المغرب يمثل حجر عثرة أمام اكتمال اجتياح التنظيمات الجهادية للمنطقة الأفريقية حيث يلعب دورا مهما في الحملة الخليجية والدولية ضد هذا ‘السرطان’.
ناقوس الإنذار الذي دقّه الخبراء محذّرين من تغلغل التنظيمات الإرهابية في المنطقة العربية، مستهدفة أكثر المناطق التي استعصى عليها اختراقها، وعلى رأسها المغرب، دفع الرباط إلى تبنّي استراتيجيات شاملة وبناء دفاعات متينة تعتمد على الأمن الذاتي الداخلي والاتفاقيات الثنائية والدولية بما يساعد على تحصين المملكة المغربية، اقتصاديا واجتماعيا، من ورم الإرهاب.
يقوم المغرب، الذي يساير تشريعه الداخلي كلّ الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، بتقديم تقارير دورية إلى لجنة الأمم المتحدة لمحاربة الإرهاب. وفي هذا الإطار، ينخرط المغرب انخراطا كاملا عن قناعة في جهود التعاون متعدد الأطراف والثنائي لمكافحة الإرهاب بكل أشكاله؛ ويدعم كل المبادرات المتخذة في إطار المنظّمة الأممية في هذا المجال، ويساهم بشكل كبير في الجهود الرامية إلى اعتماد اتفاقية أممية شاملة لمحاربة الإرهاب.
وطوّر المغرب في إطار حربه الاستباقية على الخطر الإرهابي دينامية هامة مع شركاء له من مختلف دول المنطقة الأفرقية والعربية، وأيضا دول العالم، في التكوين وفي تقاسم المعلومات الاستخباراتية والتعاون العسكري؛ من ذلك توطيد الرباط لعلاقاتها مع دول الخليج العربي في إطار الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، خاصة وأن المغرب يعدّ من البلدان المهددة على المدى الطويل من خطر هذا التنظيم، الذي ينشط في صفوفه أكثر من ألف مغربي.
وكان محمد حصاد وزير الداخلية المغربي، قدّر عدد المقاتلين المغاربة في صفوف داعش بـ “أكثر من 1122 مغربيا، ويرتفع العدد إلى ما بين 1500 و2000 مغربي إذا ما أضيف المغاربة الذين التحقوا بالتنظيم في سوريا والعراق انطلاقا من أوروبا”. و”من بين 1122 مغربيا يقاتل هناك، توفي أكثر من 200 منهم، ورجع 128 منهم إلى المغرب وألقي القبض عليهم وفتح تحقيق معهم”.
هذا التهديد، فرض على المغرب، الذي ظلّ حجر عثرة أمام اكتمال اجتياح التنظيمات الجهادية للمنطقة الأفريقية، تكثيف الحصانة ضدّ هذا السرطان الذي نجح في التوالد، مستغلّا الظرف الأمني السيئ في بلدان الشمال الأفريقي والصراعات المتواصلة في الجنوب.
هذه الحصانة تحدّثت عنها الباحثة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، فيش ساكثيفل، في دراسة خصّت بها العلاقات بين المغرب ودول الخليج العربي والتعاون الشامل بينهما في إطار الحرب على الإرهاب، وحماية المغرب من خطره، وهو البلد الوحيد الذي لم ينجح المتطرّفون في الوصول إليه، نظرا لأنه لم يكن ضمن منظومة ما بات يعرف بـ”الربيع العربي”، وحدوده محصّنة ضدّ أي هجوم محتمل. رغم أن المملكة المغربية شهدت هجمات إرهابية في فترات سبقت “الربيع العربي”، على غرار تفجيرات الدار البيضاء 2003.