف على العملية الانتخابية صحي، لكن يجب أن يكون أكثر عقلانية، خاصة أن هناك مجموعة من المعطيات والمداخل التي تجعل وزارة الداخلية الجهاز القادر تقنيا ولوجستيا وميدانيا على الإشراف على سلامة العملية الانتخابية”.

وقال اعميمي، في تصريح لهسبريس، إن “السلطة القضائية لها أيضا مجال مهم للتدخل، سواء خلال وضع اللوائح والقيد بها أو من خلال مراقبة شرعية العملية الانتخابية عبر الطعون”، مفيدا بأن “المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وكذا المراقبة المستقلة، لهما دور في ضمان نزاهة العملية الانتخابية”.

واستدرك المتحدث ذاته: “إلا أن هذا لا ينفي الحاجة إلى تجويد هذه العملية، خاصة من خلال تمكين الأحزاب السياسية من آلية للمواكبة والتتبع والرصد في جميع مراحل العملية الانتخابية، حفاظا على حياد الإدارة، كما أكده الدستور والقوانين الانتخابية”.

ونبّه الأستاذ الجامعي إلى “عدم إغفال معطى مهم يتعلق بالضمانات التي تحرص عليها المؤسسة الملكية لحماية المشروعية الانتخابية، من خلال الأوامر والتوجيهات التي توجهها إلى وزارة الداخلية وجميع المتدخلين في العملية الانتخابية”.

ومع ذلك، يؤكد المصرح، “فإن هذا النقاش لا يمكن أن يحجب الحاجة إلى مناقشة جوانب تنظيمية لا تخلو من أهميتها، خاصة إمكانيات رقمنة العملية الانتخابية، بالقدر الذي يضمن لجميع المتنافسين إمكانيات المراقبة والتتبع وسهولة الولوج إلى المحاضر والمعلومات عموما”.

من جانبه أكد حفيظ زهري، باحث في الدراسات السياسية والدولية، أن “الرأي العام المغربي تعوّد على هذا النقاش قبيل كل انتخابات تشريعية، إذ تطرح مجموعة من الأحزاب السياسية المحسوبة تحديدا على اليسار الجذري فكرة منح الإشراف على هذه الانتخابات لهيئة مستقلة”.

وقال زهري، في تصريح لهسبريس، إن “بعض هذه الأحزاب تطرح هذا المطلب في شكل مزايدات سياسية فقط، رغم علمها أن وزارة الداخلية، بقدراتها اللوجستية والبشرية والتقنية، تبقى الجهة القادرة على تدبير ملف الانتخابات من ألفه إلى يائه”، وتابع: “تحاول هذه الأحزاب السياسية ممارسة ضغوط على وزارة الداخلية من أجل كسب نزاهتها وحيادها الإيجابي”، مبرزا أن “المذكرات التي طرحت، إلى حدود الساعة، ركزت على هذه النقطة بشكل طفيف، باستثناء حزبين تبنّيا إقرار هيئة مستقلة تشرف على العملية ككل”.

وبحسب المتحدث ذاته فإن “الوصول إلى مرحلة اعتماد هيئة مستقلة للانتخابات يبقى صعبا جدا، بالنظر إلى القوة التنظيمية والامتداد الترابي اللذين تفرضهما وزارة الداخلية، وبفعل صعوبة التوافق بين الأحزاب السياسية حول تشكيل هذه الهيئة، في حال التوجه نحو اعتمادها”.

Loading

مقالات ذات صلة

الأربعاء 3 سبتمبر 2025 - 09:03

فشل معركة البوليساريو ضد استثمارات فرنسا بالداخلة يعزز مغربية الصحراء

الثلاثاء 2 سبتمبر 2025 - 16:54

مصدر مسؤول يستبعد الأخذ بمقترح الرفع من عدد مقاعد مجلس النواب

الإثنين 1 سبتمبر 2025 - 09:51

قمة “سادك” تنتهي بإقبار حلفاء المغرب دسائس محور الجزائر- بريتوريا

الجمعة 29 أغسطس 2025 - 13:54

هل يخرُج ملف الصحراء من اللجنة الأممية الرابعة ؟ .. إمكاناتٌ تتجاوز العقبات ..