التأمل التاريخي التحقيقي في إلتقاء الشرف والتصوف يكشف إقامة صرح الأمة والمجتمع والدولة المغربية.
قال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، مساء امس الخميس بالرباط، في مقاربته لموضوع “الشرف والتصوف في تاريخ المغرب”، إن التأمل التاريخي التحقيقي في التقاء هذين العنصرين يكشف أن الشرف والتصوف أقاما صرح الأمة والمجتمع والدولة المغربية.
وأبرز التوفيق في محاضرة بمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، على هامش معرض “المغرب الوسيط : امبراطورية بين إفريقيا وإسبانيا”، أن هذا الموضوع يطرح في المغرب أكثر من أي بلد آخر وهو مفتاح من مفاتيح الفهم العميق لتاريخ هذا البلد، مضيفا أن الشرف والتصوف “أقاما صرح أمة ومجتمع ودولة” وأن هذا العطف بين الأمة والدولة والمجتمع “ليس عطفا للتزيين الأدبي” بل لكونه بنية أساسية في تاريخ المغرب. ولاحظ أن هذين المكونين الأساسيين قلما يتم ربطهما بملامح بناء هذا المجتمع غير أنهما فاعلان عميقان في تاريخ المغرب.
وتطرق التوفيق إلى معنى الشرف وتأصيله في القرآن الكريم وكذا معنى التصوف وسيرورة تجذره بالمغرب قبل الانتظام في الطرق، الى جانب حديثه عن الأدوار التي اضطلعت بها الزوايا في نشر الاسلام وخاصة في إفريقيا وكذا الظروف التي قدم فيها المغاربة الشرفاء على مستوى الدولة.
وتوقف التوفيق عند تأصيل مفهوم الشرف في القرآن الكريم، وأكد أن الشرف “ليس اصطفاء مبنيا على العرق والدم والجنس بل هو مبني على تميز روحي”، مضيفا “ليس هنالك أي سمة عرقية أو دموية لهذا الشيء الذي نسميه بالشرف من ذرية الأنبياء وإنما هو سمو العدل على الظلم” .
وذكر بأن الإسلام قد حقق قطيعة في أمور كثيرة ومنها هذه القطيعة في التفاضل بين البشر، معتبرا أن “التميز هو فردي لجميع عباد الله” وأن الشرف مفهوم روحي يجمع بين الايمان والخلق.
وبخصوص مفهوم التصوف، فقد اعتبر التوفيق أنه “مسلك روحي قائم على نفس أساس العدل، عدل الإنسان مع نفسه ولا يكون الإنسان عادلا مع نفسه ومع غيره ومع الله تعالى إلا إذا زكى نفسه”، مضيفا أنه “آخر مسلك روحي قائم على أساس ديني يقوم على قيم وفضائل منها التمرس على التقوى والاخلاص لله وحده والتحقق بالتوحيد والاعراض عن زخارف الدنيا والعكوف على الذكر والصلاة”.
وأشار إلى أن التصوف يتميز في الإسلام بأمرين هما التقيد بواجبات الدين وأحكام الشريعة وبمحبة مقام الرسول الكريم، لافتا إلى أن هناك فرقا بين التصوف وما يسمى عادة بالروحانية التي توجد في أطراف وهوامش كل الديانات، والتي لا يقبلها الدين الاسلامي. من جهة أخرى، استعرض التوفيق السياق العام والظروف التي التقى فيها المغاربة بالشرفاء، والتي ترتبط بمقدم الأدارسة بعد انفتاح المغرب على الإسلام .
وذكر في هذا الصدد بأن قيام الأدارسة الأشراف بالمغرب كانت له نتائج سياسية تتمثل في ميلاد الدولة المغربية المستقلة عن الخلافة العباسية، وكذا نتائج دينية على مستوى المذهب السني، موضحا “لم نتحول إلى شيعة مذهبيين وعقائديين وسياسيين فثبت من منذ ذلك الوقت أن محبة المغاربة للشرفاء هي محبة تشرع لم تكن محبة تشيع وهذا مفترق من مفترقات التاريخ المغربي وتميزه عن تاريخ بلدان أخرى”.
السياق العام والظروف التي إلتقى فيها المغاربة بالشرفاء ، والتي ترتبط بمقدم الأدارسة بعد إنفتاح المغرب على الإسلام .
مملكتنا .م.ش.س