إقليم برشيد ــ رغم التحسن الملموس في مردودية أشجار الزيتون على مستوى إقليم برشيد خلال الموسم الفلاحي الحالي، فإن أثمنة تسويق زيت الزيتون تواصل ارتفاعها. وبناء عليه، فإن معادلة الطلب والعرض في سلسلة زراعة الزيتون تشهد مفارقة كبرى، حيث إنه بالرغم من التحسن الملموس الذي طبع مردودية أشجار الزيتون بالإقليم، فإن الأثمنة لاتحتكم لما يمليه قانون السوق، إذ تتجاوز ارتفاعاته بشكل ملحوظ كافة التوقعات.
فمن خلال رصد واقع زراعة الزيتون بهذا الإقليم يتضح أن الطابع السقوي هو الغالب على نظام الري، حيث تمثل المساحة المسقية بهذا الإقليم 1851 هكتارا، أي بنسبة 75% من أصل نحو 2389 هكتارا مخصصة أساسا لهذه الشجرة المباركة المتعددة الفوائد والمنافع.
وحسب حسن سعد زغلول المدير الإقليمي للفلاحة، فمن المتوقع أن يفوق الإنتاج خلال الموسم الفلاحي الحالي 14000 طن من الزيتون، بمعدل مردودية يناهز 5.7 طن في الهكتار الواحد، مشيرا إلى أن هذه الإنتاجية قد تصل إلى سبعة من الأطنان للهكتار الواحد بالمساحات المسقية، أخذا بعين الاعتبار طبيعة أصناف الزيتون المزروعة.
في هذا الصدد أفاد المتحدث، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الأصناف المحلية (البيشولين والحوزية و المنارة،…) تشكل نسبة تفوق 80 % من الأصناف المزروعة على مستوى إقليم برشيد، بينما لا تتعدى الأصناف الأجنبية (الأربكوين وبيكوال والأربوزانا،…) نسبة 20 %.
وعلى العموم، تشير المعطيات – على حد قوله – إلى أن مردودية هذه السنة تبقى مرتفعة مقارنة مع ما تم تسجيله خلال الموسم الفلاحي الماضي، هذا بالرغم من كون التوقعات الاستباقية كانت تشير إلى أن إنتاجية الموسم الجاري قد تكون أفضل من ذلك بكثير لولا شح التساقطات التي عرفها الإقليم خلال شهري مارس و أبريل. وأوضح السيد زغلول أن ض عف التساقطات المطرية هذا أثر بشكل كبير على حقول الزيتون التي عانت من الإجهاد المائي خلال فترة تكوين الأزهار، فضلا عن توالي فترات الجفاف خلال سنتين متتاليتين مما أثر سلبا أيضا على مخزون الماء في الآبار الموجهة للري.
وفي ما يخص عملية تثمين سلسة زراعة الزيتون بالإقليم، فإن الإنتاج الموسمي يوجه في غالبيته للمعاصر من أجل استخلاص زيت الزيتون، حيث يضم إقليم برشيد 7 وحدات عصرية مرخصة من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية من أجل استخلاص زيت الزيتون.وفي هذا الصدد، فان متوسط مردودية الزيت يتراوح ما بين 12 و 14 لترا لكل 100 كلغ من الزيتون، مما أدى إلى ارتفاع الأثمان هذه السنة بشكل فاق كل التوقعات، إذ يتراوح الثمن ما بين 90 و 100 درهم للتر الواحد.
وللاقتراب أكثر من هذا الوضع، تم الوقوف خلال جولة استطلاعية لإحدى الضيعات الفلاحية بأولاد زيان بإقليم برشيد على مختلف المراحل التي يتم سلكها منذ إعداد شجرة الزيتون في المشتل وتخصيبها إلى أن يكتمل نموها ونضجها، مرورا بفترة الإنبات بالبيوت البلاستيكية وصولا إلى مرحلة التلقيم أو التطعيم لتكثيف إنتاجيتها وتأمين تكاثرها.
وبالمناسبة، أكد شكيب الحديوي صاحب هذه الضيعة النموذجية بمعية الأطقم التقنية الساهرة عليها، أن إنتاجية الزيتون هذه السنة عرفت تحسنا ملموسا مقارنة بالسنوات الفارطة وكذلك الشأن بالنسبة للزيوت، إذ تصل حمولة ثمار الشجرة المتوسطة ما بين 15 و 20 كلغ، ونسبة الزيوت 25 في المائة.
وأشاروا إلى أن القنطار الواحد قد يصل معدل إنتاجيته من 22 إلى 25 لترا من الزيوت، مؤكدا أن هذه المردودية تختلف باختلاف أنواع الزيتون، حيث إن الزيتون البلدي أو المحلي من قبيل (البيشولين والحوزية و المنارة،…) يعطي ما بين 14 و16 لتر في القنطار، أما الأصناف الأخرى المستوردة بما فيها الأربكوين وأربوصانا وكورونيكي قد تصل إنتاجيتها إلى 25 لترا في القنطار.
وخلصوا إلى أن تحسن المردودية على مستوى هذه الضيعة النموذجية، التى تمتد على مساحة 80 هكتارا ( 75 في المائة منها مخصصة للزيتون)، رهين بمجموعة من الإجراءات العملية التي تبدأ على مستوى المشتل بحسن انتقاء الشتلات من الأشجار المثمرة وقطع منها 16 سنتيما ليتم تزويدها بمواد للتخصيب لمساعدتها على إخراج الجذور والإنبات في ظرف 60 يوما حتى تتغذى بما يلزمها من السماد الطبيعي (العضوي) والكيماوي (البور البوتاس ولامونيترات)، وحتى تخضع لعمليات السقي بالتنقيط الذي يعتمد فيه على الطاقة الشمسية.
وبعد نقلها على مستوى الحقل، يتم اتباع مسار تقني متطور من حيث تحديد كثافة ونوعية الأشجار المزمع غرسها وكل عمليات الصيانة من تقليم وتسميد والمعالجة الكيماوية ضد الأمراض الطفيلية، لتتم بعد ذلك مباشرة عملية الجني بتقنيات ملائمة للمحافظة على استمرارية إنتاجية أشجار الزيتون.
وحسب الخبراء في مجال التغذية، تبقى فوائد زيت الزيتون الطازج كثيرة ومتعددة، خاصة إذا كانت الزيوت بكرا وذات جودة عالية (أي تحتوي على نسبة عالية من البوليفينولات)، حيث تساهم في الحد من مخاطر أمراض القلب وتساعد على تنظيم نسبة الكوليسترول في الجسم وتكافح الجلطات والنوبات القلبية، فضلا عن مساهمتها في ليونة الجلد وتقوية الشعر وكذا علاج فقر الدم ودعم الجهاز الهضمي وتقليل الالتهاب.
مملكتنا.م.ش.س/و.م.ع