Advertisement
Advertisement

مبادرة الحكم الذاتي أساس الحل السياسي لنزاع الصحراء المغربية

الخميس 5 مارس 2015 - 12:31

 الحل السياسي لقضية الصحراء ليس ممكنا إلا ضمن تصور سياسي إداري ودستوري يسمح لسكان الصحراء بإدارة شؤونهم المحلية على مختلف المستويات ،أي في ظل احترام الوحدة الوطنية والترابية للبلاد، لأنّ هذا هو المدلول الفعلي، والغاية الممكنة، لعملية البحث عن الحل السياسي المتوافق عليه.

إن مفهوم الحكم الذاتي، هو الترجمة الفعلية لمبدأ تقرير المصير بالنسبة لجزء من ساكنة الصحراء الأصليين خاصة أولئك الّذين هجّروا قسرا منتصف السبعينات من قبل البوليساريو وتحت الإشراف الفعلي للمخابرات العسكرية الجزائرية الّتي تورّطت، منذ الأيام الأولى، للأزمة بشكل مباشر في هذا النزاع. 

هذا الحل هو ما يمكن الوصول إليه من خلال تطبيق خطة الحكم الذاتي الموسع للأقاليم المغربية الجنوبية في سياق توافقي يقطع مع الأحقاد التي تولدت عن الزج بعدد من أبناء المغرب في مخيمات تندوف، كما يقطع مع الأوهام التي غذتها السياسة الجزائرية حول إمكانية فرض الأمر الواقع على المغرب، خاصة أن الجزائر قد بادرت ومنذ الأشهر الأولى لافتعال النزاع إلى إعلان قيام دولة صحراوية “مزعومة” في خطوة تتخالف مع منطق الواقع، ومعطيات الجغرافيا السياسية للمنطقة.
ولم تتخل القيادة السياسية والعسكرية الجزائرية عن تغذية وهم قيام هذه الدولة من خلال المخصصات المالية الكبيرة التي رصدتها من ميزانيتها.
خطة الحكم الذاتي الموسّع جاءت كذلك لمراعاة التطورات التي نجمت عن طول أمد النزاع وتلبية للمطالب الأساسية لجزء من المواطنين المغاربة في الصحراء الذين نزحوا في ظروف معقدة باتجاه الجزائر أو ولدوا في المخيمات مما يسمح لهم بالعودة إلى أرضهم، في إطار دولتهم التي تنظمها أحكام دستورية وقانونية، تضمن لهم المشاركة السياسية وتؤمن لهم حقوق المواطنة كاملة غير منقوصة أسوة بإخوانهم في مختلف أقاليم المملكة.
وما تقديم وثيقة الحكم الذاتي باعتبارها أرضية للتفاوض إلا دليل على الحرص الكبير الذي يبديه المغرب لأن تكون لأبناء الصحراء كلمتهم المسموعة، في بلورة النّص النهائي لهذه الوثيقة التأسيسية حتى تكون متطابقة مع تطلعاتهم إلى بناء مغرب ديمقراطي موحد بفضل جهود مختلف مكوناته الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية.
غير أن الحل السياسي الممكن للنزاع والذي تضمنته مبادرة الحكم الذاتي الموسع للأقاليم الجنوبية تحت سيادة المغرب قد اصطدم مرة أخرى بموقف جزائري معرقل، يحاول تبرير عدائه للحل السياسي، المتفاوض عليه، بأنه لا يرى أي حل لقضية الصحراء إلا على قاعدة استفتاء تقرير المصير وانفصال الأقاليم الصحراوية عن المغرب والاعتراف بالدولة الصحراوية المزعومة. 
ولذلك، فإنّ الموقف الجزائري يبدو قائما على تأويل حصري لمفهوم تقرير المصير على اعتبار أنّه يعني الانفصال الناجز وإقامة دولة مستقلة في جنوب المغرب.
تنطلق الدبلوماسية الجزائرية من فكرة أنّ قضية الصحراء المغربية هي قضية تصفية استعمار. وعلى هذا الأساس، ترى أن الحل يكمن في ممارسة الحق في تقرير المصير الذي يعني عمليا الاستقلال عن الدولة “المستعمرة”. 
وهذا الموقف معاكس تماما لحقيقة واقع الصحراء التي تمت فيها تصفية الاستعمار عبر اتفاقية مدريد، الأمر الذي يجعل تواجد المغرب في صحرائه تواجدا سياديا على اعتبار أنّه قام باستعادة أقاليم اقتطعها الاستعمار الأسباني من أراضيه الوطنية في سياق تاريخي تميز بمواجهة المغرب لاستعمارين إثنين: الاستعمار الفرنسي في وسط المغرب والاستعمار الأسباني في شماله وجنوبه ، وهو أمر عقّد على المغرب مأمورية نضاله الوطني الذي كان عليه أن يكون على جبهتين في آن واحد.
ولذلك فإنّ المغرب لا يشاطر الجزائر في هذا التأويل الحصري، إذ يرى أن نظام الحكم الذاتي بعد فشل خطة تنظيم الاستفتاء في الصحراء باعتراف الأمم المتحدة ذاتها، هو الذي يشكل التجسيد الفعلي في هذه الحالة الخصوصية لمبدأ تقرير المصير؛ ذلك أن الحفاظ على الوحدة الترابية والوطنية للدول والشعوب حق سيادي غير قابل للرجوع فيه.
وقد استفاد المغرب من التحجّر والجمود الذي اتّسم بهما الموقف الجزائري الذي ظل متشبثا بفكرة تقرير المصير بمعناه الانفصالي الحصري، حتى بعد أن تجلّى تهافت هذا الموقف عندما فشلت خطّة الأمم المتحدة على مختلف المستويات، الأمر الّذي دفع مجلس الأمن الدولي إلى التخلي النهائي عنها والدعوة إلى إيجاد حل سياسي متفاوض عليه. 
حيث بلور المغرب خطة الحكم الذاتي التي طرحها كأرضية للتفاوض حول الحل، وهو ما اعتبرته القوى الفاعلة في المجتمع الدولي وفي مجلس الأمن تحديدا، اقتراحا جديا، ومبادرة هامة، تهدف إلى حلحلة الوضع والخروج من دائرة الجمود.
هذا الموقف أربك الدبلوماسية الجزائرية التي حاولت، في البداية، الالتفاف على المبادرة المغربية عبر الإيحاء بأنها مستعدة للتفاوض على أساسها، لكنّها بالمقابل أوعزت إلى قيادة البوليساريو الانفصالية بصياغة مقترح لا يخرج في مفرداته الجوهرية عن قاموس تقرير المصير بتأويله الحصري، وكأنّ تخلي الأمم المتحدة عن خطتها لا يعني شيئا بالنسبة للجزائر، بلّ وكأن الدعوة إلى حل سياسي لا يدل على إدراك المجتمع الدولي لطبيعة الطريق المسدود الذي انتهى إليه هذا التأويل الذي حاول إنكار كل تاريخ القضية والمبادرات السياسية التي عرفتها، بما في ذلك قبول المغرب بتقرير المصير.
مفهوم الحكم الذاتي، هو الترجمة الفعلية لمبدأ تقرير المصير بالنسبة لجزء من ساكنة الصحراء الأصليين خاصة أولئك الّذين هجّروا قسرا منتصف السبعينات .

مملكتنا .م.ش.س

Loading

Advertisement

مقالات ذات صلة

الإثنين 17 مارس 2025 - 10:13

توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين

السبت 15 مارس 2025 - 09:56

توقعات أحوال الطقس اليوم السبت

الجمعة 14 مارس 2025 - 10:47

توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة

الخميس 13 مارس 2025 - 10:40

توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس