العاهل المغربي يؤكد على أهمية توزيع الثروة وانتشال الفقراء من دائرة التهميش والتركيز على أولوية إصلاح القضاء والإدارة ومحاربة الفساد.
أكد العاهل المغربي أن المغرب قادر على اللحاق بالدول الصاعدة من خلال تطوير الموارد البشرية وزيادة قدرتها التنافسية والتركيز على إصلاح القضاء والإدارة ومحاربة الفساد. وشدد على أهمية مبدأ العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة وانتشال الفقراء من دائرة التهميش والفقر، إضافة إلى تحصين المكاسب المتحققة ومعالجة الخلل والتركيز على دور المغرب في استقرار وتنمية أفريقيا.
قال العاهل المغربي، محمد السادس، إن المغرب لديه جميع المؤهلات التي تمكنه من اللحاق بركب الدول الصاعدة، وأن ما حققه المغرب في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، سيساعده على ذلك.
وأشار خلال خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى 61 لثورة الملك والشعب ضد الاستعمار الأجنبي إلى أن التراكمات التي حققها المغرب أكسبته الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي إلى جانب الشراكات الاستراتيجية التي أبرمها مع بعض الدول مثل روسيا والصين.
وقال إن السنوات المقبلة تبقى حاسمة لتحصين المكاسب والوقوف عند المعوقات.
لكنه انتقد الوضع القائم متسائلا، “كيف يمكن للأغنياء أن يستفيدوا من النمو المتحقق فيما يبقى الفقراء في الحرمان والتهميش؟” وأشار إلى أن “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية” التي أطلقها منذ سنوات من أجل انتشال الفقراء من دائرة التهميش والفقر.
وقال العاهل المغربي: إن “الاقتصاد المغربي إما أن يكون صاعدا، بفضل مؤهلاته، وتضافر جهود مكوناته، وإما أنه سيخلف موعده مع التاريخ”.
وأضاف، “لقد بلغ نموذجنا التنموي مرحلة من النضج، تجعله مؤهلا للدخول النهائي والمستحق ضمن الدول الصاعدة وأن السنوات القادمة ستكون حاسمة لتحصين المكاسب، وتقويم الاختلالات، وتحفيز النمو والاستثمار”.
وأكد أن “كسب رهان اللحاق بركب الدول الصاعدة ليس مستحيلا، وإن كان ينطوي على صعوبات وتحديات كثيرة”. وعبّر عن ثقته في القدرات البشرية لسكان المغرب على النهوض بتنمية بلادهم، ورفع تحديات دخولها نادي الدول الصاعدة”.
وشدد الملك محمد السادس على ضرورة دعم تنافسية الشركات المغربية، خاصة التي تصدر منتوجاتها إلى الأسواق الدولية، لكنه أقر بوجو معوقات ناتجة عن “تشتت وضعف النسيج الصناعي ومنافسة القطاع غير المنظم”. وقال إن “الوضع يتطلب تطوير مجموعات ومقاولات قوية، تعزز مناعة الاقتصاد الوطني، سواء لمواجهة المنافسة الدولية، أو من أجل تطوير شراكات مع المقاولات الصغرى للنهوض بالتنمية على المستوى الوطني”.
وأقر أيضا بأن اللحاق بركب الدول الصاعدة لن يتم إلا بمواصلة تحسين مناخ الأعمال، ولاسيما من خلال المضي قدما في إصلاح القضاء والإدارة ومحاربة الفساد، التي قال إنها “مسؤولية المجتمع كله، وليست حكرا على الدولة لوحدها”.
وشدّد على ضرورة “تعزيز الدور الاستراتيجي للدولة في الضبط والتنظيم والإقدام على الإصلاحات الكبرى، لاسيما منها أنظمة التقاعد والقطاع الضريبي والسهر على مواصلة تطبيق مبادئ الحكامة الجيدة، في جميع القطاعات”.
وأكد على أهمية الموارد البشرية في تحقيق النهوض الاقتصادي والارتقاء بالمغرب إلى مصاف الدول الصاعدة.
وقال إن “توفير الموارد البشرية المؤهلة يعد أساس الرفع من التنافسية، للاستجابة لمتطلبات التنمية وسوق العمل ومواكبة التطور والتنوع الذي يعرفه الاقتصاد الوطني”.
وأشار إلى الدور الهام الذي تلعبه سياسة الانفتاح الاقتصادي التي ينتهجها المغرب في دعم مكانته كمحور للمبادلات الدولية، إضافة إلى أهمية الدور المغربي في تطوير التعاون من أجل ضمان الأمن والاستقرار والتنمية في أفريقيا. وأوضح العاهل المغربي أن بلاده تعتبر ثاني أكبر مستثمر في أفريقيا، كما ترتبط بشراكات مثمرة مع الدول العربية، خاصة مع دول مجلس التعاون الخليجي ومع دول أفريقيا جنوب الصحراء.
وأشاد بالروابط الاقتصادية المتينة بين المغرب وأبرز الكتل والقوى الاقتصادية العالمية، مشيرا إلى “الوضع المتقدم” مع الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى “اتفاقيات التبادل الحر مع عدد كبير من الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة، والشراكة الاستراتيجية التي يعمل المغرب على تعميقها مع روسيا، إضافة إلى الشراكة التي هي بصدد البلورة مع الصين”.
وأكد حرصه على “تلازم التنمية الاقتصادية مع النهوض بأوضاع المواطن المغربي”. وقال: “إننا لا نريد مغربا بسرعتين: أغنياء يستفيدون من ثمار النمو، ويزدادون غنى وفقراء خارج مسار التنمية، ويزدادون فقرا وحرمانا”.
وكان البنك الدولي قد أكد هذا الأسبوع أن المغرب يملك فرصة حقيقية لتعزيز رأس المال المؤسساتي والحكامة الاقتصادية وخلق شروط مجتمع منفتح من أجل اقتصاد أكثر ازدهارا وإدماجا وصلابة.
وأكد أن الثروة الحقيقية للفرد المغربي تفوق المتوسط المسجل في معظم بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتنافس المعدل المسجل في البلدان متوسطة الدخل.
وقال المسؤول بالبنك الدولي، سايمون غراي، إنه بإمكان المغرب تحقيق إنجازات كبيرة فيما يتعلق بزيادة الإنتاجية وتسريع وتيرة النمو الاقتصادي واللحاق بالدول المتقدمة.
وأوضح أن الأمر يتعلق بتطوير القدرة التنافسية والتنمية المستدامة، التي تدمج قطاعات السكان في النشاط الاقتصادي، وخاصة الشباب والنساء، والمضي نحو مستقبل أخضر ومتماسك وتعزيز الحكامة ودعم المؤسسات من أجل خدمات أفضل للمواطنين.
وأكد أن التحدي “الرئيسي” الذي ينبغي رفعه لزيادة ثروة المغرب هو تطبيق مبادئ الحكامة الجيّدة من قبل المؤسسات المغربية، خاصة احترام قواعد القانون والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وسجل المغرب خطوة كبيرة نحو تعزيز دوره كمركز مالي إقليمي في قارة أفريقيا بتوقيع عدد من الاتفاقات بين المؤسسات المالية العالمية، في مسعى لزيادة دوره في جذب الاستثمارات إلى المغرب وعموم قارة أفريقيا.
وأصبح أحد أبرز الملاذات الآمنة للاستثمارات العالمية، حيث تتدفق عليه الاستثمارات في كافة القطاعات الصناعية والتجارية والصناعية. كما تمكن بفضل ذلك من أن يصبح بوابة لا غنى عنها للاستثمار في قارة أفريقيا.