بدا واضحا في الأيام القليلة الماضية أن بعض الجهات الداعمة للطرح الانفصالي في الصحراء داخل الجزائر وخارجها قد وجدت في منصات التواصل الاجتماعي أرضا خصبة لمحاولة استثمار الأشكال الاحتجاجية الشبابية بالمغرب في إطار احتجاجات “جيل زد” المطالبة بإصلاح قطاعي الصحة والتعليم، لبث خطاب تحريضي يستهدف الأقاليم الجنوبية.
ودعت حسابات وصفحات مشبوهة “انفصاليي الداخل” إلى النزول إلى شوارع مدن الصحراء المغربية وركوب موجة هذه الاحتجاجات في توقيت محسوب يُراد له أن يربط بين مطالب اجتماعية مشروعة وأجندات سياسية وانفصالية مأزومة.
هذا التحريض الرقمي ليس معزولا عن ما صرح به المسمى “إبراهيم غالي”، زعيم “البوليساريو” في تندوف، أواسط شهر يوليوز الماضي، في كلمة على هامش الدورة العادية للأمانة العامة لهذه الجبهة الانفصالية، حين أثنى على ما سماه “نضالات جماهير انتفاضة الاستقلال في الأراضي المحتلة وجنوب المغرب والمواقع الجامعية”، بتعبيره، في محاولة لخلق أزمات في الداخل المغربي تكشف أن هذا التنظيم لا يرى في صوت الشباب سوى وقودا لخطاب فقد صداه منذ عقود.
x محتوى اعلاني
وتتزامن دعوات التحريض هذه عبر قنوات مرتبطة بـ”البوليساريو” أيضا مع اقتراب انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولية حول تطورات الوضع في الصحراء، التي يُتوقع أن تحمل جديدا في ملف النزاع المفتعل حول الوحدة الترابية؛ وهو ما يعيد إلى الأذهان محاولات سابقة مشابهة من جانب رعاة الانفصال للضغط على المغرب بالورقة الاحتجاجية في الأقاليم الجنوبية، على غرار الحملة التحضيرية التي أطلقها الانفصاليون للنزول إلى الشوارع تزامنا مع زيارة هورست كوهلر، المبعوث الأممي السابق إلى الصحراء، إلى مدينة العيون في أواخر يونيو من العام 2018.
من جهتها، استغلت وسائل إعلام جزائرية مشاهد احتجاجات الشباب المغربي لتحويلها إلى مادة خام للترويج لروايات مبالغ فيها، محاولة تصوير هذه الاحتجاجات كشرخ شامل متوهم في نسيج الوحدة الوطنية المغربية، وتحويل النقاش من ملفات اجتماعية واقتصادية مشروعة إلى رهانات سياسية خارجية لا علاقة لها بمطالب المواطنين المغاربة الذين كشفوا في تعليقاتهم عن كل هذه المحاولات اليائسة عن وعي وطني متقدم بطبيعة المخططات التي تستهدف بلادهم.
وعلق أحد المواطنين المغاربة عن الدعوات الانفصالية بالنزول إلى شوارع حواضر الصحراء المغربية قائلا: “نحن الشعب المغربي نتظاهر ونتناوش فيما بيننا؛ لكن حين يتعلق الأمر بالوطن نجتمع في كلمة واحدة تحت راية الوطن بشعار الله – الوطن – الملك”.
وتحت عنوان “رسالة إلى الخونة وأعداء الوطن”، علق آخر قائلا: “نقول للخونة، سواء من خارج الوطن أو من داخله، إننا لهم بالمرصاد. لقد انكشفت نواياكم الخبيثة، ونعلم تماما أساليب تواطؤكم وكيف يسعى خونة الخارج إلى التنسيق مع خونة الداخل”.
وأضاف المعلق ذاته: “لكن ليعلم الجميع أن المغرب حصن منيع، له رجاله الوطنيون الشرفاء، الذين لا يسمحون لأي خائن أو متآمر بالمساس بأمن الوطن ووحدته من طنجة إلى الكويرة”.