فاس – في خضم الحراك السينمائي الشبابي الذي يشهده المغرب، تبرز تجارب واعدة تحاول الخروج من عباءة النمطية لترسم ملامح جديدة للفيلم القصير.
أحدث هذه التجارب هو فيلم “الكوليادور”، المشروع الطموح للمخرج الشاب صلاح السمرطس، الذي يعد بتقديم وجبة بصرية تجمع بين “نوستالجيا” المكان وواقعية الطرح الاجتماعي، والمقرر عرضه الأول في الأسبوع الثاني من شهر دجنبر المقبل.
سينما الهامش والمركز .. رؤية إخراجية أكاديمية
لا يأتي “الكوليادور” من فراغ، بل هو نتاج رؤية مخرج تشبع بأبجديات الفن السابع داخل أروقة المعهد المتخصص في مهن السينما بورزازات (ISMC).
يبدو أن السمرطس يحاول في هذا العمل توظيف تكوينه الأكاديمي لخدمة السرد الشعبي، في معادلة صعبة تمزج بين الصرامة التقنية والعفوية الجماهيرية.
بعد أكثر من أربعة أشهر من التحضيرات الشاقة وجلسات التصوير المكثفة، يخرج الفيلم من غرفة المونتاج ليقدم توليفة درامية تتأرجح بذكاء بين الجدية والكوميديا السوداء، مما يعكس نضجاً في التعامل مع السيناريو الذي لا يكتفي بالإضحاك، بل يغوص في العمق الاجتماعي.
جغرافية الروح .. فاس، مكناس، وصفرو كأبطال للعمل
ما يميز “الكوليادور” ليس فقط قصته، بل استثماره الذكي في “جماليات المكان”. يخرج الفيلم من ضيق الاستوديوهات ليعانق رحابة جهة فاس مكناس. من أزقة فاس العتيقة التي تفوح بعبق التاريخ، إلى شموخ مدينة مكناس، وصولاً إلى بساطة وجمال مدينة صفرو.
هذا التنوع الجغرافي ليس مجرد خلفية للأحداث، بل هو عنصر درامي يعزز الهوية البصرية للفيلم، ويعمق شعور الانتماء للجهة، مانحاً العمل صبغة توثيقية فنية تتجاوز مجرد الحكي التقليدي.
إنتاج تضامني ورهان على “الويب”
في زمن أصبحت فيه المنصات الرقمية هي صالات العرض الجديدة، اختار السمرطس قناته على “يوتيوب” لتكون نافذته على العالم. هذا الخيار يعكس وعياً بآليات التوزيع الحديثة ورغبة في الوصول المباشر للجمهور دون وسطاء.
ولعل من نقاط القوة التي ارتكز عليها هذا العمل هو الدعم النوعي الذي تلقاه، متمثلاً في شخصيات مدنية وازنة مثل الفاعل الجمعوي الحاج محسن الأزمي، إضافة إلى الشراكة مع المعهد المتخصص في اللغة الألمانية (Mleben).
هذه التوليفة بين الدعم المدني والمؤسساتي تؤكد الثقة في موهبة السمرطس وقدرته على تقديم منتج فني يليق بتطلعات الداعمين والجمهور.
ترقب وانتظار
مع اقتراب موعد العرض، تتجه الأنظار صوب قناة “صلاح السمرطس”، حيث يطمح المخرج من خلال “الكوليادور” ليس فقط لتحقيق أرقام مشاهدات قياسية، بل لحجز مقعد له بين كبار صناع الفيلم القصير في المغرب. إنه اختبار حقيقي لموهبة شابة قررت أن تحمل الكاميرا لتروي حكايا مدننا بصوت وصورة مختلفين.
ترقبوا العرض الأول لفيلم “الكوليادور” بداية الأسبوع الثاني من دجنبر على منصة يوتيوب.
مملكتنا.م.ش.س
![]()



